ساجي لاشين كبير «الياوران» الأسبق: الأوضاع الحالية تستدعي تدخل الجيش (حوار)

كتب: محمد البحراوي الجمعة 05-04-2013 19:22

قال اللواء طيار ساجي لاشين، كبير الياوران الأسبق برئاسة الجمهورية، في حوار لـ«المصري اليوم»، إن كل ما يحدث في مصر حالياً أمور مؤسفة تستدعي تدخل الجيش، ولكن إذا تولى الجيش الحكم مرة أخرى ستشهد مصر «حرباً أهلية»، لرغبة بعض الأشخاص في نزوله، وعدم رغبة البعض الآخر.. وإلى نص الحوار الذي حكى فيه «لاشين» الكثير مما دار في دهاليز السلطة خلال عصر الرئيس السابق حسني مبارك.

■متى تم أول لقاء بينك وبين «مبارك»؟

- تعرفت عليه عندما كنت طالباً بكلية الطيران، حيث كان معلماً برتبة «رائد» والفرق بينه وبينى 15 دفعة، واستمرت المعرفة حتى توليه منصب قائد القوات الجوية وحينها كنت أنا قائد سرب ومن هنا بدأت علاقة العمل لأن هذين المنصبين يجب أن يكون بينهما اتصال مباشر طوال الوقت دون أى وساطات وفقاً لطبيعة العمل.

■هل كانت علاقتك به قوية؟

- بحكم أن عدد الطيارين كان قليلا جداً، فجميع الطيارين يعرفون بعضهم جيداً، وتربطهم علاقات عائلية، وأتذكر أحد المواقف بيننا عندما كنت قائد سرب في مطار الغردقة العسكرى، واحترقت إحدى الطائرات وبعد السيطرة على الحريق حضر مبارك إلى المطار وكان وقتها قائداً للقوات الجوية، وأول شىء سأل عليه عند نزوله من الطائة، هل أصيب أى من الجنود أو الضباط؟ قبل أن يسأل على الطائرة وما كان عليها من صواريخ، ومنذ هذه اللحظة قويت علاقتى به.

■ما انطباعك وأنت طالب عند مبارك عندما كان معلماً في الكلية الجوية؟

- كان مهندماً جداً في ملابسه أكثر من اللازم، وخلوقا في معاملاته ومنضبطا جداً في مواعيده، لكنه كان حريصا في ما يتعلق بالمال ومكافآت الجنود، وعلى مستوى قيادته العسكرية كان يسأل كثيراً قبل اتخاذ القرار.

