فشلت مصر والسودان في الجولة التفاوضية مع دول حوض النيل للتوقيع علي الاتفاقية الإطارية للتعاون، في الوقت الذي أعلنت فيه دول منابع النيل السبعة عن نيتها توقيع اتفاقية منفردة عن دولتي المصب والتأكيد علي أن جولة شرم الشيخ هي نهاية جولات التفاوض المشتركة بين دول الحوض العشر.
وتعرضت الحكومة ممثلة في وزارة الري لحرج بالغ، حسبما أكد المراقبون في الاجتماعات، وذلك في محاولة من مصر والسودان للوصول إلى اتفاق يحفظ ماء الوجه في ظل تعرض الحكومة إلي غضب شديد من الرأي العام، مما يشكل تهديدا لها مع اقتراب الانتخابات البرلمانية الشهر المقبل والانتخابات الرئاسية العام القادم.
وأكد المراقبون أن الاجتماعات كشفت عن الوجه القبيح لإثيوبيا في محاولتها الكيل بمكيالين لتمرير محاولة دول حوض النيل الجنوبي في الاتفاف حول الاتفاقيات القديمة مع مصر وحصد تأييد أوغندا التي تجاورها في الحدود وفي حاجة ماسة لإرضائها دون النظر إلي علاقاتها مع مصر رغم قيام مصر بتقديم تسهيلات كبيرة للاستثمار في إثيوبيا وهو ما لم تحافظ عليه إثيوبيا من خلال تبنيها مواقف دول أعالي النيل رغم التأكيدات السابقة لوزير الري الإثيوبي «أصفاو دينجاموا» بأن بلاده تسعي للتوصل إلي اتفاق شامل يلبي احتياجات كافة الأطراف ولصالح شعوب دول الحوض.
وشهدت جلسات المفاوضات بين مصر ودول حوض النيل والتي اختتمت اجتماعاتها فجر اليوم في مدينة شرم الشيخ العديد من المفارقات ومنها استمرار الجلسة الختامية أكثر من 20 ساعة متواصلة للتوصل إلى حلول للبنود العالقة للاتفاقية الشاملة لدول حوض النيل.
ورغم أن بداية الجلسة الصباحية كانت مبشرة بحدوث تقارب بين هذه الدول لبحث التوصل إلي نقاط اتفاق للاستمرار في تنفيذ مشروعات مشتركة لصالح دول حوض النيل إلا أن بداية المفاجآت كانت علي لسان وزير الري التنزاني عندما أصر علي ضرورة التوقيع علي الاتفاقية الشاملة قبل مغادرة المدينة في طريق العودة إلي بلاده.
وتواصلت المفاجآت بتأييد وزير الري الكيني لوجهة نظر تنزانيا وانضمامه إلي الأخيرة مما دعا أطراف أخرى إلي التراجع عن موقفها الوسط حسبما أكده مراقبون في الاجتماعات ومنها وزير الري الإثيوبي.
واعتبر المراقبون أن إثيوبيا أدارت الاجتماعات لصالحها من خلال لهجة الهدوء العاصف طبقا لتحليلات المراقبين وهو ما انعكس علي بداية انقسام دول حوض النيل إلي فريقين يضم الأول دولتي المصب "مصر والسودان" بينما ضم الفريق الثاني دول منابع النيل السبع.
وتمسكت مصر والسودان بموقفيهما القائم علي 3 محاور رئيسية وهي ضرورة قيام دول منابع النيل بالاخطار المسبق للدولتين قبل تنفيذ مشروعات في أعالي النهر بالإضافة إلي استمرار العمل بالاتفاقيات القديمة التي تظم موارد النهر وأن يكون نظام التصويت في حالة اقرار انشاء مفوضية لدول حوض النيل بنظام الأغلبية المشروطة بمشاركة دولتي المصب "مصر والسودان".
وأسفر استمرار الخلافات بين دول حوض النيل خلال الاجتماع الختامي الذي استمر اكثر من 20 ساعة متواصلة عن بيان صحفي أصدرته دول منابع النيل السبعة دون الرجوع لمصر والسودان متضمنا أنها في طريقها للإعلان عن تبنيها إنشاء مفوضية خاصة بدون مصر والسودان يتم الإعلان عنها خلال عام ويكون دورها هو الاستفادة من الموارد المائية للنهر بينما أعربت مصر والسودان أن توقيع الدول السبع علي اتفاقية منفردة يعكس وجهة نظر هذه الدول فقط واقترحت الدولتان إصدار بيان رئاسي لإطلاق مفوضية حوض النيل بمجرد التوصل إلي اتفاق شامل لإطار التعاون من خلال هذه المفاوضات للاستمرار في هذا الاطار.
وتضمن البيان الصحفي للدول السبعة أن اجتماعات شرم الشيخ تعد آخر سلسلة من المفاوضات حول الاتفاقية الاطارية للتعاون منذ بدء إطلاق المفاوضات عام 1995 وسط تأكيدات الخبراء المشاركون بأن البيان يؤكد أنه لن تكون هناك مفاوضات أخرى في أديس أبابا يوليو المقبل.