وسط محاولات المملكة العربية السعودية المستمرة لمقاومة رياح الربيع العربي، أثار الشيخ سلمان العُودة، أحد مؤسسي جماعة «الصحوة» السعودية، جدلاً واسعاً بدعوته الحكومة السعودية إلى الالتفات لمطالب السعوديين، وتحذيره من موجة عنف تجتاح البلاد، فيما وصفه مراقبون بـ«صعود النشاط السياسي للإخوان المسلمين في المملكة»، والذين كانوا يفضلون سياسة «البقاء في الظل».
وقال «العُودة»، في حسابه على موقع التدوينات القصيرة «تويتر»، في تحذيرات غير مسبوقة الأسبوع الماضي، إن «الثورات إن قُمعت تتحول إلى عمل مسلح، وإن تم تجاهلها تتسع وتمتد، والحل في قرارات حكيمة وفي وقتها تسبق أي شرارة عنف».
وألقت تصريحات «العودة»، الذي أقرّ بأن «تيار الصحوة وُلد من رحم جماعة الإخوان المسلمين»، الضوء على دور الجماعة في المملكة، خاصة أن تصريحاته لم تصدر إلا بعد صدور حكم بحل جمعية «الحقوق المدنية والسياسية في السعودية»، وسجن مؤسسي الجمعية المعروفة باسم «حسم» التي تحسبها وسائل إعلام سعودية على الإخوان المسلمين أيضاً.
كما أن «العودة» لم يسبق له توجيه هذا الانتقاد الحاد للنظام، رغم ما تشهده المملكة منذ فترة طويلة من احتجاجات للشيعة في المنطقة الشرقية.
ورأى النائب السابق في مجلس الشورى السعودي، محمد آل زلفة، في تصريحات لموقع «دويتشه فيلله» الألماني، أن «صعود نجم الإخوان بعد نجاح الربيع العربي، وجّه أنظار كثير من السياسيين في المملكة لهم باعتبارهم أبطال المرحلة المقبلة، وهذا دفع بالبعض إلى التشبث بأذيالهم»، مشيرا إلى أن «العودة» ظهر بصورة «الإخوانجي المحرّض على خلق حراك في المجتمع السعودى على نهج الإخوان».
وأوضح «آل زلفة» أن المجتمع السعودى يرفض تنامي نفوذ الإخوان في المملكة، معتبراً أن «العودة» أراد أن «يقدم خدمة للإخوان المسلمين في مصر، خاصة أنهم في مأزق»، في إشارة إلى توتر العلاقة بين المملكة والجماعة التي وصلت إلى السلطة في مصر.
ومن جانبه، اعتبر الباحث والمعارض السياسي السعودي حمزة الحسن، أن حملات الاعتقال التي تمارسها السلطات تؤكد أن خيار النظام هو «خيار أمني وليس خياراً إصلاحياً».
وأضاف أن «العودة ليس جديدا في المعترك السياسي، حيث دخل السجون، وكان من دعاة التغيير وفق نظرية السلفيين منذ تسعينيات القرن الماضي، إلا أنه فضّل الاحتكام للصمت منذ مدة طويلة، لكن أجواء الربيع العربي ربما فتحت شهيته للعودة بحذر إلى الميدان السياسي».
وكان «العودة» وجّه نقداً لاذعا للسلطات السعودية في التسعينيات، بسبب تعاونها مع أمريكا في حرب الخليج، وهو نفس موقف جماعة الإخوان المسلمين، كما أنه أحد الموقّعين على «خطاب المطالب» الذي دعا إلى إصلاحات قانونية واجتماعية في تلك الفترة أيضاً.
وانقسمت الآراء على موقع «تويتر» حول خطاب «العودة»، حيث قال الداعية عائض القرنى، الذي تحسبه بعض وسائل الإعلام السعودية على تيار الإخوان المسلمين أيضاً، إن «هذا خطاب مشفق ناصح وضع النقاط على الحروف في عديد من هموم الناس، أتمنى أن يُتلقي بروح إيجابية بعيدا عن التأويلات السلبية».
وفي السياق نفسه، قال الكاتب السعودي أحمد العرفج، في تغريدة على «تويتر»: «نريد خطاب وطن ومطالب وطن، وليس خطابا يرتبط بشخص ليتلون الخطاب وفق تلونات صاحبه».
وذكرت دراسة نشرها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي أن إخوان المملكة يقدمون أنفسهم باعتبارهم القوة السياسية الوحيدة الأكثر تنظيماً في المجتمع السعودي، ولعل ذلك يفسر دعم الرياض للسلفيين، لأنهم الأقرب للأسلوب السعودي عن الإخوان.