■ما أكثر المواقف التي تتذكرها عندما خدمت تحت قيادته في القوات الجوية؟

- كان لدى تفتيش على سرب الطيران الذي كنت قائداً له، وأهمل ضابط إدارى في ملابس الجنود فأمرت بمجازاته «15» يوما حجزا داخل الوحدة، وهذا أمر يؤثر على حركة ترقيات الضباط فقال لى لا تسجلها له حتى لا تضره في مستقبله، وأتذكر أيضاً موقفا حدث في مطار الغردقة عندما كنت أخدم به برتبة «رائد»، في زيارة لحسنى مبارك وهو قائد القوات الجوية مع وزير الدفاع للمطار سألنى «عميد» عن ماذا سوف نقدم للوزير في وجبة الغداء، فرددت سنقدم له ما يأكله الطيارون في المطار، مما أثار استياء العميد وذهب ليحكى لحسنى مبارك فأعجب مبارك بردى، وأثناء حرب أكتوبر 1973 وفي آخر طلعة جوية قمت بها يوم 23 أكتوبر لضرب أماكن في الثغرة، أصيب ذيل طائرتى طراز «ميج 17» بصاروخ أرض جو «Red I»،وتسبب في عطل، ولكنى أصررت على الاستمرار ودخلنا في اشتباك مع 4 طائرات إسرائيلية، ووجهت المقاتلات الإسرائيلية طلقات رشاش على مقاتلتى مما أدى الى إتلاف الجناح الأيمن وكابينة الطيار ولم أستطع فتح الكبينة لإطلاق الكرسى منها للقفز وبقيت في هذا الوضع لمدة دقيقتين ونصف وهذا وقت طويل جداً بالنسبة للطيارين في السماء ومر شريط حياتى أمام عينى والدخان خلف طائرتى طوله 10 كيلومترات، ثم أطلق الطيار الإسرائيلى صاروخا آخر على طائرتى عندما وجد أنه مازال بها بعض التحكم مما أدى إلى كسر الكابينة وفتحها فتمكنت من القفز وهبطت في الكيلو 101 وجاء لإنقاذى مقدم جيش اسمه «حمدى الشهابى» وعرضنى على طبيب القاعدة لديه، وعدت مرة أخرى للمطار بعد 3 ساعات فقط، وأثناء الاشتباك لم أبلغ قائد القوات الجوية «مبارك» بأننى سأقفز، فأبلغوه أننى قد استشهدت، فقام هو بدوره بتعيين قائد سرب جديد مكانى، وعندما رآنى قال لى «يعنى انت سليم، زى القطط بسبعة أرواح»، وطلب منى الذهاب إلى المستشفي لكنى رفضت قبل أن أنفذ الطلعة الجوية التي كان من المفترض أن تنفذ في الساعة الخامسة وأبلغته أنه لا يمكننى ترك عملى والطيارين، فقرر إلغاء الطلعة الثانية، وصلت بعدها الساعة الثامنة مساء لمستشفي القوات الجوية مُصابا بانضغاط العمود الفقرى وكبس في «العصعوص» فقام الأطباء بتقييدى في السرير لمنع خروجى، وحاولت الخروج صباح اليوم التالى وقمت بالاتصال بـ«مبارك» لإبلاغه فكان رده علىَ «لو حطيت رجلك في الطيارة هاكسرهالك» فقلت له إننى لن أستطيع الطيران ولكنى سأقيم في القاعدة، وعندما كان رئيساً أثناء حرب الكويت والعراق عندما أرسلنا قوات مصرية للكويت ذهب ليسلم على القوات قبل السفر وقال لهم « دافعوا عن الكويت دون قتل عراقى».

■كيف تم إبلاغك بطلبك للعمل في رئاسة الجمهورية؟

- قائد القوات الجوية آنذاك كان اللواء محمد حلمى وهو من أبلغنى عام 1984، وأخبرنى أن الرئيس طلبنى بالاسم وطلب منى الذهاب للرئاسة صباح اليوم التالى.

■هل قابلت «مبارك» فور وصولك الرئاسة؟

- قابلته بعدها بثلاثة أيام، حيث كنت أتعرف خلال هذه الأيام من السكرتارية على كيفية ممارستى لمهام عملى.

■ماذا قال لك عندما قابلته لأول مرة؟

- سألنى عن حال القوات الجوية، وعما يقال عنه خارج قصر الرئاسة، وأسئلة أخرى تتعلق به، وأبلغنى بعملى كـ«ياور جوى»، وكان وقتها اللواء حسن الأخرس هو كبير الياوران ثم أنا ثم جاء من بعدى اللواء ممدوح الزهيرى.

■هل شعرت بتغير في شخصية «مبارك» وهو رئيس عما كان عليه في القوات الجوية؟

-إطلاقاً، عندما ذهبت للرئاسة في عام 1984 كان «مبارك» قد تولى الرئاسة منذ 3 سنوات، ولا أعتقد أن الكرسى غيره إلا بعد 15 عاماً، وسوزان مبارك لم يكن لها أى دور ونادراً ما كانت تأتى لقصر الرئاسة وأولاده كانوا صغارا في تلك الفترة.

■كيف كانت علاقة مبارك بالأمريكان في هذه الفترة؟

-إلى أن تنحى مبارك عام 2011، أمريكا لم تحقق هدفاً لها في الشرق الأوسط في وجود مبارك، والأمريكان لهم أهداف في الشرق الأوسط وهم قادرون على تحقيقها ويعملون بذكاء متناه لتحقيقها والواقع يثبت كل كلامى، يجب أن ننظر للأمور بنظرة شمولية، أمريكا بعد 11 سبتمبر، أرادت أن تحمل جهات معينة فاتورة ما حدث فبدأت بالعراق، و قالت إن صدام ديكتاتور وبشار الأسد سفاح والقذافي عنيف وحسنى مبارك فاسد، وها هى العراق بعد أن قالوا اتركوها لفترة انتقالية مازالت متخبطة رغم أنها تمتلك جميع الإمكانيات التي تجعلها إحدى الدول العظمى من بترول وأنهار وأراض صالحة للزراعة وشعب ذى قدرات هائلة، فما حدث في العالم العربى هو ربيع أمريكى وخريف عربى، كل هذا يوضح كيف كانت علاقة مبارك بأمريكا.

