تنشر «المصري اليوم» نصي حكمي المحكمة الدستورية العليا، في منازعتي التنفيذ اللتين قضت المحكمة بعدم قبولهما في الدعاوى التي شغلت الرأي العام طوال الأشهر الماضية، بشأن حل الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور.
وحصلت «المصري اليوم» على نص الحكم في القضية رقم 8 لسنة 34 قضائية، المحكمة الدستورية العليا «منازعة تنفيذ»، والتي أصدرت فيها المحكمة، برئاسة المستشار ماهر البحيري، حكمًا بعدم قبول الدعوى، وقال الحُكم إن مقيمي الدعوى أودعوا صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة في 18 يوليو العام الماضي، وطالبوا بالحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القانون رقم 79 لسنة 2012 المتضمن إحياء وبعث مجلس الشعب المنحل مرة أخرى وآثاره، خاصة الجمعية التأسيسية لوضع دستور للبلاد، واعتبار هذا القانون المنعدم عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان مجلس الشعب الصادر في الدعوى رقم 20 لسنة 34 قضائية «دستورية». والدعوى رقم 6 لسنة 34 قضائية «منازعة تنفيذ»، وفي الموضوع إلغاء القانون المذكور برمته لأنه عقبة قانونية في سريان ونفاذ حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان قانون مجلس الشعب، والحكم بعدم دستورية القرار رقم 310 لسنة 2012 الصادر من المدعى عليه الثاني لعقد اجتماع مشترك لمجلسي الشعب والشورى لانتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور المصري، وما تلاه من إجراءات.
وأضاف الحكم أن القانون رقم 79 لسنة 2012 أسفر عن جمعية تأسيسية جديدة تنتخب من أعضاء مجلس الشعب المنحل، ومن ثم يكون القانون رقم 79 لسنة 2012 عقبة فى سبيل تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر، وتبعاً لذلك يطلب المدعون الحكم بعدم دستورية القرار رقم 310 لسنة 2012 الصادر من المدعى عليه الثانى بعقد اجتماع مشترك لمجلسي الشعب والشورى لانتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور المصري، وما تلاه من إجراءات.
وأشار الحكم إلى أنه من المقرر قانوناً أن المحكمة الدستورية العليا، بما لها من هيمنة على الدعوى، هي التي تعطيها وصفها الحق، وتكييفها القانونى الصحيح، محددة نطاقها على ضوء طلبات الخصوم فيها، مستظهرة حقيقة أبعادها ومراميها، مستلهمة معاني عباراتها، غير مقيدة بمبانيها، حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن ولايتها في مجال الفصل في المسائل الدستورية التي تطرح عليها، مناطها اتصالها بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، إما بإحالة هذه المسائل إليها مباشرة من محكمة الموضوع أو من خلال الدفع بعدم دستورية نص قانوني يبديه الخصم أثناء نظر النزاع الموضوعي، وتقدر محكمة الموضوع جديته، ثم تصرح له خلال أجل لا يجاوز 3 أشهر برفع دعواه الدستورية في شأن النصوص التى تناولها هذا الدفع.
وتابع الحكم: «هذه الأوضاع الإجرائية تعد من النظام العام باعتبارها من الأشكال الجوهرية التى تغيا بها المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التى حددها، لما كان ذلك، وكان البيّن من أوراق الدعوى وطلبات المدعين فيها أنها في حقيقتها طعن على قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 79 لسنة 2012 وعلى إجراءات إصداره، ومن ثم فإنها تعد دعوى دستورية أصلية رفعت بغير الطريق الذي رسمه قانون المحكمة الدستورية العليا لإقامة الدعوى الدستورية، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبولها».
وأضاف: «قضاء هذه المحكمة في شأن المادة (27) من قانونها، التي تخولها الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة ممارستها اختصاصاتها، ويتصل بالنزاع المعروض عليها، مؤداه أن مناط تطبيقها يفترض وجود خصومة أصلية، طُرح أمرها عليها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانون إنشائها، وثمة علاقة منطقية تقوم بين هذه الخصومة وما قد يثار عرضاً من تعلق الفصل فى دستورية بعض النصوص القانونية بها، فإذا لم تستوف الخصومة الأصلية شرائط قبولها ابتداءً، فلا مجال لإعمال رخصة التصدي، وحيث إن المحكمة انتهت في قضائها المتقدم لعدم قبول الدعوى الماثلة، فإن طلب مباشرة المحكمة لسلطتها في التصدي المقرر لها بالمادة (27) من قانونها لا يكون له من محل، وحيث إن الحكم في موضوع الدعوى يغني عن الخوض في الشق العاجل منها، فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى».
وحصلت «المصري اليوم» على نص الحكم في القضية رقم 10 لسنة 34 قضائية، المحكمة الدستورية العليا «منازعة تنفيذ»، التي أصدرت فيها حكما بعدم قبول الدعوى أيضا، وقال الحكم إن «مبروك محمد حسن والسيد سامى محمد عبد الباري، مقيمي الدعوى، أودعا صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة أول أغسطس العام الماضى، وطلبا الحكم وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من المدعي عليه الأول بإصدار القانون رقم 79 لسنة 2012 بمعايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية لإعداد مشروع دستور جديد للبلاد، وإثبات انعدام جميع آثاره القانونية بحسبانه يشكل عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 20 لسنة 34 قضائية «دستورية»، كما يشكل اعتداء على حجية هذا الحكم، مع الأمر باستمرار تنفيذ الحكم المذكور.
