قال الدكتور يسري حماد، نائب رئيس حزب الوطن، في حوار لـ«المصري اليوم»، إن جبهة الإنقاذ هي المسؤولة عن العنف، لأن لديها مشكلة وهي أنها أعطت غطاءً سياسياً للعنف، ولم تعط بدائل سياسية وحلولاً، بل تمارس نوعا من الفوضى السياسية دون أن تملك مشروعا أو استراتيجية تحترم القانون والدستور، مشيراً إلى أن «الوطن» لن يتحالف مع أي من حزبي الحرية والعدالة أوالنور السلفي في انتخابات مجلس النواب المقبلة، وأنه يتحاور مع جميع الفصائل الإسلامية الأخرى لتكوين جبهة موحدة.. وإلى نص الحوار.
■ لماذا لجأتم لتأسيس حزب الوطن الجديد ولم تندمجوا في أي من الأحزاب الإسلامية الموجودة على الساحة؟
- حزب الوطن هو حزب بمرجعية إسلامية يقوم على احترام الأصول الثابتة في الكتاب والسنة، ويختلف عن باقي الأحزاب الإسلامية الأخرى، لأننا لا نقتصر على تيار إسلامى فقط أو نضم الملتحين فقط، لكننا أنشأنا الحزب ليكون ذراعاً سياسية لكل المصريين وليس لفصيل ديني يسعى لاحتكار المناصب ويهيمن على الحياة السياسية، فلسنا حزب إقصائيا يسعى لتصدير كوادره فقط، لكننا نبحث عن الكفاءات الوطنية ونؤمن بالمساواة بين الجميع، ونؤمن بحق كل المصريين بمختلف دياناتهم في التمتع بحق المواطنة على أرض مصر، ومعيار الاختيار هو الكفاءة وليس الدين.
وهذه المعايير لم تكن موجودة في حزب النور بلا شك.
■ وهل كان للدعوة السلفية تدخلات في الحزب؟
- لا أستطيع أن أعمم اسم «الدعوة السلفية»، ويمكنني أن أقول للمرة الأولى إن إنشاء حزب الوطن كان باقتراح من مجلس أمناء الدعوة السلفية نفسه بإنشاء حزب جديد بعد تأزم الأمور في حزب النور، ولذلك اقترح مجلس الأمناء تشكيل الحزب، والبعض يتخيل أن مجلس الأمناء هو مجلس إدارة الدعوة السلفية، وهذا غير حقيقي لأن هناك انفصالاً تاما بين الإثنين، ولا أعتقد أن مجلس الأمناء كان موافقاً على الصورة التي يدار بها حزب النور من خلال مجلس إدارة الدعوة المشرفة على الحزب.
■ كيف ترى الوضع السياسي الحالي، خاصة بعد مطالب بعض القوى السياسية بتأجيل الانتخابات؟
- الوضع السياسي الحالي كارثي ولا يبعث على التفاؤل، وكان من المفترض أن الأحزاب تتحول إلى فكر مؤسسي، خاصة الأحزاب القديمة الديكورية المكونة من رئيس حزب وجريدة، والتى كانت ترضي بجزء من الكعكة التي يلقيها لها النظام السابق الذي كان يشركهم جزئياً في الحياة السياسية، ومع ذلك لم تتحرك تلك الأحزاب بعد الثورة لتقوية نفسها أو تكون لديها كفاءات، في حين ظهرت أحزاب جديدة تحاول السيطرة على الشارع، وممارسة نوع من الحزبية المقيتة داخل المجتمع بحيث يصبح مجتمعاً مغيباً عن الواقع والمشاركة، وبالتالي أصبحت لدينا أحزاب ديكورية وأخرى تسعى للسيطرة، ولذلك بعض الأحزاب القديمة تحاول ممارسة نوع من الفوضى السياسية سواء عن طريق الابتزاز السياسى أو عن طريق الفوضى الإعلامية واستغلال رموز النظام السابق في الاعتداء على مؤسسات الدولة، وهذه الصورة إذا استمرت في إدارة الحياة السياسية ستكون النتيجة كارثية، والشعب وقتها لن يقبل بالأحزاب كافة سواء القديمة أو الجديدة.
■ وهل يوجد في مصر حزب بعد الثورة يمارس نفس دور الحزب الوطني المنحل؟
- توجد بالفعل أحزاب تمارس نفس الدور، وأحزاب أخرى تحاول أن تمارس سياسة الحزب الوطني، فعندما يستعين الحزب بفصيله ويقصى الآخرين فهذه صورة من صور الحزب الوطني، وعندما تأتي بفصيلك ليتصدر المشهد وهو ليس صاحب الكفاءة المثلى في هذا التوقيت، فهذا نوع من الإقصاء للقوى السياسية وللشعب نفسه، وكذلك عند تعيين وزراء من غير ذوي الكفاءات، وعندما تضحك على المواطنين وتوهمهم بأن لديك مشروعاً وأنت لا تملك مشروع نهضة مصر أو كفاءات للإدارة وتحاول إيهام الشعب بأنك الأقدر على الإدارة والتصدر للمشهد السياسي- فهذا نوع من أنواع الدجل السياسى يمارس على الشعب المصرى.
