تعديل الدستور الجزائري.. مناورة نظام «بوتفليقة» لتفادي «الربيع العربي»

كتب: بسنت زين الدين السبت 20-04-2013 10:22

طرح النظام الجزائري جملة من الإصلاحات السياسية والقانونية منذ عامين كمناورة سياسية، غداة اندلاع ثورات الربيع العربي، خوفًا من انتقال عدوى الثورات إلى الشارع الجزائري، وأخر تلك الإصلاحات، تشكيل لجنة وطنية لتعديل الدستور الجزائري التي أثارت جدلاً واسعاً بين الأوساط السياسية، كونها جاءت قبل عام من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية التي تتزامن مع نهاية الولاية الثالثة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

واختار «بوتفليقة» لجنة لإعداد مشروع التعديل الدستوري، وهي المهمة التي يتولى مسؤولياتها رئيس الوزراء الأول عبدالملك سلال، وسط جدل ومخاوف من أن تمهد الطريق لترشيح الرئيس لفترة رابعة في ظل دعوات تطالبه بالترشح مجدداً للمنصب.

وأعلنت تشكيلات المعارضة السياسية، مبادرة للوقوف ضد ترشح «بوتفليقة» لفترة رابعة، رغم أن الأخير لم يعلن ذلك صراحة، مما دفع البعض إلى اقتراح تأجيل تعديل الدستور إلى ما بعد الانتخابات الرئاسة في أبريل 2014.

وتعتقد المعارضة أن التعديل إن تم تطبيقه قبل الانتخابات الرئاسية سيرهن حظوظ «بوتفليقة» في الترشح لولاية رئاسية رابعة، لأن المطلب الرئيسي للمعارضة هو تعديل المادة 74 من الدستور الحالي، وتحديد عدد الولايات الرئاسية بفترتين فقط، خلافاً لما تنص عليه المادة ذاتها بعد التعديل الدستوري الذي أقره بوتفليقة عام 2008، والذي لا يقيد عدد الولايات الرئاسية وتركتها مفتوحة، وهو ما سمح للأخير بالترشح 3 مرات على التوالي.

لى الجانب الآخر، أعلنت أحزاب موالية للسلطة الحاكمة ترحيبها بخطوة التعديل الدستوري، كونها مندرجة تحت محتوى الإصلاحات التي أمر بها رئيس الجمهورية.

وقد يتوجه «بوتفليقة» إلى ثالث تعديل دستوري منذ توليه سدة الحكم فى أبريل 1999، إذا تم إقراراه هذه المرة، وكان الأول في ديسمبر عام 2002 عندما قرر إدخال اللغة الأمازيغية التي يتحدث بها سكان منطقة القبائل كلغة وطنية في الدستور، والثاني في نوفمبر 2008، لإلغاء مادة دستورية كانت تعوق ترشحه لمدة رئاسية ثالثة فى الانتخابات، التى جرت عام 2009. وبدأت معالم الدستور المقبل ترتسم فى الأفق، خصوصاً ما يتعلق بطبيعة النظام السياسى، الذى يتعين تبنيه فى التعديل الدستورى المقبل، رئاسى أم برلمانى، فى ظل مؤشرات على ترجيح كفة النظام الرئاسى.

وتتكون اللجنة من 5 أشخاص، برئاسة عزوز كردون، الأستاذ الجامعي المتخصص في القانون الدولي، ومعه وزير العدل الأسبق غوثي مكام، والبرلمانية فوزية بن باديس، والبرلماني السابق بوزيد لزهاري، وأستاذ كلية الحقوق بالجزائر عبد الرزاق زوينة.

«تشكيل اللجنة من خبراء قانونيين يدل على عدم جدية الحكومة فى إجراء التعديلات الدستورية»، هكذا انتقد رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان مصطفى بوشاشي، طريقة تعديل الدستور، مؤكداً أن الأمر لابد أن يعتمد على مجلس تأسيسي أو على الأقل إشراك الأطراف السياسية.

ورأى عدد من المحللين والخبراء أن خطوة تعديل الدستور تفتقر إلى عنصر مهم، وهو العمل على تعديل النظام من داخله، وعدم الانخراط في طبخات سياسية على يد السلطة الحاكمة، لإضفاء شرعية على النظام بعد تصاعد وتيرة الانتقاد لأدائه السياسي في ظل تصاعد موجات الاحتجاج ضد الفقر وتفاقم معدلات البطالة والفساد السياسي المتفشي في أركان النظام.

وفي كل الأحوال، سيتولى «بوتفليقة» إقرار الصيغة النهائية لتعديل الدستور، وإن كان سيقدمه للاستفتاء الشعبي، أو يكتفي بتصويت غرفتي البرلمان (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة) في جلسة واحدة.