وأضاف الحكم أن «المدعين قررا أنه سبق للمحكمة الدستورية العليا أن أصدرت حكمها في القضية رقم 2 لسنة 34 قضائية (دستورية) ببطلان تشكيل مجلس الشعب، لعدم دستورية بعض النصوص التى تم انتخابه بناء عليها، وكان المجلس المذكور قبل صدور قضاء المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر قد وافق بجلسته المعقودة فى 11 يونيو 2012 على مشروع قانون بمعايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية لإعداد مشروع الدستور الجديد، وأرسله إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحسبانه الجهة المنوط بها إصدار التشريعات، إلا أنه لم يصدر فى حينه، وفوجئ المدعيان بأن رئيس الجمهورية أصدر القانون المذكور فى 11 يوليو 2012، بعد أن كان مجلس الشعب قد تم حله بقرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، تنفيذًا لحكم المحكمة الدستورية العليا».
وتابع: «المدعيان يعتبران هذا القانون عملاً مادياً منعدماً ويشكل عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 20 لسنة 34 قضائية (دستورية)، لأنه لم يتوفر له الشكل القانونى للإصدار والنشر فى الجريدة الرسمية قبل صدور قضاء المحكمة الدستورية العليا السابق ذكره، وهو ما يجعل منه مجرد قرار إدارى بحت منعدم الآثار القانونية».
وشدد الحكم على أن «المدعيين قالا إنه من الحتمى أن يكون المجلس النيابى الذى أصدر التشريع قائماً وصحيحاً خلال المراحل المتعددة التى يمر بها مشروع القانون، فإذا قضى ببطلان المجلس خلال إحدى المراحل، كان العمل الذى لم يتم – أثناء فترة وجود المجلس صحيحاً – منعدماً لا يجوز الأخذ به، ولا يمكن لأى سلطة أن تستكمل إجراءات إصداره والتصديق عليه، بعد زوال صفة المجلس الذى أقر مشروع القانون».
وقال: «تبعا لذلك يكون القانون رقم 79 لسنة 2012 الصادر فى 11 يوليو 2012، قد صدر بالمخالفة للقواعد الدستورية الحاكمة لإصدار القوانين، فلم يتم التصديق عليه وإصداره قبل القضاء ببطلان تشكيل مجلس الشعب بتاريخ 14 يونيو 2012، فضلاً عن انعدام إجراءات إرساله من مجلس الشعب إلى رئيس الجمهورية، لعدم قيام المجلس أصلاً فى ذلك الوقت».
وأضاف: «ذهب المدعيان أيضاً إلى أن القانون رقم 79 لسنة 2012 يمثل غصباً لسلطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى ارتأى عدم إصداره حينما عرض عليه، فضلاً عن إغفال الإشارة إلى الإعلان الدستورى المكمل الصادر فى 17 يونيو 2012، والذى أقسم رئيس الجمهورية اليمين الدستورية بمقتضاه».
وأضاف الحكم إن «قضاء المحكمة جرى على أن المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 قاطعة فى دلالتها على أن النصوص التشريعية التى يتصل الطعن عليها بالمحكمة الدستورية العليا اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً هى تلك التى تطرح عليها بعد دفع بعدم دستوريتها يبديه خصم أمام محكمة الموضوع، وتقدر هى جديته، وتأذن لمن أبداه برفع الدعوى الدستورية، أو أثر إحالة الأوراق مباشرة إلى المحكمة من محكمة الموضوع لقيام دلائل لديها تثير شبهة مخالفة تلك النصوص لأحكام الدستور».
وتابع الحكم: «لم يجز المشرع- تبعا لذلك- الدعوى الأصلية سبيلاً للطعن بعدم دستورية النصوص التشريعية، متى كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن طلبات المدعيين تنحل فى حقيقتها إلى طعن على إجراءات إصدار قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 79 لسنة 2012، ومن ثم فإنها تعد دعوى دستورية أصلية رفعت بغير الطريق الذى رسمه قانون المحكمة الدستورية العليا لإقامة الدعوى الدستورية، وألبسها المدعيان ثوب منازعة التنفيذ، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبولها، وحيث إن الحكم في موضوع الدعوى يغني عن الخوض في الشق العاجل منها، فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى».
كان مصدر قضائى توقع، فى تصريحات سابقة لـ«المصرى اليوم»، أن تقضى المحكمة بعدم قبول الدعاوى المطروحة أمامها، بشأن بطلان قرار تشكيل الجمعية التأسيسية، خاصة أنها تنظرها فى ضوء الدستور الجديد، مشيراً إلى أن الدستور تم تمريره، ولا يوجد مبرر لحل الجمعية، التى أصبح وجودها منعدماً بإقرار الدستور.