وفى حواره مع «المصرى اليوم» يكشف نور الشريف عن رؤيته للمشهد السياسي في مصر حالياً، وكيفية الخروج من المأزق الذي نعيشه، وتفاصيل مسلسله الجديد «خلف الله» الذي أجرى الحوار وهو يرتدى ملابس هذه الشخصية.
■ في ظل مشهد سياسي مضطرب، كيف تستطيع مصر الخروج من هذا المأزق؟
- الصراحة هي السبيل الوحيد للمأزق الذى نواجهه حالياً، فالرئيس محمد مرسى يجب أن يراجع نفسه مع مستشاريه، ويخرج ليقول لنا الحقيقة، فإذا الشعب قال له كفى لن نتحمل، فيجب أن يرحل، وأعتقد أنه لو فعل ذلك سيكون هذا التصرف فى صالحه وصالح جماعة الإخوان المسلمين، لأنهم تركوا مركب «غرقانة»، كما أننى لا أفهم ما سبب تمسكهم بالحكم، ولا أعلم سبب صراع المعارضة، فنحن دولة تكبلها الديون واقتصادها منهار، وعملتها فى الأرض، لذلك لا أعلم لماذا كل هذه الحرب.
■ تقصد أن الصراحة هي الحل الوحيد؟
- أتمنى أن يكون صريحاً، فأنا مستاء مما أشاهده في القنوات الفضائية التي تدعي أن السياحة انتعشت، والاحتياطي ارتفع، ما كل هذا التخلف، في حين أنك «تبوس الجزم» للحصول على قرض البنك الدولي، وماذا يعني أن الدولار يقفز إلى 8 جنيهات، وأن تحدث كارثة الأزهر والكاتدرائية في الوقت نفسه؟ أتمنى أن أجد إجابة صريحة منهم، وأتمنى لو قال الصراحة يتم اتخاذ موقف حقيقي مبنى على عرض الأمر على الشعب، ويشرح له المدة التي يحتاجها لإنقاذ الاقتصاد، حتى لو وصلت إلى 7 سنوات، وأن نسبة التنمية سوف ترتفع بمعدل محدد خلال السنوات المقبلة، وأرجو أن يكون ذلك بشكل صادق بعيداً عن الكذب.
■ لكن مصر تعرضت لأزمات اقتصادية عقب الثورة مباشرة، خاصة منذ تراجع حجم الاحتياطي الأجنبى؟
- سبق أن قلت فى حوار على قناة «سى.بى.سى»: ما الذى يعطى الحق للمجلس العسكري والوزارات المختلفة في صرف الاحتياطي النقدي لحل مشاكل الشارع، لأن من سيأتي للحكم سيتسلم البلد «واقعة»، خاصة أن البلد دون قيادة حقيقية، فـ«عبدالناصر» مثلاً عندما كان يطلب «ربط الحزام»، فإن ذلك كان يحدث عن قناعة، رغم أن البعض يكره ذلك، لكن أغلبية الشعب كانت تفعله عن قناعة، لأنه يشاهد أمامه «سد عالي ومجمع للألومنيوم ومصانع للسيارات»، وأنا شخصياً كان راتبي 17 جنيهاً ونصف جنيه فى بداية تعيينى سنة 1967، بينما كان إيجار الشقة التى تزوجت فيها «بوسى» 25 جنيهاً، ثم خفضتها لجنة الإيجارات إجبارياً إلى 17 جنيهاً، وحصل منى صاحب العمارة فى ذلك الوقت على 250 جنيهاً لتشطيبها، وشهد على هذا العقد الممثل الكبير جمال إسماعيل، وكنت وقتها أعمل في مسلسل «القاهرة والناس» بأجر 12 جنيهاً، وبمعدل 4 حلقات في الشهر يعني المجموع 48 جنيهاً، ومرتبى من المسرح القومى 17.5جنيه، وتزوجت بهذا المبلغ.
■ هل كنت تتوقع أن نصل لما نحن فيه حالياً بهذه السرعة؟
- لا، عمرى ما تخيلت أن يكون الانهيار بهذه السرعة، وهذا السؤال لابد أن يسأله الإخوان لأنفسهم، ولابد من استيعاب فكرة الممارسة السياسية، لأن السياسة غير الدين.
■ كيف؟
- الدين أخلاق، والسياسة بلا أخلاق، فعندما تزوجت ابنة تشرشل قالت لوالدها تزوجت سياسياً وشريفاً، فقال لها هل تزوجت اثنين، وهذا يعنى أنهما لا يجتمعان.
■ هل توجد استثناءات لهذه القاعدة؟
- مستحيل، لأنك في السياسة تضارب على مصالح، لكن الدين مختلف لأنه علاقة بالخالق.
