هو أحد رواد مدرسة التلقائية فى الأداء، أدواره علامات بارزة على شاشة السينما، فـ«خالد صالح» ممثل فى حالة رفض دائم للقالب الفنى الواحد، لذلك يسعى إلى التجديد فى كل دور يطل به على جمهوره، «خالد» تحدث لـ«المصرى اليوم» فى حوار لا تنقصه الجرأة موضحا وجهة نظره فيما يمر به الوطن من أحداث على المستوى السياسى، فضلا عن أعماله السينمائية والتليفزيونية.
■ لنبدأ من المشهد السياسى.. كيف تقيم أداء النظام؟
- اداء باهت، السياسات ضد منطق الشارع، وكأننا «لسه بنتعلم سياسة وحكم» كله غير منضبط وعشوائى الكل يتصارع نحو مصالحه، الغريب أننا نردد دائما بأن الشعب المصرى جيناته واعية ومحترم يمتلك الأصول التعلمية والدينية والتربوية، تاريخ طويل جدا لكننى أشعر بأننا مازلنا بنتعلم الحياة ولابد من التجانس حتى نحقق مصالحنا.
■ وماذا فعلت الثورة إذن؟
- حتى الآن لا شىء، فالسلطة فى حالة انفصال كامل عن نبض الشارع، القادة خارج السياق، وخارج طموحنا وآمالنا واحتياجاتنا، يعملون فى اتجاه آخر، فنحن نعيش مرحلة الدولة فيها «حيه إكلينيكيا إنما غائبة موضوعيا وعمليا».
■ نترك السياسة ونذهب إلى «فبراير الأسود» أعجبك؟
- آه، ومحظوظ بالتعاون مع المخرج محمد أمين وأتابعه منذ أول أعماله «فيلم ثقافى» وحتى فيلمه الأخير «بنتين من مصر» فهو مخرج صاحب مدرسة وتكنيك ورؤية مختلفة يلعب فى منطقة درامية بمفرده وهى «البلاك كوميدى»، وثبت أقدامه كمبدع فى «فبراير الأسود» وأفتخر أننى كنت العنصر الموصل لفكرته التى تعكس وضع المجتمع فى ظل العشوائية وغياب القانون والتفكير العلمى السليم، وينقل جميع التناقضات التى عشناها فى فترة ما قبل الثورة وسبحان الله امتدت لما بعد الثورة، ويؤكد به ضرورة اتباع منهج علمى وتفكير منطقى فى قراراتنا، حتى لا ندخل فى «نفق مظلم» ومن حسن الحظ أن مخرج الفيلم هو أيضا مؤلفه وهو ما أحدث تجانساً بين الفكرة وتطبيقها.
■ وما الصعوبات التى واجهتك أثناء تصوير الفيلم؟
- بعد قراءتى للسيناريو أدركت أننى أمام تجربة لها طعم خاص، واعتبرت نفسى جزءاً فى لوحة و«رضيت بهذا المعنى لأنه حلو ومهم»، الممثل فى رأيى هو حامل للأمانات وهذه هى الحالة التى عشتها مع فبراير الأسود، فالفيلم «مش معمول للتسلية فقط وإنما للتسلية والتفكير»، ولم أجد صعوبة فى الحقيقة لأن محمد أمين كان حريصا جداً «وواخد باله من اللى كتبه وعايز يوصله»، ولا يعطى للممثل فرصة للإضافة على النص فكنا طوال الوقت تحت عينه ورقابته لأنه «كمخرج عارف هو عايز إيه».
■ وهل شعرت باختلاف فى ادائك شخصية د. حسن عالم الاجتماع؟
- «لبلاك كوميدى مش لعبتى»، ولكن الدور كان يستلزم مرونة فحاولت أن أكون مرناً قدر المستطاع لأن به شبه استعراضات وأدركت أننى أمام تجربة مختلفة ويجب أن أقدم نفسى بروح جديدة، تدربت عليها فى بروفات عديدة وبصراحة ساعدنى محمد أمين و«ماسبنيش أعمل اللى أنا عاوزه» وكان سببا فى انضباط أدائى، وتملكتنى حالة السخرية الموجودة فى الفيلم الممزوجة بالمرارة الشديدة جدا بسبب التنازلات المتكررة التى قدمها د. حسن طوال الفيلم بسبب أزماته المستمرة.
