تحدث الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل فى الحلقة الثانية من حواره مع الإعلامية لميس الحديدى عن الإخوان المسلمين النشأة والتطور التاريخ والحاضر، وإلى أين يأخذون هذا البلد طالما أنهم الآن فى عمق السلطة وفى قمتها، وقرأ الاستاذ مفاتيح العقل والتفكير.
وقال هيكل، إن عدم زيارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما لمصر يأتى فى إطار أن مصر خرجت من معادلة النزاع على الأرض، ولم تعد طرفاً رئيسياً لكنها لاتزال لاعباً رئيسياً يؤدى دوراً صامتاً، مشيرا إلى أن أوباما سيحرك الأوضاع فقط ويترك البقية على وزير خارجيته جون كيرى.
ولفت إلى أنه كان لا يفضل القبض على «قذاف الدم» بحسبه كان مسؤولاً عن ملف التسليح المصرى فى حرب 73، مشير إلى أنه طلب من المجلس العسكرى الخروج منه لرفع الحرج عن مصر، وإلى نص الحوار:
■ دعنى أبدأ بسؤالك عما أظنه الحدث الأهم هذا الأسبوع وهو الاعتداء على الصحفيين والنشطاء السياسيين أمام مكتب مقر مكتب إرشاد الإخوان بالمقطم، وما تلاه من تداعيات.. كيف قرأته؟
- أنا أعرف ما حدث وشاهدته، وهو حدث فى سياقه، لكنى أريد أن أن نؤجل السؤال بدلاً من أن يكون فى بداية الحوار حتى تتواتر الأفكار مرتبة، وهو موضوع مهم ولا يحتاج أن أعبر عن موقفى، لأنه معروف تجاه هذا الأمر.
■ إذا دعنى أتساءل: الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، يزور المنطقة حاليا، إسرائيل والأراضى الفلسطينية، والأردن، لكن السؤال لماذا من وجهة نظرك مصر ليست مدرجة على جدول الزيارة؟
- لابد أن ننظر إلى مقصد أوباما منها فهو الآن فى مدته الثانية، وجرت العادة أن تترك الأمور المهمة فى المرحلة الثانية لترك الأثر الأكبر للرئيس على التاريخ الأمريكى، وبالتالى لا أظن أن الشرق الأوسط هو من أولويات أوباما فى مدته الثانية، لكنى أعتقد الأولوية للموقف الداخلى الأمريكى الذى يعانى من أزمة تراجع وقدرة، وعلينا ألا ننسى أن الولايات المتحدة الأمريكية تنازلت كثيراً عن قوتها، وأستطيع أن أسرد لك السيناريو الذى سنشاهده قريباً على مستوى الشرق الأوسط، هناك مؤتمر قمة عربى سيكون قريباً وأوباما موجود للتحريك وليس الحل فهو لن يلعب دور الوساطة مجدداً كما فعل أسلافه من قبل كلينتون وبوش، وبالتالى سيطرح خلال القمة العربية بعض الدول تساؤلات حول المبادرة العربية التى طرحت فى بيروت قبل سنوات ومفادها: «الانسحاب الكامل من الأراضى المحتلة مقابل التطبيع الكامل مع إسرائيل»، وستقترح هذه الدول سحبها، وسترد أخرى أنه من الممكن أن تبقى مطروحة بعض الوقت، فى هذا الوقت سيعود وزير الخارجية الأمريكى، جون كيرى، ليبدأ الحديث فى هذه الأمور.
■ لكن لماذا لم يزر أوباما مصر؟
- أعتقد أنه يريد أن يثبت أنه قادم لإسرائيل وأنها مهمة، بسبب الضغوط عليه من اللوبى اليهودى وغيره، فهو لا يريد هذه الشبهات، ومصر لم تعد طرفاً رئيسياً فى الموضوع.
■ لكن مصر لاعب رئيسى فى القضية وقد ذكرت لنا ذلك فى السابق؟
- ثمة فارق، هى بالطبع طرف رئيسى فى القضية، لكن أريد أن أحيلك لأمر ما، وهو أن اللاعب ليس شرطاً أن يكون محركاً فقد يكون لاعباً بالصمت والسكوت.