■ كيف ترى أداء حزب «الحرية والعدالة»؟
- أعتقد أن الإخوان يسيئون للرئيس، وأن هناك شرخاً نفسياً بينهما، ومن المؤكد أن الرئيس مرسي يشعر بعدم الرضا، تجاه المرشد والحزب.
■ لكن الإخوان يؤكدون أن النهضة قادمة رغم حالة الانهيار التي نعيشها؟
- أتمنى أن يكون ذلك حقيقياً وليس مجرد شعارات، ومن الممكن أن يكون لديهم سر، لكنى فى المقابل أرى أن مصر تباع برخص التراب، وهذا هو المخطط الذى جعلنى أشعر بالرعب.
■ ماذا تقصد بذلك؟
- هناك أجزاء بيعت فى مصر مثل البنوك، والغريب أنها بنوك عالمية، فهل هو مخطط خارجي لبيع 3 بنوك أجنبيه دفعة واحدة، والتحليل الغربي يوضح أنهم رفعوا الاستثمارات من مناطق قابلة للاشتعال، وكما قلت توجد مخططات عالمية، علينا أن نقرأ العالم، فالأموال هي التى تحكم العالم وليس أمريكا، والمحاولات التي تحدث لانهيار الاقتصاد في إيطاليا وإسبانيا واليونان وأخيراً قبرص بمثابة مؤامرة لضرب الاقتصاد، ولو أوروبا اتحدت سوف تمثل خطراً حقيقياً، وهناك الصين «نائمة في الذرة»، والدليل على أن كلامي صحيح ما تدعيه كوريا بأنها تستعد للحرب لإثارة الذعر العالمي، كنوع من المنوم للجميع و«محدش واخد باله» مما يحدث من مخططات.
■ ما الرسالة التي يمكن أن توجهها للرئيس؟
- أناشده أن يكون صريحاً معنا، وألا يتخذ قراراً ويرجع فيه، هذا يسئ إلى مصر، كما أن بعض الألفاظ لابد أن يتم انتقاؤها في الحوارات والخطب، مثل الثعبان والحمامة والأصابع، هل مرسي يستطيع النزول لميدان التحرير ويفتح الجاكيت مثلما فعل بعد توليه الحكم مباشرة، وحتى لو فزت بفارق بسيط عن أقرب منافسيك فهذا تكرر مع جورج بوش وأوباما، لكن هذه هى الديمقراطية، لكن لابد أن تكون رئيساً للكل وليس لفصيل معين، مصر أكبر بكثير من الخطب، وأشكره على علمه السماوي والديني، وليس من المعقول ما حدث في السودان حيث ذهب ليقول خطبة دينية، والكنيسة «بتتحرق وشوية عيال يعملوا مظاهرة لإقالة شيخ الأزهر»، وفي اليوم التالي تحدث أحداث الكنسية، هذا سوف يصل بنا إلى تدخل أمريكا لحماية المسيحيين دون طلب من المسيحيين.
■ ماذا تقول للإخوان والمعارضة؟
- أناشد الإخوان وجبهة المعارضة وائتلافات الشباب بأن نحاول الوصول إلى نقطة التقاء، وحالياً لم يعد شخص يستطيع أن يتغلب على شخص آخر، ولا يوجد توازن لأي شىء، ولن يكون لأي منهما سواء المعارضة أو الرئيس أو الشباب أى شعبية.
■ لماذا لا يستطيع الشباب التفوق في هذا المشهد؟
- لأنه ليس لديهم أموال، بينما الإخوان لديهم تنظيم قديم وأموال، وجبهه الإنقاذ تضم أسماء كبيرة يمكن أن يكون وراءها تمويل لكن «مش قد الإخوان».
■ ما رأيك في أداء أعضاء جبهة الإنقاذ؟
- خائف عليهم، «هيقعوا فى بعض قريباً»، ولو خاضوا الانتخابات سيتفرقون.
■ لماذا فضلت أن نترك للإخوان الرئاسة ومجلس الشعب والحكومة؟
- حتى نتمكن من محاسبتهم، لكن كان لنا مطلب واحد بأن يبتعدوا عن الدستور.
■ لكن الدستور تم وضعه؟
- مبتسماً: لا يمكن أن نقول هذا الكلام، ومن الممكن أن تخرج مظاهرات وتسقط الدستور مثلما حدث مع مبارك.
