«يسار الكافيار».. هكذا يطلق على الوزراء الفرنسيين «المليونيرات» في الحكومة الاشتراكية، في وقت تواجه فيه فرنسا خفضا فى الإنفاق وبرامج تقشفية وارتفاع معدلات البطالة، مما اضطر الوزراء الفرنسيين إلى نشر تفاصيل حساباتهم المصرفية والعقارات والممتلكات ذات القيمة العالية، في إجراء يهدف إلى جذب الانتباه ورفع ثقة الفرنسيين، التي تدنت، في ساستهم، ولاحتواء الغضب الشعبي بعد فضيحة وزير الموازنة السابق جيروم كاهوزاك بعد إدانته بالاحتيال وبالاحتفاظ بحسابات مصرفية سرية.
وتسبب «كاهوزاك» في صدمة بعدما أقر بأنه احتفظ بنحو 600 ألف يورو في حساب مصرفي في سويسرا، بعد أن نفى ذلك مراراً. واستقال «كاهوزاك» من منصبه، ويجري التحقيق معه حاليا بتهمة التهرب الضريبي.
ولم تكن فضيحة «كاهوزاك» الأولى في إحراج الرئيس، فرانسوا هولاند، واتضح أن جون جاك أوجييه، المسؤول المالي السابق للحزب الاشتراكي، الذي يتزعمه، لديه استثمارات في شركتين في جزر كايمان، التي تعد ملاذا ضريبياً. وأضرت هذه الفضيحة بصورة «هولاند»، خاصة أن أوجييه كان مسؤولاً عن إدارة تمويلات حملة الانتخابات الرئاسية لـ«هولاند».
وأدت هذه الفضائح إلى تراجع شعبية «هولاند»، الذي أسعد اليسار عام 2007 بإعلانه كرهه للأثرياء، فحصل على لقب «الأسوأ» في الاستطلاعات، وأجبرت الفضائح الرئيس الفرنسي على إجراء تعديل وزاري لمواجهة مطالب المعارضة، إلا أنه سعى لاستعادة هيبته بالتأكيد على حزمه، وإعلان حربه على التجاوزات المالية والجشع والسرية المصرفية.
وسارع بعض الوزراء إلى تسليط الضوء على الحياة البسيطة التي يعيشونها، وقالت وزيرة الثقافة، أوريلي فليبيتي إن كل ما تمتلكه هو شقة مساحتها 70 متراً مربعاً تعيش فيها في باريس، في حين قال وزير الشؤون الأوروبية برنار كازينوف، إنه مازال يدفع أقساط شقته السكنية التي اشتراها بقيمة 500 ألف يورو، واللافت أن أغلب أعضاء الحكومة الفرنسية الـ38 مدينون ولديهم أقساط يسددونها لبنوكهم عن ممتلكاتهم العقارية.
وكان على قائمة الوزراء المدينين وزراء الداخلية، والثقافة، والشؤون الاجتماعية، والموازنة، والتربية، والدفاع. ويحتل وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، رأس قائمة الأثرياء في حكومة، جون مارك إيرو، بما يزيد على 6 ملايين يورو، تليه الوزيرة المنتدبة للمسنين بثروة تتجاوز 5 ملايين يورو، أما رئيس الوزراء فيأتي متأخرا بـ 1.5 مليون يورو.
واقتصرت ملكية وزير الاقتصاد والمالية، بيير موسكوفيتسي، على عقار ومبلغ مالي، وهو ما اعتبره الإعلام الفرنسي متناسباً وظروف التقشف التي تحتاجها فرنسا. وظهرت وزيرة البيئة والناطقة باسم الحكومة، من بين أقل الوزراء ملكية، إذ لا تملك الأولى عقارات، بينما اقتصرت ملكية الثانية على مدخرات محدودة.
وكشف استطلاع للرأي قام به المعهد الفرنسي للرأي العام «أن 60% من الفرنسيين يرون أن التصريح بالممتلكات إجراء ضروري لضمان الشفافية في الديمقراطية الحديثة»، في حين عبر 80% ممن شملهم الاستطلاع بأنهم «غير مهتمين بالاطلاع على ثروة الوزراء».