■ دورها فى التحكم فى حماس؟
- أيضاً حماس ليست طرفاً الآن، لنفترض أن محمود عباس أو مازن قبل حدوداً معينة فى الضفة، وهناك كتل من المستوطنات، وعودة إلى التاريخ إلى بن جوريون الذى لم يكتب دستوراً لإسرائيل هل يرغب فى هذا من أجل أنه يرفض الدستور، لا أعتقد.
■ ننتقل إلى موضوع آخر، العثور على أقمشة أثواب الجيش المصرى فى الأنفاق بين سيناء وغزة، الجيش يطلق التحذيرات، اتهامات متناثرة ليس لها من الأدلة الكافية بتورط حماس فى مصر فى حادث قتل جنود رفح؟
- نبالغ أحياناً فى موضوع حماس وهى موجودة فى قطاع غزة وتدرك العلاقة التاريخية بين غزة ومصر، ولا أريد أن أدخل فى تفاصيل ذلك، أياً ممن فى غزة بمن فيهم حماس تعتقد أمرين أن هناك حدوداً معينة لايمكن تجاوزها مع دولة اسمها مصر، والأمر الثانى هو أن التعامل كان فى الأساس مع مصر، وكان الجيش طرفاً رئيسياً فيها، وبالتالى فإن حماس لا ترغب فى استفزاز الجيش المصرى، وقد تكون هناك بعض المناورات الفرعية لإثبات الصلة الوثيقة بالإخوان، وهم فرع من فروع جماعة الإخوان المسلمين، وأتمنى ألانبالغ فى هذا الأمر، قرأت موضوع الأقمشة مثلى مثل من قرأوه وأعتقد أننا نحتاج إلى تقصى وتدقيق فى ملابسات هذا الأمر، المؤامرة محتملة ومطروحة لكن ليس بالضرورة أن تكون حماس فهناك أطراف ترغب فى إثبات وإحداث تشوش بما فيهم عناصر من الإخوان المسلمين.
■ بما فيه عناصر من الإخوان المسلمين؟
- هذا موضوع يحتاج إلى تقص بشكل معين والزى الكاكى ليس حكراً على القوات المسلحة، وحتى نحكم من اشترى ومن ذهب وكيف تم ينبغى التدقيق لكن الشبهات قائمة.
■ ما رأيك فى إلقاء القبض على أحمد قذاف الدم، منسق العلاقات المصرية الليبية فى عهد الرئيس الليبى الراحل معمر القذافى، خاصة أن هناك روايتين إحداهما تقول إن تم بموجب اتفاقات بين الدولتين فى أطر قانونية، والأخرى تقول أن الأمر برمته صفقة مع ليبيا مقابل الحصول على المليارات وتشغيل عمالة؟
- أعتقد أنه مهما كانت الأسباب لم يكن جائزاً لنا أن نلقى القبض على أحمد قذاف الدم وهوليس صديقى بالشكل الكافى، لا أعرفه جيداً، لكنى رأيته كثيراً وزارنى منذ ما يقارب شهر مضى ولأسباب كثيرة تجعلنى أرفض القبض عليه، وهو أنه لعب دوراً رئيسياً فى التسليح المصرى عام 73، ورغم أنه ابن عم القذافى لكنه أدار مليار دولار من ليبيا لشراء أسلحة لمصر، حتى القوارب المطاطية من إيطاليا كان مسؤولاً عنها رغم اعتراضى على بعض ما شاب هذه الصفقات، وبالتالى له دور مهم فى قضايا تمسنا جيداً، أيضاً كان قذاف الدم من الشخصيات فى العهد السابق الذى كان يمثل سفيراً فوق العادة ومقبولاً من المنطق أن هذا انتهى بعد سقوط القذافى، لكن فى النهاية هو له شبهة «لاجئ سياسى» وقد طلب أن يخرج أكثر مرة من المجلس العسكرى رفعاً للحرج عن مصر.
■ هل كان يحمل الجنسية المصرية؟
- أعتقد أن معه 7 أو 8 باسبورات وهذا طبيعى لمن يعمل فى السلاح ضمن ما يأخذه من مزايا.