■ ما رأيك في خطبة الرئيس في السودان عندما قال «لقد نهضت مصر»؟
- في عالم السياسة وارد أن تقول ألفاظاً براقة فى الخطب لكسب ود الجميع، لكن الذكاء أن تقول كلاماً غير محدد، مثل سنسعى وبكل جهد لإحلال الأمن، لكن متى، السياسة لها مفرداتها، الرئيس ليس لديه خبرة فى الحكم، ولا الجماعة، وقبل أن تمارس الحكم لابد أن تعلم أن موظفاً صغيراً فى يده الختم يستطيع أن يوقف أى قرار يأخذه رئيس الجمهورية، وهذا ما يحدث في المحاكم، لأن مصر دولة عميقة، ولايستطيع أى رئيس أن يغيرها.
■ أفهم من كلامك أن ما يحدث في مصر مدبر؟
- أنا من المؤمنين بنظرية المؤامرة، عندما أرى «قلة» تقع على رأس شخص أعتبرها مؤامرة وليست مصادفة، ولا يعقل أن العالم العربي كله يقع فوق رأسه «قلل»، في وقت واحد، ولا يعقل أيضاً أن يكون البديل هو التيار الإسلامي، ولا يعقل أن تتعرض الدول لأزمات اقتصادية في الوقت نفسه، وغير معقول أن يتم إحياء الفتنة الإسلامية الإسلامية.
■ تقصدالسنة والشيعة؟
- هذا ما يرعبني، وأعتبره الخطر القادم أن تكون حرباً إسلامية إسلامية، لذلك أناشد كلا التيارين إعادة النظر، وأن يكونا أكثر حبا لله والإسلام، لأن الحرب بينهما هي إضعاف للإسلام.
■ من هو المستفيد؟
- هذا هو الغباء، لابد أن تكون بعيد النظر، وتقول ما هى المصلحة، فدائماً عندما يكون الاقتصاد ضعيفاً لازم تختلق حرباً، لأن الحرب تلغي أي اعتراض على أي شىء، ثم تظهر الرأسمالية لإعادة التعمير، كما ستجد من يساندها لإشعال الحرب هذه المرة، لأن المكسب كبير، لأنك سوف تتخلص من المسلمين كلهم.
■ ما رأيك فيما يحدث فى سوريا؟
- هذا عبث كوني، يعنى إيه أمنح سفارة لفصيل معارض، هل أي حاكم داخل جامعة الدول العربية يوافق أن يحدث معه ذلك، وسبق أن تم الاستغناء عن مصر ونقل مقر الجامعة من مصر «حصل إيه ولا حاجة»، هذا يظهر لك ماذا يحدث، وإلى أين وصلنا، «محدش» يلعب بالدين، مثل «محدش» يلعب بالنار، لكن من وجهة نظري أن الدين أخطر من النار.
■ بعيداً عن السياسة، لماذا اخترت مسلسل «خلف الله» لتقديمه في الوقت الذى تردد أنك تستعد لمسلسل آخر؟
- ما حدث أن قناة «بانوراما» كانت لها الأسبقية، بينما المشاريع الأخرى من الواضح لم يكن لديها القدرة على الإنتاج، خاصة أن الوكالات الإعلانية العام الماضي لم تسدد المستحقات المالية للقنوات، وبالتالي لم تسدد للمنتجين، لكنى وجدت أن قناة «بانوراما» جاهزة فبدأت المشروع، وهذا جزء من عالم الاحتراف أن تعمل على أكثر من ورق.
■ ما أوجه التشابه بين نور الشريف و«خلف الله»؟
- «خلف الله» يشبهنى بنسبة 70%، لأني مشغول بأن الإنسان يضيع عمره في جمع الأموال، وتأسيس منزل كبير، وتأمين مستقبل الأولاد، لكن عندما تكبر تكتشف أنه كلام فارغ، وهذا شىء مشترك بينى وبين «خلف الله»، وفي أوقات كثيرة كان هاجس تأمين مستقبل بناتي هاجساً مرضياً، لأننى لا أخاف من الموت، لكن بعد أن مرضت ابنتي اكتشفت كذبة الأمان المادي.
■ لكن شخصية «خلف الله» بها جانب روحي؟
- يوجد أيضاً عامل مشترك بيننا في هذه النقطة، رأيت «بوسي» تقع من المسرح، وهى تتسلم جائزتي من الرئيس «السادات»، وأخبرت والدتها بذلك وتحققت بعدها مباشرة، كما أننى تعلمت «اليوجا» في مرحلة الشباب من خلال كتاب، ولا تعلم كم استفدت منها، فقد منحتني طاقة روحية رهيبة وصفاء ذهنياً كبيراً ومنحتنى أيضاً ليونة في العضلات وقدرة على التأمل كبيرة جداً، كما أننى عشت الموالد مثل «سكينة وعائشة وزينب والحسين».