فى حديقة «درب 17 18» وقفت «سوزان أوفرمير» تغنى وتعزف مع مجموعة من الأطفال فى ورشتين لتعليم موسيقى «الجاز» مماثلتين لتلك الورش التعليمية التى تدرسها فى وطنها ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولى الخامس للجاز فى محاولة لنقل تجربتها فى محاربة سوء تعليم الموسيقى فى هولندا إلى مصر.
تعمل «سوزان» فى حقل التعليم الموسيقى منذ أكثر من 15 سنة، ومنذ خمس سنوات بدأت فى العمل على مشروع لتعليم موسيقى الجاز للأطفال من 4 إلى 12 عاما، يحمل اسم «جاز للأطفال»، تقول: «اكتشفت أنى أستطيع أن أعمل مع الأطفال على الموسيقى بسهولة شديدة، لقد أدينا حفلات للأطفال ثم كونا منهم فريقاً للجاز يعزف على المسرح، كما أدرس ورشا تعليمية لموسيقى الجاز للأطفال، وأصدرت كتابا عن تعليم الجاز للأطفال».
توضح «سوزان» أن تعليم الموسيقى فى هولندا، مثل مصر، يواجه العديد من المشاكل تتلخص فى عدم توافر آلات موسيقية فى غالبية المدارس، وعدم توافر مدرسين موهوبين موسيقيا، وأن الموسيقى غالباً ما ينظر إليها على أنها ممارسة تهدف إلى المتعة فقط، وتقل أهمية عن دراسة المواد المعتادة مثل القراءة والحساب، وتلخص أهمية دراسة الموسيقى فى أنها مهمة لاكتشاف مواهب الأطفال غير الموهوبين فى المناهج العادية، كما أنها جزء من حق كل طفل فى اكتشاف نفسه فى كل المجالات، بالإضافة إلى أن الأطفال يحتاجون إلى تعلم أشياء تدفعهم إلى الحركة بدلا من الجلوس طوال الوقت لاستذكار دروس القراءة والحساب.
فى المدارس التى تعلم الأطفال فى سن مبكرة بهولندا، يعلم مدرس واحد المواد الدراسية كلها للفصل، تقول «سوزان»: «المفترض أن يتعلم كل مدرس كيف يدرس الموسيقى أثناء تعلمه كيفية التدريس، ولكن إذا كان هذا المدرس غير موهوب موسيقيا، فإن تدريسه الموسيقى يكون صعبا.
تحاول «سوزان» رفع مستوى تعليم الموسيقى فى بلادها بأقل الإمكانيات، فعندما لا تجد فى مدرسة آلات موسيقية تعلم الأطفال العزف بالأيدى، كما يحتوى كتابها على تكتيكات بسيطة لتعليم الجاز للأطفال، كما يسهل تعليم موسيقى الجاز للمدرسين غير الموهوبين موسيقيا، ومع الكتاب أسطوانة مدمجة عليها الأغانى.
تعمل «سوزان» بجهد على أن يدرك الأطفال أن الارتجال هو العنصر الأساسى فى الجاز، إلى جانب عزف الموسيقى الخاصة بكل فرد منهم، والقدرة على المشاركة مع الآخرين . تقول «سوزان» عن اختيارها موسيقى الجاز تحديدا لتنفيذ مشروعها، إنى أحبها، فأنا عازفة ساكسفون وكنت مغنية فى فريق كبير فى هولندا، وبدأت فى البحث عما إذا كان هناك تعليم لموسيقى الجاز، ولم أجد، وأنا أعلم الكثير جدا عن موسيقى الجاز من ناحية الأغانى والأشكال، وهو ما كان عنصرا آخر سهّل لى اختيار موسيقى الجاز للتعليم».
لا تأتى موسيقى الجاز على رأس قائمة الموسيقى المفضلة لدى الأجيال الشابة والناشئة، إلا أن سوزان ترى أن المشكلة ليست فى الأطفال، ولكن فى المدرسين، تقول: «الأطفال عقولهم متفتحة ناحية أى جديد، ويأتون إلى حصصى ويسمعون عن الجاز لأول مرة مثل أشياء كثيرة يسمعون عنها للمرة الأولى، ولكن المدرسين لا يحبون الجاز، وعندما ينظرون إلى الإعلان عن ورشتى التعليمية يقولون هذه موسيقى صعبة لا يمكننا تعليمها، ولكن عندما يشاهدوننى وأنا أعمل يقولون إن هذا ليس صعبا على الإطلاق ونريد القيام به».
تحاول «سوزان» دعوة المدرسين إلى الورش التعليمية التى تدرسها، «على الرغم من أنهم يتحمسون للفكرة إلا أنهم يعودون بعد ذلك للانشغال بالمواد الأخرى التى عليهم تدريسها، وأعتقد أن الأشخاص الذين يؤيدون الفكرة عليهم العمل معى على إنجاحها، لأنه إذا لم يحدث هذا سأكون واحدة تصرخ وسط مليون فرد بلا جدوى».
ترى سوزان أن جزءا كبيرا من حل المشكلة هو أن ترى الحكومات أهمية الموسيقى، وأن تقدم الأموال اللازمة لتدريسها، تقول: «فى النهاية يجب أن تأخذ الحكومة المسؤولية وتضخ أموالا لكى يتم حل هذه المشكلة».