■ لكن هناك وجهة نظر أخرى أن هناك رئاسة جديدة وأنها غير ملزمة بالاتفاقيات السابقة فى عهد المجلس العسكرى وأن هناك وضعاً اقتصادياً متدهوراً يقتضى التصرف بشكل معين؟
- هناك هيبة كبيرة للدولة، فالاتفاقيات تورث وتحترم، وليس من المنطق أن تتبرأ الحكومات من الاتفاقيات السابقة، فهى حكومة إتفقت على أمر معين، وهى حكومة مصرية بالأساس، ولا يوجد ما يسمى أن الغايات تبرر الوسائل، هذا أمر خطأ وأحترم جيداً أنه إذا كان يسبب حرجاً للثورة أن يتم ذلك من خلال السماح له بالخروج، وليس بهذا الشكل. هناك منظور سياسى وأخلاقى يكسب البلاد قيمتها وهناك طرق متحضرة.
■ البرلمان الأوروبى مؤخراً طالب برفض المساعدات الأوروبية لمصر بسبب ملف المرأة والطفل؟
- ليس المرأة والطفل فقط، وأعتقد أن أوروبا كانت أسرع بكثير من أوباما فى رد فعلها قد يكون للولايات المتحدة مقصد مثل تسهيل الأمور الخاصة بالتسوية الشاملة فى القضية الفلسطينية ولذلك هى تصبر، لكن أوروبا لم تصبر وكان ردها أسرع.
■ متى ظهر العنف فى تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، وأنت كنت شاهداً على فترات طويلة من النشأة والتطوير؟
- الميليشيات تؤدى إلى وجود تنظيمات، وهى قوة نواة صلبة فى التنظيمات، وهى التنظيم الخاص ومع حرب فلسطين تخيلوا أنهم يستطيعون تجنيد الكثير من الشباب تحت شعار الجهاد المرفوع وقته، ودون أن يشك أحد فى الأمر، ومن هنا بدأ الإخوان منحى جديداً فى السياسة.
■ لكن فلسطين تختلف كثيراً عن اغتيال جمال عبد الناصر؟
- أريد أن أقول إن كثيراً مما أسمع مما يقال عن دور الإخوان فى فلسطين غير حقيقى وأكاد أكون أنا الوحيد الشاهد على ذلك مع الأسف الشديد، وكانوا وقتها مع أحمد عبدالعزيز، لأنى الوحيد فى هذا الوقت الذى سار على قدميه من القدس إلى بيت لحم والخليل عابراً الكثير من المستوطنات، وكانوا موجدين وقتها وأحمد عبيد لم يكن معروفا فى مصر وقتها، وكتبت عنه وقبل ذلك صحيح الإخوان كانوا موجودين، وشاركوا فى المعارك، لكننا فى هذا الوقت كنا نتحرك فى الجزء المخصص للتقسيم، وجميع الدول العربية قبلت قرار التقسيم ودخلنا جميعنا إلى فلسطين فى إطار قرار التقسيم حيث حرصت كل دولة عربية على العمل ضمن قرار التقسيم وكانت المستعمرات وقتها تلك الموجودة فى الجنوب فى النقب، وجميع المعارك ساهمت فيها المدافع بدرجة أولى. ليس هناك جدال أن هناك بعض الاعمال البطولية فى هذه المعركة بوجه عام فى إطار محدود، والإخوان تحت قيادة كمال الدين حسين فى المدفعية وكان الإخوان هناك جيدين ولكنهم لم يحدث أن حموا انسحاب الجيش المصرى وقت الانسحاب، كما يقول الأستاذ أحمد حسين.. هذه أساطير أضيفت بعد المعارك.
■ من اغتيال النقراشى إلى اغتيال عبدالناصر؟
- فى وقت النقراشى دخل التنظيم الخاص، والبنا كان فى مكتبى عدة مرات، وأجرينا مقابلات طويلة ومهمة فى هذا الوقت منشوره تحت عنوان «يا رهبان الليل وفرسان النهار».
■ كم من المرشدين الذين قابلتهم؟
- قابلت البنا فى مكتبه وفى مكتبى وعدة مرات أخرى، والتقيت بالأستاذ الهضيبى بعدما سلم نفسه فى أعقاب محاولة اغتيال عبدالناصر، وكان وقتها فى السجن الحربى، والتقيت التمسانى فى سجن قصر العينى، وفى وجود فؤاد سراج الدين، ودارت بيننا نقاشات طويلة جداً بعدما تقرر الإفراج عنا، بخلاف هؤلاء لم أقابل مرشدين، لكن قابلت هؤلاء تحديداً.
