شهدت الساحة السياسية اللبنانية مزيداً من الاضطراب الأسبوع الماضي بعد استقالة رئيس الوزراء السني نجيب ميقاتي، بسبب خلاف مع حزب الله الشيعي الذي أسقط حكومة الوحدة التي ترأسها سعد الحريرى عام ٢٠١١، وهو ما يهدد البلاد بالمزيد من الفوضى في ظل الاشتباكات الدموية التي تقع يومياً بين أنصار نظام بشار الأسد العلويين والمعارضين السنة في مدينة طرابلس.
وأكد بطرس حرب وزير العمل اللبنانى السابق والنائب البرلمانى عن تحالف «14 آذار»، الذي يقوده رئيس الوزراء السابق سعد الحريرى، أن استقالة حكومة ميقاتى تغرق البلاد في أزمة فراغ لعدة شهور وقد تؤدي أيضاً إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة في يونيو المقبل. ورأى حرب، الذي انتقل مؤخراً إلى منطقة الحازمية ويعيش وسط حراسة أمنية مشددة بعد تعرضه لمحاولة اغتيال حمل مسؤوليتها لحزب الله، أن وجود حزب الله يصب لصالح حماية إسرائيل. وقال حرب في حواره لـ«المصرى اليوم» إن حزب الله يطلب الاعتراف بوجوده العسكرى واعتباره المقاومة المسلحة في لبنان قبل إجراء أي حوار مع القوى الوطنية، وسعت «المصرى اليوم» إلى تقديم وجهة النظر المقابلة إلا أن المكتب الإعلامي لحزب الله أكد أن أمينه العام حسن نصر الله، أصدر أمراً يحظر على أعضاء الحزب التصريح لوسائل الإعلام.. وإلى نص الحوار:
■ بعد 8 سنوات من إطلاق تحالف «14 آذار»، إلى أي مدى حققتم أهدافكم؟
- ليس من الطبيعي أن تحقق كل حركة سياسية وطنية جميع طموحاتها، ولذا حققت «14 آذار» بعض الأمور، وأخفقت في أمور أخرى، وإذا استطاعت أي حركة تنفيذ كل أهدافها ليس من المحتمل استمرارها، ولكن بالطبع طموحنا كان أكبر مما حققناه، وذلك لا يعد فشلاً.
■ وما أهم تلك الإنجازات؟
- الإنجاز الأول هو إجلاء الاحتلال السوري من لبنان، والثاني هو إنشاء المحكمة الدولية للتحقيق في الاغتيالات التي شهدها لبنان، والثالث هو المحافظة على النظام الديمقراطي واستمرار مواجهة نظام الميليشيا في الدولة اللبنانية.
■ وما العوائق التي تعرقل تنفيذ أهداف تحالف «14 آذار»؟
- للأسف، مشروع بناء الدولة يواجه تحديات عديدة ومنها وجود التطرف وانتشار السلاح في لبنان، فضلاً عن وجود خطة سورية- إيرانية ينفذها حزب الله وحلفاوه لتحويل لبنان من دولة ديمقراطية إلى دولة «توتاليتارية»، أي تعتمد على نظام الحزب الواحد وتتحكم بحقوق الناس وحرياتهم.
■ كيف ترى استقالة حكومة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي؟
- نحن نطالب بالاستقالة منذ فترة، لأن الحكومة باتت فاشلة على جميع المستويات، رغم أن تلك الاستقالة جاءت في وقت حرج لأن لبنان على مشارف الانتخابات البرلمانية.
■ وهل ستؤثر الاستقالة على سير الانتخابات؟
- بالفعل تأثر الاستحقاق الانتخابي، لأن الحكومة أصبحت غير قادرة على إصدار تشريع جديد وهو ما يرجح كفة التأجيل إلى موعد لاحق، وفي حالة عدم تشكيل حكومة جديدة فهناك مشكلة حقيقية تتمثل بكيفية مواجهة أزمة الفراغ في لبنان.
■ ولكن الحركات السياسية التي تتطالب بتأجيلها أعربت عن معارضتها لقوانين الانتخابات؟
- نحن أيضا لدينا اعتراض على القانون الحالي، وهو قانون الستين ونريد تطبيق بعض الإصلاح والتغيير عليه، ولكن ليس هناك مانع من اتباع القانون الحالي إلى حين التوافق حول قانون آخر.
■ هل تقصد طرفاً محدداً؟
- هناك محاولات من قبل حركة «8 آذار» لفرض شروط معينة على الشعب اللبناني، عبر تغيير قانون الانتخابات بشكل يمكنهم من الفوز بأغلبية المقاعد في مجلس النواب ثم السيطرة على الحكومة، وهذا أمر مرفوض تماماً.