■إلى أى مدى كان اعتماد الجيش المصرى في تلك الفترة على السلاح الأمريكى؟

- بعد اتفاقية كامب ديفيد، كان هناك اتفاقية تسليح بين مصروأمريكا، نحصل بمقتضاها على طائرات «إف 16» على أن تقل الصفقة كل عام بقدر معين، إنما في فترة من فترات عصر السادات تغير هذا الوضع ودخلت مصر طائرات «ميراج» وعقدنا اتفاقية مع الصين وأخرى مع روسيا لتنويع مصادر السلاح لدينا لكى لا تستطيع دولة واحدة الضغط علينا في نوع محدد، ولكن ظل سلاح الجو المصرى يعتمد على الطائرات الأمريكية وقبلها كانت روسيا في الطائرات الـ«إف 16» و«الفانتوم »، أما بالنسبة للقوات البرية فكان مصدر التسليح من الصين أو روسيا أو تصنيع محلى.

■كيف كانت علاقتك بالمشير «أبوغزالة» أثناء وجودك في الرئاسة؟

- «أبوغزالة»، أفضل من تولى منصب وزير الدفاع، ولم يكن يميزه حسنى مبارك عن بقية الوزراء، وكانت علاقتى به طيبة للغاية على مستوى العمل، أما حياته الشخصية فلا علاقة لى بتصرفاته.

■وماذا عن «طنطاوى»؟

طنطاوى كان قائداً للحرس الجمهورى سنة 1988 وعلاقتنا لم تتعد نطاق العمل، ولكن كان الجميع داخل الرئاسة يدرك جيداً أن ولاءه وإخلاصه الأول والأخير لـ«مبارك»، وأتذكر موقفا عندما أردت أن أغير مكان استعراض حرس الشرف وطلبت من الرئيس أن يكون الاستعراض في قصر القبة بدلاً من المطار، لأن حرس الشرف في المطار يقفون بطريقة معينة كما كان متعارفا عليه وأبواب جميع الطائرات توجد بالجهة اليسرى للطائرة، ماعدا الطائرة الملكية السعودية كان بابها في اليمين وكذلك الإمارات، وبسبب هذا كان يتأثر حرس الشرف بعادم الطائرة، لذلك اقترحت أن يكون حرس الشرف في قصر القبة، وأثار هذا الموقف استياء طنطاوى لرغبته في أن يكون هذا الاقتراح موجها له وليس للرئيس، رغم أن حرس الشرف ليس من اختصاصه.

■هل كان مبارك يتصرف بعنف مع الوزراء ومرؤوسيه كما يتردد؟

- غير صحيح، مبارك لم يكن عنيفاً أو يكره أيا من مرؤوسيه، وإلا لما كان قد عينهم من الأساس، وعندما كان يعزل وزيرا لا يحاكمه لأنه طيب، ولم يحدث أو سمعت أثناء تواجدى في الرئاسة أنه تعدى على وزير أو مسؤول سواء بشكل لفظى أو جسدى، وكان ينفعل فقط إذا وجد أحد العاملين بالرئاسة فقد جسمه الرياضى ويطالبة بممارسة الرياضة، وأذكر عندما سافرنا معه للعراق سنة 1989 لتوقيع اتفاقية الوحدة العربية مع صدام حسين وعند رحيلنا أهدى صدام لكل فرد من طاقم الرئاسة سيارة مرسيدس ولكل صحفي سيارة «تويوتا» فأمر مبارك بضم جميع السيارات للرئاسة، ولكن الصحفيين اعترضوا فترك لهم السيارات الـ«تويوتا».

■كيف كانت علاقة مبارك بـ«حسين سالم» أثناء عملك بالرئاسة؟

- لم أره ابداً في الرئاسة طوال فترة عملى هناك.

■بحكم سفرك مع مبارك لأكثر من دولة.. ما أكثر الدول ترحيباً واحتفاءً به؟

- مراسم الاستقبال ثابتة لكل رؤساء العالم في كل الدول، ولكن كان الملك حسين رجلاً عظيماً وهو أكثر من أحب مصر، ففي زياراته إلى مصر، كان ينزل من السيارة ويتوجه للسائق ليسلم عليه بنفسه ويشكره قبل ركوبه طائرته ويقول له «كتر خيرك إنك وصلتنى»، وأتذكر له موقفاً أثناء زيارتنا للأردن وكان مبارك في اجتماع معه ولم يكن هناك مكان لكى أجلس عليه انتظاراً لانتهاء الاجتماع، فوقف الملك حسين وأصر على أن أجلس على كرسى مكتبه وكان يحترم المصريين ويحبهم جداً.