■ هل تعتقد أنهم مختلفون عن مرشدى العصر الحالى «عاكف وبديع»؟
- لا أعرف بديع ولم أقابله ولم أر «عاكف» وجهاً لوجه، لكنى شاهدته عبر التليفزيون.. وجدته لطيفاً فى أحاديثه ويتمتع بقدر من القبول ومتكلم.
■ ما هو الفرق بين المرشدين الحاليين وبين من عرفتهم وقابلتهم؟
- حسن البنا قضية مختلفة، فهو من أنشأ النظام الخاص وأعتقد أنه ندم عليه.
تاريخ الميليشيات
■ هل النظام الخاص يعنى تكوين الميليشيات؟
- هو تنظيم سرى له هدف قيل إنه من أجل الجهاد ضد الإنجليزى. لكن هذا لم يظهر. ظهر فى صورة عنف داخلى مثل ما جرى من عنف فى عامى 1946، 1947 وقبلها بشكل مبكر مع أحمد ماهر.
وفى عام 1945 ظهر فى اغتيال النقراشى، وفى اغتيال الخازندار، وفى مقتل سليم باشا زكى، وكان حكمدار البوليس السياسى فى ذلك الوقت، ولكنى رأيت البنا فى وقت اغتيال النقراشى وكان شبه نادم، وكان ذاهباً إلى وكيل وزير الداخلية عبدالرحمن بيك عمار لتسليمه بياناً يدين فيه الاغتيال بعنوان «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين «وعندما تأخر عليه قلق وجاءنى، وكان يقول لى وقتها محمد افندى وكان نادماً وغير سعيد، أفلتت منه عبارة فى معرض حديثه قائلاً: «خرجوا عن طوعى» ثم كررها بعد ذلك كثيراً فى تصريحاته، وسألته وقتها بسذاجة شاب «أليس من المعقول أن تنشئ جماعات أو جيشاً وتتركه بدون عمل؟» ومجرد إنشاء جيش أو جماعة مسلحة يقضى استعمالها فليس من المعقول أن ينشأ جهاز ضارب ويطلب منه ألا يضرب إن كان هذا صحيحاً.
■ كنت شاهداً على محاولة اغتيال عبدالناصر وهم يحاولون التبرؤ منها؟
- هذا صحيح كنت شاهداً، لكن ليس مقبولاً التبرؤ منها فخالد محمد خالد اعترف والشيخ الباقورى اعترف أيضاً، وكانا أكثر شجاعة منهم، وعادة أول ما يقال لى من أحدهم أن محاولة الاغتيال ملفقة أترك النقاش فوراً، لأنه ببساطة أعتقد هذا نوعاً من الاستهزاء على محورين الأول بعقلى أولاً ثم بروايتى لما حدث، واعتقد أن الإخوان لو طلبت منى تحديد ماذا يجب أن يفعلوا الآن النظر لتاريخهم فى وجهه وعينه وبلا خفاء، لا أريد منهم أن يعترفوا لى.
■ يعترفون لأنفسهم؟
- لأنفسهم، أولاً النقراشى على سبيل المثال أحدهم سرق بذلة ضابط شرطة «بوليس» وقام بقتله وهى تشبه رواية الثوب المخصص للقوات المسلحة التى تحدثنا عنها فى بداية الحوار، والمشكلة أنى لست خارج الإطار، أنا كنت فى هذا الوقت صحفياً شاباً قمت بتغطية الحوادث سواء أحمد ماهر أو النقراشى أو حسن البنا نفسه. ومن كان يريد رؤية حسن البنا الأصلى كان يراه فى الفترة التى تلت اغتيال النقراشى عندما أحس أن الملك فاروق الذى وقف بجانبهم وساعدهم للوقوف فى وجه الوفديين لن يترك ثأره منهم الآن.
■ هل كان جمال عبد الناصر بعد محاولة اغتياله عنيفاً مع الإخوان بأكثر مما يجب؟
- أعتقد أن كل عنف يقابله عنف مضاد، هذا قانون الحركة، وقد أكون معتقداً أن العنف زائد لكنى أتذكر عبدالناصر عندما قال لى «لا تعرفهم إنهم قتلة!» وهو كان يعرفهم وعلى مقربة منهم، وهناك كتابان عن الإخوان أحدهما من أنور السادات والثانى من أيمن الظواهرى زعيم القاعدة وكلها تفرعات من الإخوان المسلمين.