■ وهل تعرض العمل لأى ملاحظات رقابية أو أمنية؟
- على حد علمى، الرقابة لم يكن لها أى ملاحظات على السيناريو ولم تطلب تغيير أو تعديل أى مشهد من الفيلم رغم قساوتها وقوتها.
■ فى هذه التجربة بالتحديد.. دخلت بإيه وخرجت بإيه؟
- دخلتها بكل المشاعر الموجودة فى الفيلم وتبينتها كلها لأننى أعيش فى مجتمع وأشعر به وأدرك أماكن الضعف والخطر، إنما خرجت بـ«إيه» نفسى أخرج بانطباعات تقول إن الرسالة وصلت، وأنا شخصيا كنت أتمنى أن أساهم فى رسم البسمة على وجوه الناس لأننا نمر بحالة صعبة ومريرة وهذا كان هدفى من الفيلم.
■ فكرة خروج الوطن من القلب التى طرحها الفيلم برأيك هل وصلنا إلى هذه المرحلة؟
- لا لم نصل إلى هذه المرحلة، لكنه إنذار لهذا الخطر القادم، فالوطن هو المكان الذى تشعر فيه بحقوقك وواجباتك وما يربطك بالآخرين فيه علاقة توافق ويحدث بعدها بالضرورة حالة رضا عند الناس كلها ولكن للأسف هذا الأمر ليس موجودا عندنا.
■ الفيلم يناقش فكرة الهجرة فهل راودتك الهجرة يوما ما؟.
- قبل دخولى المجال الفنى وأنا ضد الغربة وعندما أسافر خارج القاهرة ليومين سواء لمهرجانات أو للعمل أشعر بالغربة وفى سنة 1984 مكثت أثناء دراستى حوالى 9 شهور تقريبا فى أمريكا وكان كل ما أتمناه وقتها أن أشرب كوب شاى فى أى مكان على النيل وأقابل أى حد مصرى.
■ بصراحة هل أصبحنا غرباء فى هذا الوطن؟
- للأسف هذا صحيح وأنا أعيش هذا الإحساس بقوة، البلد لا يتلاءم صبحه وظهره مع مغربه وليله.
■ وماذا عن فيلمك «الحرامى والعبيط»؟
- هو فيلم أتمنى أن ينال إعجاب الجمهور، وهو أول تعاون بينى وبين صديقى خالد الصاوى بعد الاحتراف وإن شاء الله يكون عند حسن ظن الجمهور، الفيلم كتابة أحمد عبدالله وهو الصديق الثالث الذى تمنيت العمل معه وإخراج محمد مصطفى وتعاونت معه الموسم الماضى فى مسلسل «9 جامعة الدول».
■ وما الجديد الذى تقدمه من خلال شخصية «العبيط» فى الفيلم؟
- اعتمدت فيها على كتابة المؤلف أحمد عبدالله وبصراحة كنت خائفاً جدا من الفيلم لأنه دور صعب وخارج الإطار.
■ بعد أن قدمت البطولة المطلقة لماذا تقبل البطولات الجماعية؟
- وهل نجاحى يمنعنى من التعاون مع أصدقائى ويحرم الجمهور من عمل فنى متميز، يرى أحمد السقا وأحمد عز وخالد الصاوى وهنيدى فى عمل، نجاحى لن يعزلنى عن أقرانى وأصدقائى أنا أكيد هاكون أقوى وأنا معهم.
■ ومسلسلك الجديد «فرعون»؟
- بدأت تصويره يوم الجمعة الماضى فى مدينة الإنتاج الإعلامى مع المخرج محمد على وجومانا مراد، ومرعوب جدا من هذه الشخصية، وفرعون فى العمل نقصد به أى شخص يستغل قدراته لأخذ أشياء ليست ملكة ويرهب الآخرين، تجدها فى المدرس الذى يعطى دروساً خصوصية رغما عن الطالب وعند سائق الميكروباص الذى يبلطج على الركاب، أى موظف يعتقد أن وظيفته هى سلطته، العمل يطرح حالة الفرعنة التى ممكن أن تلعب بينا ونلعب بيها.
■ ولماذا تبرعت لإقامة مهرجان الأقصر؟
- لى الشرف وأعتبره واجباً تجاه الصناعة التى أرتزق منها، واجبى «زى ما هو واجب كل الناس التى يعملون بها وأعتقد أننى بهذه الخطوة قد شجعت أناسا آخرين لأن يعملوا مثلى».