■من أكثر الشخصيات في الرئاسة كانت تؤثر على مبارك؟

- زكريا عزمى، لأنه كان أستاذاً في عمله ويمتلك خبرة هائلة في مجال عمله كرئيس لديوان رئيس الجمهورية وكانت كل الأجهزة الإدارية تابعة له، وكان يدرك جيداً الوقت المناسب ليتكلم مع مبارك في الموضوعات المهمة، وكثير من الوزراء عينهم زكريا عزمى وهو الذي عين طنطاوى قائداً للحرس الجمهورى، ثم عينه رئيساً لهيئة عمليات القوات المسلحة لكى يبلغه بما يحدث في الوزارة، ومصطفي الفقى، سكرتير الرئيس للمعلومات، كان يمتلك ذاكرة فولاذية في تذكر الأشياء، ولديه معلومات كثيرة حتى عن شخصيات لا أحد يعرفها غيره بحكم موقعه.

■ما رأيك في مطالب عودة الجيش للحكم حالياً؟

- مهام القوات المسلحة حماية مصر من الأعداء داخلياً وخارجياً وكذلك تأمين نظام جمهورية الدولة وحماية الدستور، وإدارة شؤون البلاد أو أحد قطاعاتها وقت الكوارث والتنمية في وقت السلم مثل بناء الكبارى، بشرط ألا يؤثر على مهامها القتالية، ثم معاونة الشرطة عند الحاجة ومحو الأمية وتعليم وتأهيل الشباب خلال فترة التجنيد، وكل ما يحدث في مصر حالياً أمور مؤسفة تستدعى تدخل الجيش، ولكن إذا تولى الجيش الحكم مرة أخرى ستشهد مصر حرباً أهلية، لرغبة بعض الأشخاص في النزول وعدم رغبة البعض الآخر، ومن مصلحة أمريكا حدوث انشقاق في الدول العربية كلها بين أطيافها المختلفة.

 ■ما الفرق بين «طنطاوى» و«السيسى» من وجهة نظرك؟

- أرى أن قيادة السيسى رائعة جداً، ولقد اتخذ قرارات سيادية مهمة مثل عدم السماح للأجانب بتملك الأراضى في المنطقة الحدودية، وإصراره على هدم الأنفاق، كما أنه غير متهور في اتخاذ قراراته في ما يتعلق بالجيش والمظاهرات، أما طنطاوى فلى بعض التحفظات على تصرفاته ولا داعى لذكرها.

■لمن أعطيت صوتك في انتخابات الرئاسة الماضية؟

- بالطبع للفريق أحمد شفيق لأنه زميلى، وأمتلك أدلة على أن شفيق هو الفائز في سباق الرئاسة، وكلنا نعرف أنه كانت هناك بطاقات تصويت مسودة من المطابع الأميرية لصالح مرشح الإخوان، وكان عدد البطاقات حوالى مليون ومائتى ألف بطاقة ثم تراجعوا في قولهم وأعلنوا أنها ألفا بطاقة فقط، بالإضافة للجان التي عثر بها على أقلام حبر طيار ولجان أخرى في محافظات الصعيد منها أسيوط كانت صناديق الانتخاب بها فارغة تماماً لأن السكان هُددوا بالقتل إذا ذهبوا للتصويت وفي لجان أخرى في المناطق التي كان للفريق شفيق بها شعبية كبيرة كانت كشوف الانتخاب تضم خمسة آلاف اسم من المفترض أن يصوتوا في يوم واحد في حين أننا إذا حسبنا لكل شخص دقيقة واحدة للتصويت أكبر عدد ممكن أن يصوت هو 900 ناخب، وكل هذه الوقائع مثبتة.