الانشقاقات
■ عبدالمنعم أبوالفتوح ومحمد حبيب والهلباوى والخرباوى لماذا انشقوا؟
- كل عمل يتصور قيادته السياسية أن لديه نوعاً من العصمة مثل المرشد العام للإخوان المسلمين، فهى تعطى من حيث اللقب نوعاً من العصمة، أو عندما تطلب الخلافة يعطى نوعاً من العصمة، حتى عندما ننظر إلى تركيبة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة تشعر أنه الخليفة فى هذا والأمراء فى الأقاليم فى الحزب وأعتقد أن من أكبر أزماتهم أنه لديهم امتداد عالمى وإقليمى كبير، ورغم كون المركز الرئيسى فى القاهرة، فإن الضربات التى وجهت للحزب جعلته معطلاً بشكل جعل المراكز الأخرى تستغل ذلك وأصبحت أكثر قوة منه، وعندما تولوا السلطة تصوروا أنهم أقوياء.
■ هذا يقودونا إلى فكرة التنظيم الدولى كيف نشأ؟
- بدأ مع فكرة الحرب على عبدالناصر التى تشعبت علاقته واتسعت لتشمل سوريا والعراق، وجاءت الفكرة من هنا، وأعتقد أن كثيراً من القوى والدول وقفت مع هذا التنظيم، وكان هناك تمويل ودعينى أتحدث عن عام التمويل إنه يحدث كثيراً، حتى ميدان التحرير هنا تم بيعه عدة مرات، ولا أتحدث هنا عن الإخوان، فمن يبحثوا عن الإعاشة ووجدوها فى الاعتصام ذهبوا إلى الكثيرين وطلبوا موارد إعاشة وحصلوا عليها وبالملايين لإعاشة الميدان.
■ من باع الميدان؟
- لن أقول ذلك، لكنها نقطة عرضية قلتها فى معرض حديثى مع الأسف، لأنى فقط أحببت القول إن كل مناسبة جليلة فى الوطن تجد من يحاول بيعها والمتاجرة بها، وعودة إلى الإخوان مجدداً وتحديداً التنظيم الدولى هو نشأ فى الستينيات وكما قلت لأن نفوذ الرئيس الراحل جمال عبدالناصر خرج وتشعب إلى سوريا والعراق وجحد التنظيم الدولى.. والدكتور سعيد رمضان وتهافتت دول وقوى لدعم التنظيم لهذا السبب، لكن المركز الرئيسى ظل فى القاهرة.
■ لكن التنظيم الدولى به اسما يوسف ندا وسعيد رمضان فى جنيف ترى لماذا جنيف تحديداً فى رأيك؟
- كل حركة سرية أو كل عملية دعينى هنا أؤكد أن من أهم مشاكل الإخوان أنهم لا يخرجون إلى النور ويعملون فى الخفاء يفضلون «الوشوشة» ويخافون من الآخرين أو أن يتنصت عليهم أحدهم. ولا يعون أنهم الآن فى السلطة، وينبغى أن يكون لديهم خطاب علنى، ونحن على استعداد لقبوله طالما أنه عقلانى ويتسق مع العصر وبتلك المرجعية التى يرغبون فيها، وأعتقد أن التكوين الداخلى مازال يسيطر عليهم.
■ لكن كل هذا التمويل من أين يأتى؟
- قبل الحديث عن ذلك أنا لا أحب أن أتحدث عن إتهامات مطلقة، ورغم أن لدينا بعض المعلومات، لكنى لا أسمح لنفسى بالبوح بها، لكن سأجيب بشكل آخر كل من يستفيد من هذه القوة «الإخوان المسلمون» أو غيرهم وكل من يستفيد من أن تظل الأوضاع الحالية فى مصر بهذا الشكل أحيلك هنا إلى نظرية تسربت إلى مسامعى فيما مضى وهى منتشرة بشكل كبير منسوبة للملك فيصل: «نحتاج مصر باستمرار، موجودة، لكن دون أن تعوم أو تغرق، إذا عامت ستفترى وإن غرقت ستأخذنا معها جميعاً»، اسألى نفسك من مصلحته أن يفشل تجار بالمصريين أو يحجم القوى المصرية أو مصلحته فى ألا تستقر مصر بنظرة على هذه الأسئلة ستعرفين من هو صاحب المصلحة سواء فى الداخل أو فى الإقليم.