■ تقصد مشروع النهضة الذي أخرجته جماعة الإخوان المسلمين ونجحت بناء عليه؟
- مشروع النهضة مشروع عام، ولا يمكن أن أصفه إلا بأنه «ِشبه مشروع»، لكنه لا يحتوي على آليات تطبيق وتنفيذ ومدد زمنية للتطبيق وإلا لرأينا ثماره ظهرت في الفترة التى تولى فيها الإخوان السلطة، وكنا رأينا أشياء أنجزت على الأرض.
ولابد أن نتفق أنه لا يمكن لأي فصيل سياسي مهما كان أن يضع مشروع منفرداً لنهضة مصر، ويجب أن يجلس جميع الشركاء لوضع مشروع يحمل خطة زمنية محددة ورؤى بعيدة المدى، وإلا سنتحول لحزب وطنى جديد وحكومة تهدم كل ما يسبقها.
■ هل ترى أن إقالة الدكتور خالد علم الدين من مؤسسة الرئاسة نوع من الإقصاء الذي تتحدث عنه أم أنه لنفس الأسباب التي أعلنتها الرئاسة؟
- ما وصلني من مقربين في مؤسسة الرئاسة أنه كانت هناك بعض التوجهات السابقة للدكتور خالد علم الدين أدت لإقالته، وأنها لم تكن إقالة مفاجئة لحزب النور نفسه، حيث كان على علم بقرار الإقالة وجلس بعض رموزه مع مؤسسة الرئاسة واطلعوا على بعض المشاكل والتقارير السلبية عن الدكتور «علم الدين» قبل إقالته، وكان من المفترض من الرموز التي حضرت من حزب النور للرئاسة أن تعطي انطباعا إيجابياً بعد ‘طلاعها على التقارير التي أعدتها الرئاسة.
ولكن لأسف البعض كان يرى أنه طالما ساعد جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة على الوصول للحكم فإنه لابد أن يحصل على مكاسب سياسية جراء ذلك، وأن يكون له نصيب في الكعكة، وفي نفس الوقت لا أعتقد أن حزب النور قدم كفاءات حقيقية تصلح لتولى مناصب أو حقائب وزارية.
■ اقترب موعد إجراء انتخابات مجلس النواب، هل تعتقد حدوث تغير في حصة كل حزب عن البرلمان الماضي، وماذا عن تحالفاتكم مع أحزاب أخرى في الانتخابات المقبلة؟
-لا يوجد فصيل سياسي الآن يمكنه السيطرة على البرلمان بمفرده أو أن يحصد الأغلبية، وحزب الوطن ما زال حزباً وليداً وعدد كبير من قطاعات المجتمع لم تعرف رؤيته وسياسته.
وبالنسبة للتحالفات الانتخابية ما زلنا في اجتماعات مع التيارات الإسلامية والأحزاب لوضع الصورة النهائية لخريطة التحالف التي سيدخل بها حزب الوطن، وهدفنا تحالف سياسي يستمر داخل وخارج البرلمان وبعد الانتخابات، ولا ينتهي بمجرد انتهاء الانتخابات، لأننا نسعى إلى الخروج بأجندة تشريعية نعرضها على الناس قبل الانتخابات ونتعهد بتنفيذها خلال الدورة التشريعية.
وإلى الآن نتحاور مع الجميع من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية عدا حزب النور وحزب الحرية والعدالة اللذين قررا خوض المنافسة بمفرديهما.
■ من تحمله مسؤولية العنف في الشارع الآن؟
- جبهة الإنقاذ هي المسؤولة عن العنف، لأن لديها مشكلة وهى أنها أعطت غطاءً سياسياً للعنف، ولم تعط بدائل سياسية وحلولاً، بل تمارس نوعا من الفوضى السياسية دون أن تملك مشروعا أو استراتيجية تحترم القانون والدستور.
■ الوضع الاقتصادي المصري ينبئ بأوضاع خطيرة الفترة المقبلة، هل ترى أن الإصلاح الاقتصادي لن يتم إلا من خلال الاستقرار السياسي؟
- مصر معرضة خلال شهرين لتكون ضمن تصنيف من بين الدول المفلسة التي لا تستطيع الوفاء بديونها أو سداد القروض، وهذا يدخلنا في قوائم الدول التى تتسول وليست لها إرادة سياسية، وستوضع مصر في خانة الدول التي تباع ممتلكاتها رغماً عنها.
وأنا أوجه اللوم للحكومة على ذلك، لكن في نفس الوقت يجب تهيئة الجو المناسب لها كي تعمل حتى نحاسبها، ومن العبث محاكمة الحكومة في هذه الظروف، وفي نفس الوقت أعرف أن المستثمرين يشتكون من أجهزة الحكومة وعدم وجود شفافية ومميزات يحصل عليها البعض دون الآخر.
■ في الفترة الأخيرة بدا للعديد وجود توتر بين مؤسسة الرئاسة والجيش.. برأيك هل تعتقد أن مطالبة عدد كبير من المواطنين للجيش بالنزول ستلقى صدى؟
- هناك محاولة للوقيعة بين الرئاسة والجيش، وهناك طابور خامس داخل الدولة يعمل من أجل ذلك، ويدير منظومة للوقيعة بين الطرفين وبين طوائف المجتمع، ووظيفة الأمن كشف ذلك.
والجيش المصري مؤسسة منظمة، وأعلنت أنها لن تتدخل في الشؤون السياسية، وأنها تعمل لصالح البلاد والشعب المصري، وقد تكون هناك مشاكل مثل أي مشاكل موجودة بين المؤسسة العسكرية والرئاسة في أي دولة، لكنها لا ترقى