■لماذا أسستم حزب الضباط المتقاعدين؟

-نحن مجموعة من الرجال، عاشوا شبابهم يحملون أرواحهم على أكفهم في سبيل الوطن الغالى مصر وأهلها، كتب لهم الحياة بعد أن ضحى زملاؤهم بأرواحهم في الحروب السابقة فأبوا ألا يبخلوا على مصرهم بما أوتوا من خبرات غالية ما بقى لهم من العمر حتى يلحقوا بزملائهم الشهداء، قرروا أن يشكلوا حزبا معارضا يدلى بآرائه السديدة وخبراتهم الطويلة في الإدارة والقيادة واتخاذ القرارات الجيدة للحزب الحاكم أياً كان هويته، ولا نسعى لسلطة أو مناصب وليست لنا علاقة بالأحزاب الأخرى، فلقد عملنا في الجيش ولم نكن نعرف من قام بتعيين قائدنا أو كيف تم تعيينه وكل ما نعرفه عنه هو عمله، وهنا نستطيع أن نقيمه بواقعية وليس بما يقال عنه، وفي أيامنا هذه أرى الشباب يعترضون على الرئيس في كل شىء دون أن يعرفوا ماذا يعنى «رئيس جمهورية»، هؤلاء الشباب لم يبلغوا النضج السياسى بعد ليستطيعوا أن يحكموا على قرار رئاسى أو سيادى في الدولة.

■ما تقييمك لآداء الرئيس محمد مرسى خلال الفترة السابقة؟

- مشكلة الأمن تفاقمت إلى درجة خطيرة، ولا أرى من الحكومة رد فعل سريعا لما يحدث، والرئيس تعدى على القضاء ولم يحترم أحكامه، وأذكر أن ألمانيا كانت تحتل تقريباً كل دول غرب أوروبا وكانت ترغب في احتلال بريطانيا، وكان فلاح بسيط يسكن بجوار أحد المطارات المسؤولة عن التصدى لهجمات الطائرات الألمانية، فتقدم هذا الفلاح لقاضى المدينة بشكوى، لأن أولاده لا يستطيعون المذاكرة بسبب صوت الطائرات العالى المزعج، فحكم القاضى في نفس اليوم بأن يُغلق المطار إذا كان تم بناؤه بعد بناء المدينة وألا يُغلق إذا كان بناؤه قبل بناء المدينة، واتضح أنه بنى بعد إنشاء المدينة فتم غلقه، فأخبر «تشرشل» رئيس وزراء بريطانيا في هذا الوقت الملك، أنه من الصعب جداً تنفيذ هذا الحكم، فرد عليه الملك قائلاً «أفضل لبريطانيا أن تخسر حرباً على أن تلغى حكم قاض في قرية»، وأُغلق المطار بالفعل وعلم المواطنون البريطانيون بما حدث، فتشجعوا على العمل وزاد إنتاج المصانع لثلاثة أضعاف إنتاج المصانع الألمانية وكسبت بريطانيا الحرب، لأن المواطن البريطانى شعر بأن حقه محفوظ أمام قضاء عادل وسريع، ودولة تحترم أحكامه.

■من يجب أن يحاكمه القضاء حالياً؟

- أول من يجب أن يحاكم في محكمة الثورة، هم المفسدون في عصر مبارك والمتظاهرون إذا كانوا قتلوا متظاهرا آخر سلميا كان يطالب بمطالب شرعية، ومحاكمة البلطجية الذين قتلوا رجال الشرطة أثناء تأديتهم واجبهم في حماية الشعب ومنشآته، ولا بد من محاكمة رجال الشرطة الذين لم يقتلوا البلطجية والخارجين على القانون أثناء هروبهم من السجون أو مساعدة آخرين على الهروب أو سرقة الأسلحة من السجون، وإذا تمت المحاكمات بهذا الشكل ستتوقف البلطجة، وشهداء الثورة من ضحوا بأرواحهم في سبيل قول الحق عند سلطان جائر لتحقيق مطالب مشروعة دون شغب هؤلاء أحياء عند ربهم يرزقون.

■هل نتجه إلى الهاوية؟

- كل المشكلات التي تعانى منها مصر سهل جداً حلها، بشرط وجود رغبة حقيقية لدى القيادة السياسية للحل، فأزمة البترول يمكن أن تُحل بضبط الأسواق واستيراد ما نحتاجه من الدول الصديقة، والأمن حله في محاكم ثورية عاجلة، ويجب ألا نُخدع بالمساعدات الأمريكية الـ190 مليون دولار التي أعلن عنها وزير الخارجية أثناء زيارته لمصر، لأن هذا المبلغ من الممكن أن يرسله نجيب ساويرس أو أى مواطن مصرى وطنى كمساعده إذا طلبت منه الدولة.