■ ما رأيك في تدخل حزب الله في الأزمة السورية بصفته فصيلاً لبنانياً؟
- مشكلة حزب الله أنه يشارك في القتال مع النظام السوري ضد الشعب، وهذا أمر مرفوض تماماً لأنه يخالف التاريخ والتراث الديمقراطي في لبنان، كما يتعارض مع موقفنا ضد الأنظمة الديكتاتورية التي تتحكم في حريات الشعب ومع موقفنا ضد جرائم القتل التي يرتكبها النظام السورى بحق شعبه. وللأسف، يُصر حزب الله على وضع لبنان في حلبة الصراع حول تلك الأزمة وهو ما قد يترتب عليه نتائج عكسية تضر البلاد.
■ أسفرت الاشتباكات في مدينة طرابلس اللبنانية عن عشرات القتلى والجرحى، كيف ترى تعامل الحكومة مع ذلك؟
- للأسف، طريقة الحكومة في التعامل مع ملف الاشتباكات بين أنصار ومعارضى الأسد في مدينة طرابلس كانت سيئة وهو ما شجع على اندلاع الأحداث العنيفة من جديد.
■ وما هو الحل؟
- الدولة اللبنانية عليها ضبط الأمن وعدم اعتماد سياسة التراضي التي تشجع المسلحين والمقاتلين على استكمال قتالهم، وعلى الحكومة أن تضرب بيد من حديد لفض الاشتباكات.
■ كيف يمكن تجنب توريط لبنان في الأزمة السورية؟
- الحل هو أن تعلن الحكومة اللبنانية النأي بالنفس عن تلك القضية، ويجب على الأطراف اللبنانية ألا تتدخل في عملية القتال في سوريا.
■ إذا افترضنا وجود إمكانية للحوار مع حزب الله، ما هي شروط تحالف «14 آذار» للجلوس معهم على طاولة واحدة؟
- لا يوجد شروط لدينا للحوار مع حزب الله، ولكن ينقصنا الاستعداد للحوار من جانب حزب الله الذي رفض الحوار معنا بسبب إصراره على إملاء سياساته علينا، ولهذا توقف الحوار قبل أن يبدأ.
■ وما هي الشروط التي يريد حزب الله تطبيقها قبل الحوار؟
- الاعتراف بـ«وجوده العسكري»، واعتباره المقاومة المسلحة في لبنان، وهذا أمر مرفوض لأن تحول الحزب إلى ميليشيا أصبح أسلوب ضغط على السياسة اللبنانية.
■ هل تعتقد أن حزب الله قد يكون عاملا في شن حرب إسرائيلية جديدة على لبنان؟
- إسرائيل لن تسعى إلى نشوب حرب جدية ضد حزب الله، لأن وجود حزب الله بسلاحه خارج سلطة الدولة يخدم إسرائيل دولياً، وتوصيف حزب الله بأنه إرهابي ومصدر تهديد على إسرائيل يعمل على حشد الرأى العام الدولي تجاه حماية إسرائيل، بدلا من الضغط على إسرائيل بشأن حل القضية الفلسطينية.
■ بعد التوصل إلى مشتبه به تابع لحزب الله في محاولة اغتيالك في يوليو الماضي، إلى أين وصلت القضية؟
- لم يحدث شىء، حزب الله امتنع عن تسليم المتهم للمحكمة، والعدالة أخذت مجراها غيابيا، فالقضاء متهم بالتمييز ضدي عبر التواطؤ مع حزب الله في عدم توقيف المتهم الذي عُثر على آثاره بمحل الجريمة.
■ وهل انتهت القضية عند ذلك الحد؟
- هناك جلسة قريبة سيحدد فيها الحكم النهائي غيابيا، ولكنني لست قلقا بشأن قضية اغتيالي التي نجوت منها، ولكنني أشعر بالرعب تجاه الشعب اللبناني المسكين الذي يخضع للابتزاز العسكري من حزب الله، كما أدت حالة الانفلات الأمني إلى التعامل مع قضية برلماني بشكل ردئ، فما نصيب المواطن اللبناني من الأمن والعدالة.
■ وما موقف سعد الحريري زعيم تحالف 14 آذار مما يحدث الآن؟
- الحريري موجود حاليا في السعودية لأنه مهدد بالقتل في لبنان طبقا لمعلومات مخابراتية وأمنية رفيعة المستوى، وإذا رجع إلى بلاده سيكون هدفاً للاغتيال وسيكون أسير منزله.