شهدت باكستان في الفترة الأخيرة موجة جديدة من العنف ضد الأقليات الدينية في البلاد، تحت مسمى «تطهير باكستان» بحسب وسائل إعلام محلية وعالمية، سواء كانت تلك الأقليات من المسلمين مثل الشيعة والأحمديين، أو من غير المسلمين مثل المسيحيين والهندوس، لتصبح في نظر المراقبين «مكاناً قاتلاً» لهم، ودليلاً على ضعف الحكومة وعدم رغبتها في حمايتهم، بل اتهامها بالتواطؤ للحض على العنف ضدهم، مما يعود بالبلد الذي يبلغ عدد سكانه نحو 180 مليون نسمة، إلى «العصور المظلمة».
بدأت الأحداث باستهداف منظمة إسلامية تسمى «لشكار جهانجوى»، لأقليات شيعية بتفجيرين راح ضحيتهما المئات، لأن ذلك يتماشى مع هدفها بـ«تطهير» البلاد من الشيعة، الذين يمثلون نحو 10% من السكان، وهددت المنظمة بالقضاء عليهم جميعا.
وتبع استهداف الشيعة، هجوم شرس على المسيحيين في مدينة لاهور، وإحراق العشرات من منازلهم ونهب محتوياتها، مما يؤكد جدية مشروع الإسلاميين لـ«تطهير» باكستان، لتصبح معقلا لنسخة الإسلام السني فقط، وتتواصل معاناة شيعة باكستان بشكل متزايد، بعد عقود من أشكال مختلفة من الاضطهاد والقيود الحقوقية في كافة المجالات، وجاءت أعمال العنف ضدهم في مدينة كويتا، التي توصف بالأعنف منذ سنوات، لتنسف كل أمل للتعايش السلمي هناك.
وفي ظل ضعف الحكومة، دفعت تلك الأعمال، الشيعة إلى اتخاذ تدابير أمنية لحماية أنفسهم من هجمات المتطرفين، وتحرك عشرات الآلاف ليتظاهروا ويعبروا عن غضبهم تجاه هذه الجرائم، وتوجيه أنظار العالم إلى انعدام الأمان الذي يعيشه شيعة باكستان يومياً، لدرجة جعلت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأمريكية تصف عام 2012 بـ«الأكثر دموية» في تاريخ باكستان، كما اتهمت عدة صحف باكستانية الحكومة وأجهزة الاستخبارات وقوات الأمن بالتقارب من الحركات المتطرفة، وعدم اتخاذ إجراءات لحماية الأقليات.
ورأت صحيفة «جارديان» البريطانية، أنه رغم الاحتجاجات الواسعة على الهجمات ضد الشيعة والمسيحيين فلا يعتقد أحد أن هناك إجراء حاسما سيتم اتخاذه من قبل حكومة الرئيس، آصف زرداري، لإيقاف المذابح، لأن السياسيين يخشون مواجهة الجماعات المتشددة وهم يستعدون للانتخابات.
ويثير قانون «التجديف» انتقادا دولياً واسعاً، ويقول ناشطون إن القانون يتم استغلاله على نطاق واسع ضد الأقليات الدينية، بينما يحاول علماء الدين إدانة الهجوم على المسيحيين في لاهور من خلال إقرار «يوم التسامح»، الجمعة الماضي، تعبيراً عن التضامن مع المسيحيين.