■ هل جماعة الإخوان المسلمين شرعية خصوصاً أنك كنت شاهداً على حلها عدة مرات؟
- شاهدت ذلك وحضرت وباستمرار أحيلك إلى أمرين وهما أن قدرة طرف على المقاومة تعطيه حق البقاء بشكل أو بآخر.. هم تحت الحل، وحلوا بالفعل، لكن أود أن أقول إن كل من استخدم جماعة الإخوان المسلمين يعلم أنهم محللون وأعود بالذاكرة إلى انتخابات عام 2008، عندما حصلوا على 88 مقعداً فى الانتخابات البرلمانية، وعندما ذهبوا للتفاوض على قبول التوريث، شريطة أن تكون لهم بعض الحرية.
■ تفاوضوا مع من فى النظام السابق؟
- تفاوضوا مع صفوت الشريف وكل من كان له مركز مؤثر فى سدة الحكم فى هذا الوقت، وهم على استعداد لقبول التوريث، ويجب أن نعلم أنهم ليسوا ثوريين بطبيعتهم، هم فقط يريدون أن تقبل أفكارهم وقدراتهم بشكل أو بآخر، وهم فى حقيقة الأمر ضد الثورة، وأعتقد أن ثمة تناقضات حدثت وتجلت فى أن تقوم ثورة بديعة، وينتهى الأمر الإتيان بنظام محافظ هذا يعبر عن خلل وخطأ.
■ لماذا لا يقننون أوضاعهم، بعد وصولهم إلى الحكم؟
- أعتقد أن يجب أن يزيلوا هذا الالتباس، ودعينا نتساءل: هل هم الفاتيكان أم أنهم لديهم خلافة وفروعهم من الأمراء موجودة؟.
■ هل تعرف الدكتور بديع؟
- لا أعرفه فى حقيقة الأمر.
■ هل تشعر بأنه الحاكم؟
- الموقع يحكم بصرف النظر عن الشخص، وعندما نركز على بديع فى حد ذاته لا أعرف مدى نفوذه فى الجماعة، لكن هناك سلطة فى هذا الموقع سواء أكان يستغلها بديع أو غيره، لكن فى نهاية الأمر هذا الموقع به سلطة غير مبررة، لأنها غير ظاهرة ولا نعلم من هم؟ وماذا يصنعون؟
■ من ضمن تلك المواقع خيرت الشاطر يتردد اسمه كثيراً؟
- لست مستعداً للخوض فى أسماء من هذه الجماعة فأنا أحترم الجميع والكل يؤدى دوره وأحترم الأدوار وأعتقد أنه من الخطأ فى العمل السياسى أن نخالف شيئين رئيسيين هما الخطاب المفتوح والتصرف المفهوم الشرعى الذى يلى الخطوة الأولى وأى عمل سياسى لا يستوفى هذين الشرطين يشعرنى بالقلق.
■ ما تعليقك على تصريحات مدير الكلية الحربية بشأن دخول بعض أفراد الجماعة إلى الجيش هل هذه بداية الأخونة؟
- قرأت ذلك وقلت لك فى الحوار السابق إنى لا أعرف هل هناك أخونة من عدمه، واعتقد أن القواعد مازالت سارية، وهى أن التيارات السياسية الفاقعة لا تدخل، وأعتقد أنه لا يغضب أحداً أن تكون هناك عائلات وفدية وأخرى متدينة من الإخوان المسلمين، لكن الناشطين بشكل أكبر على الساحة الفعلية والأكثر تأثيراً يمنعون.
■ لكن الناشطين فى الوفد مثلاً والتجمع لن يكونوا مثل من تعودوا على السمع والطاعة؟
- الجيش لا يجب أن تدخله السياسة الحزبية، فلا يمكن أن يكون هناك ضابط فى القوات المسلحة انتماؤه زائد عن حد معين.
■ هل من الممكن أن يخرج مرسى عن أمر الجماعة؟
- المنصب يعطيه مساحة حركة، ودعينا نأخذ أوباما مثالا هو ديمقراطى ويخرج من الحزب، لأنه من المؤكد أنه سيترك له مساحة معينة للتحرك فيها حتى ينجح فى ولايته الثانية.