«إخوان سوريا».. حلم السلطة على «أنقاض» الثورة

كتب: غادة حمدي الجمعة 12-04-2013 22:07

تعتبر جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، الحركة الأقوى والأكثر تنظيماً من بين قوى المعارضة هناك، رغم أن قادتها عاشوا لسنوات طويلة في المنفي.

وفي الوقت الذي تبدو فيه الجماعة على استعداد للقيام بدور رئيسي في البلاد حال سقوط نظام بشار الأسد، يواجه الإخوان انتقادات متصاعدة من معارضين سوريين يتهمونهم بالهيمنة والسعي لـ«خطف الثورة» والاستفادة من دعم دول عربية وإقليمية، فيما تتعالي التحذيرات من مخاطر الانقسامات في صفوف المعارضة السورية، والتي قد تسهم في إطالة أمد الصراع الدموي في البلاد.

وتصاعدت حدة الانتقادات للجماعة منذ انتخاب «الائتلاف الوطني السوري» المعارض غسان هيتو، رئيساً للحكومة في 19مارس الماضي.

واعتبر العديد من المعارضين أن «الإخوان»، الذين يشكلون المكون الرئيسي في «المجلس الوطنى السوري»، ودولة قطر، هما اللذان فرضا «هيتو»، خاصةً أن الأمين العام للائتلاف مصطفى الصباغ تربطه علاقات قوية بقطر.

وكخطوة احتجاجية، علقت شخصيات ليبرالية بارزة عضويتها في الائتلاف، واتهم المعارض الليبرالي كمال اللبواني الجماعة بالسيطرة على الائتلاف، وبـ«شراء إرادة أعضائه من خلال المال القطري والتركي»، فيما سماه «شراء النفوذ»، بينما بعثت 70 شخصية معارضة برسالة إلى القمة العربية الأخيرة انتقدت فيها «سيطرة استبعادية يمارسها أحد تياراته على خياراته، في ظل هيمنة عربية وإقليمية فاضحة»، في إشارة إلى الإخوان وتركيا وقطر.

 

وفي المقابل، وصف المراقب العام لإخوان سوريا رياض الشقفة، الذي يعيش في تركيا، الاتهامات التي تتعرض لها الجماعة بـ«التافهة»، قائلاً إنه لا يعرف «السر وراء موسم الهجوم» على الإخوان، واعتبر ذلك «نوع من الهجوم الهادف لإضعاف الثورة السورية عبر تمزيق المعارضة».

ونفى «الشقفة» أن يكون للإخوان أي دور في اختيار أو دعم «هيتو»، مؤكداً أنه جاء عبر توافق داخل الائتلاف، كما نفى قيام الجماعة بدفع رئيس الائتلاف السوري المعارض معاذ الخطيب، للتقدم باستقالته.

واعتبر «الشقفة» أن الحديث عن سيطرة الإخوان على كل من المجلس والائتلاف غير صحيح، فتمثيل الإخوان في كل منهما يقل عن 10%، بحسب قوله.

ووفقاً لمصادر من داخل الائتلاف، زاد التوتر بين الإخوان و«الخطيب»، وهو إسلامي معتدل طرح عرضاً على الأسد للتفاوض بشأن رحيله، مما دفع جماعة الإخوان وحلفاءها لتشكيل حكومة مؤقتة في مسعى لتقويض «الخطيب»، الذي أعلن لاحقاً استقالته من الائتلاف.

وتأسست جماعة الإخوان المسلمين في سوريا عام 1942 كامتداد للجماعة التي نشأت في مصر، وشاركوا في العمل السياسي منذ عام 1946، لكن عندما تولى حزب «البعث» السلطة سعى إلى إضعاف الجماعة، فصدر قرار بحظرها عام1964.

وبلغت مواجهة الإخوان مع النظام السوري ذروتها عام1982، حينما سحق الرئيس الراحل حافظ الأسد انتفاضة الإخوان في «حماة» بحملة عسكرية حصدت بحسب بعض المراقبون نحو 40 ألف قتيل، حتى تم حظر الجماعة وفُرضت عقوبة الإعدام على كل من ينتمي إليها، وتم نفي معظم قادتها.

وفي بداية الاحتجاجات ضد بشار الأسد في مارس2011، اتسم موقف الجماعة بالحذر، حيث أحجمت عن المشاركة ولم تعلن دعمها للانتفاضة رسمياً إلا في أواخر إبريل، وشارك الإخوان في أكتوبر2011 في تشكيل «المجلس الوطني السوري» المعارض.

واعتبر معهد «كارنيجي» للشرق الأوسط، أن الجماعة استطاعت أن تستحوذ على ربع مقاعد المجلس تقريباً، بفضل تعدد الهيئات التي أقامتها في المنفى وخبرتها في العمل السياسي.

ويرى منتقدو الجماعة أنها «تسعى لحصاد ما بعد سقوط الأسد كما فعل نظراؤها في دول الربيع العربى.

ورأى «الشقفة» أن الإخوان في مصر يتعرضون لحملة مضادة مثل إخوان سوريا، لكنه تابع: «نحن لا علاقة لنا بما يحدث فى مصر أو تونس، نحن فقط ملتزمون بمصلحة بلادنا».

ويقول مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما الأمريكية، جوشوا لانديس، إن الإخوان يعتبرون أنهم «القادة الطبيعيون لسوريا، لكن هذه الثقة بالنفس تثير غضب المجموعات الأخرى»، مرجحاً أن ينتصر الإخوان في «معركة السلطة».

ويؤكد الإخوان أن مشروعهم «مدني» يقوم على احترام حقوق الإنسان، حيث أصدرت الجماعة في 25 مارس 2012 وثيقة «عهد وميثاق» حددت فيها الأطر العريضة لمفهومها لسوريا ما بعد سقوط النظام، داعيةً إلى بناء دولة مدنية حديثة ديمقراطية تعددية، لكن «لانديس» عبّر عن «شكوك قوية بأنهم يستخدمون الديمقراطية للوصول إلى السلطة، وعندما ينجحون سيستخدمون القوانين لإسكات منتقديهم».