يعيش مسلمو الدنمارك في حالة تسامح ويستغلون مساجد البلاد في نشر الحوار بين الأديان، على الرغم من موجة الغضب التي أحدثتها أزمة الرسوم الدنماركية المسيئة في أنحاء العالم الإسلامي.
وينتشر في الدنمارك 130 مسجدا، موزعة على أنحاء المملكة وتخدم نحو 250 ألف مسلم من أصل 5.5 مليون نسمة، ومن أبرز 3 مساجد في مملكة الدنمارك يوجد مسجد مدني وسط العاصمة كوبنهاجن والذى يقع على بعد دقائق من موقع صحيفة «يولاندس بوستن» التي نشرت الرسوم المسيئة دون أن تتعرض لأي اعتداءات انتقامية.
من داخل المسجد سألنا الشيخ محمد زاهد، إمام المسجد، عن أوضاع المسلمين بالدنمارك، التي يعتبرها العديد من المسلمين «مملكة الشر» في أوروبا بسبب أزمة «الرسوم المسيئة».
وقال الشيخ زاهد، الباكستاني الأصل، إنه لا توجد مشاكل مع الأقلية المسلمة بالدنمارك، فحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية هنا مقدسة، مضيفاً أنه حتى خلال أزمة الرسوم المسيئة، ومع تنامي عدة دعوات متطرفة للاعتداء على مساجد الدنمارك رداً على حرق بعض سفارات دنماركية بالخارج، لم يجرؤ أحد على الاعتداء على أي مسجد، بينما وفرت الدولة حماية إضافية لبعض المساجد.
وتابع: «بالطبع المسلمون في الدنمارك كغيرهم اعترضوا على الرسوم المسيئة، لكن لم يكن هناك ردود فعل عنيفة كبيرة كما جرى في بعض الدول العربية والإسلامية».
وأوضح الإمام زاهد، أن لدى الدنمارك 130 مسجداً تمتلكها مؤسسات خاصة أو أفراد، لكن لا يوجد ما يعرف بـ«الوقف»، الذي تعرفه الدول العربية والإسلامية لإدارة شؤون المؤسسات الدينية، ويتم اعتبار المساجد وفق القانون الدنماركى، ملكيات خاصة يحق لمالكيها إدارتها كيفما شاءوا، لكن هناك مشكلة واحدة وهى المآذن، فلا يتم السماح ببنائها، لكن هناك مسجداً واحداً بالدنمارك كلها بمئذنة، وبالطبع هناك محاولات مع عدة برلمانيين ومسؤولين حكوميين للسماح ببناء المآذن في بعض المساجد».
المسجد من الداخل لا يختلف كثيراً عن النمط المعماري العربي الإسلامى، فالجدران مزخرفة بنقوش مذهبة وخطوط عربية أصيلة وبآيات قرآنية وأسماء الله الحسنى، وفي وسط المسجد يوجد الصحن ولوحة إلكترونية ترشد لمواعيد الصلاة، ومن وقت لآخر، تتعالى أصوات أطفال يشاركون بدروس تحفيظ القرآن.
وفي ركن للمسجد، جلست مجموعة عربية دنماركية، تشارك بفعااليات البرنامج العربي الدنماركي للتفاهم بين الأديان بمشاركة شيوخ وقساوسة ونشطاء من مصر وسوريا ولبنان والدنمارك ومنظمات عربية ودنماركية، وهي: الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، ومؤسستا منتدى التنمية والثقافة والحوار، وأديان، اللبنانيتان، والإرسالية الدنماركية.
وعن تجربته داخل المسجد، يقول القس بيمن الطحاوي، كاهن كنيسة مارمينا الأثرية بطحا الأعمدة في المنيا، إن «تجربة دخول المساجد رائعة وإذا كنا قد اعتدنا عليها في مصر بسبب المشاركات الاجتماعية، كالزواج والعزاء»، مشيراً إلى ضرورة أن تكون هناك لقاءات مشابهة بين عدد من ممثلي الأديان المختلفة في المساجد أو الكنائس لتعزيز الحوار والتفاهم بين الأديان.
ويرى الشيخ نور الدين عبد الوارث، الداعية بوزارة الأوقاف، أن زيارات المسلمين وغير المسلمين للمساجد، أمر إيجابي، إذ تشجع على التقارب، وتقضى على التوجس بين الطرفين، وتعزز فكرة أن بيوت الله مفتوحة دوماً لعباد الله أينما كانوا.
وقال الشيخ نور، إنه يشارك في البرنامج العربى الدنماركي للتفاهم بين قادة الأديان، مرشحاً عن وزارة الأوقاف المصرية، مشيراً إلى أن مساحات التوافق كبيرة جداً يجب استغلالها لمصلحة البشرية والإنسانية بدلاً من التناحر الذي لا يفيد أحداً.