الاتحاد الأوروبي بين مطرقة «اليمين المتطرف» وسندان «الأزمة الاقتصادية»

كتب: منة الله الحريري الجمعة 08-03-2013 21:53

يمثل الاتحاد الأوروبي أهم القوى الدولية التي تتمتع بحضور قوي على المستويين السياسي والاقتصادي في العالم، وكما يعتبر نموذجاً للتكامل والوحدة بين 27 دولة تشترك في المصير المشترك والقدر الواحد، إلا أن المتغيرات الدولية والأزمات الاقتصادية التي عانت منها القارة، فضلاً عن الصعود المتزايد للأحزاب اليمينية المناهضة للاتحاد الأوروبي في عدد من الدول زادت من الشكوك والتشكيك في مستقبل الاتحاد.

وتدفع الأحزاب اليمينية المناهضة للاتحاد الأوروبي والهجرة في اتجاه الانفصال، بعد أن سجلت تلك الأحزاب صعوداً ملحوظاً على الساحة السياسية.

ففي بريطانيا، بات حزب استقلال المملكة المتحدة المناهض للاتحاد يفرض نفسه تدريجياً كطرف سياسي فاعل وحقق أفضل نتيجة له في الانتخابات المحلية الأخيرة، بما يشكل تهديداً للحزب الحاكم.

واعتبر محللون أن تعهد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، حول إعادة النظر في عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وطرح استفتاء على ذلك بحلول 2017 محاولة للتهدئة من شبح التهديد الذي يمثله حزب استقلال المملكة.

وتكمن خطورة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في ضرب الفكرة الوحدوية، على النحو الذي قد يفتح الباب لخروج دول أخرى لاحقاً.

وظهرت نداءات انفصالية مماثلة في دول أخرى قادتها الأحزاب اليمينية المتشددة، إذ طالبت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا، مارلين لوبان، التي حققت انتصاراً ملحوظاً في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، الرئيس فرنسوا أولاند بتنظيم استفتاء في 2014 على خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي.

ويرى مراقبون أن خروج بريطانيا وفرنسا من الاتحاد، سيؤثر على طموحات ألمانيا في «الهيمنة الأوروبية» باعتبارها الراعي لحلم «الوحدة الأوروبية»، ومع ذلك لا يرحب اليمين الألماني «النازيون الجدد» ببقاء ألمانيا في الاتحاد، وأسس التيار المحافظ حزباً مناهضاً لليورو مؤخراً، وأطلقوا عليه اسم «البديل من أجل ألمانيا»، وذكرت صحيفة «لوموند» الفرنسية أنهم يقصدون بالحزب «البديل عن أوروبا»، ويهدف الحزب إلى التخلى عن العملة الموحدة، وإجراء استفتاء قبل التخلي عن المزيد من السيادة الألمانية لصالح الاتحاد.

وفي إيطاليا، أسفرت الانتخابات البرلمانية الأخيرة عن صعود حركة «5 نجوم»، بزعامة نجم الكوميديا بيبى جريللو، وهو من أشد المعارضين للاتحاد، إذ دعا إلى استفتاء على خروج إيطاليا من الاتحاد.

وفي ظل الإجراءات التقشفية التي تعارضها الشعوب في إسبانيا واليونان والبرتغال، والمخاوف من إمكانية خروج هذه الدول من الاتحاد، يبقى مصير الاتحاد الأوروبي مهدداً.

وأكد الرئيس التنفيذي بمركز البحوث الاقتصادية والأعمال بلندن، ماك وليامز، أن انسحابا منظماً لليونان من منطقة اليورو أو الاتحاد الأوروبس قد يكلف دول اليورو 2% من ناتجها المحلي الإجمالي بنحو 300 مليار دولار، أما في حال انسحاب بشكل غير منظم فإن التكلفة قد تصل إلى تريليون دولار.

ووفقاً لآخر التوقعات التي نشرتها المفوضية الأوروبية، ستبلغ مستويات ديون حكومات المنطقة 95.1% من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2013، وأشارت المفوضية إلى أن الدول التي طالبت بدعم الاتحاد الأوروبي المالي بنسبة أكبر، خاصة اليونان والبرتغال وإسبانيا ستعاني من ركود حاد العام الحالي.