أعرب الخبير الاقتصادى العالمى، وأستاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد ريتشارد دونكن، عن مخاوفه من دورة جديدة من ارتفاع أسعار الغذاء، لافتاً إلى أنها ستضر دول المنطقة بشدة، وعلى رأسها مصر، وقال فى حوار خاص لـ«المصرى اليوم» على هامش مؤتمر نظمته «هيرمس» فى دبى، إنه لا يتوقع صداماً بين أمريكا والصين، ويرى أن أسعار البترول ستهبط بشدة.
■ هل لديك تصور خاص للأزمة الأمريكية والنظريات الاقتصادية بشأنها؟
- جوهر الأزمة الاقتصادية فى الولايات المتحدة يكمن فى الزيادة الكبيرة جداً فى القروض، التى تضاعفت 55 مرة منذ 1964، وغياب العلاقة السليمة بين النمو فى كل من النقود والائتمان، وبين النمو فى الاقتصاد.. الاقتصاديون النمساويون كانوا يقولون إن الدورة الاقتصادية تقاد بالتوسع فى الائتمان، وتحدث الاختناقات حين يتوقف الائتمان عن التوسع، وكانوا على حق، وعلى «المركزى» فى أمريكا أن يتأكد من استمرار التوسع الائتمانى المنضبط وتقديم ما يلزم من محفزات اقتصادية ومالية لهذا الغرض.
■ جنت بيوت المال الأمريكية لنفسها ولقادتها أرباحاً طائلة ثم حققت- بسبب الأخطاء الجسيمة- خسائر طائلة، لكن الشعب دافع الضرائب، هو الذى يدفع ثمن تعويمها، أى أنه تمت خصخصة الأرباح وعمعمة الخسائر.. ما رأيك؟
- أوافق على السؤال، ومع ذلك فخطط التحفيز التى يقوم بها أوباما والمركزى الأمريكى ضرورية، والإنفاق الحكومى يشكل 24٪ من الناتج فى أمريكا، وجزء منه يذهب إلى الجيش، الذى بدوره يطور تكنولوجيات، ثم يسمح للشركات الصناعية بالاستفادة منها، ما يفيد الاقتصاد ككل، ولو لم تنفق الحكومة سيتدهور وتزداد البطالة.
■ تتوقع هبوطاً حاداً فى أسعار البترول عالمياً، ربما خلال أعوام.. ما حيثياتك؟
- لست الوحيد الذى يتوقع ذلك، وقد أعلن مؤخراً أن أمريكا ستنافس السعودية فى حجم الاحتياطى، بعد سنوات، وفى 2020 ستكتفى ذاتياً، وفى الوقت ذاته فإن إنتاج العراق سيزيد، والنمو العالمى سيبقى ضعيفاً، كما أن النمو فى الصين، كشأن أى دورات، صعود سيقل، وبالتالى الطلب على البترول سوف يقل، لكل ذلك فإن أسعار البترول ستتراجع، ومن المهم عربياً الاعتماد على مصادر دخل أخرى وإيلاء عناية كبيرة للطاقة الجديدة والمتجددة.
■ هل تتوقع أن يتحسن مناخ الأعمال فى المنطقة؟
- حزم التحفيز الحكومية فى أمريكا وأوروبا وغيرهما ستستمر، ما يؤدى إلى رفع أسعار الأصول، وفى المقابل ستنخفض أسعار المحاصيل، بسبب زيادة الإنتاج 30٪ فى أمريكا، بعد انتهاء الجفاف، وستخفض المحاصيل فى وقت أسعار البترول فيه لاتزال مرتفعة، هذا غير مألوف كثيراً، وتلك معادلة هائلة للمنطقة، لتعمل فى ظلها وتستفيد منها كمنتج نفط وكمستورد غذاء، لكن المستقبل أكثر تعقيداً ويحتاج يقظة.
■ وماذا عن مصر؟
- أكبر تخوف عندى، هو ارتفاع أسعار الطعام مرة أخرى، لأنها كانت المحرك الرئيسى للغضب فى مصر والمنطقة، ولو حدث جفاف فى أمريكا وانخفضت الإنتاجية، ستحدث مشاكل فى الشرق الأوسط، أى أن كثيراً من الدول هنا تعيش على مثل تلك المصادفات، ولذا لابد من تغيير ذلك، بل أدعو أمريكا ذاتها إلى الاستمرار فى دعم المزارعين، لكى يبيعوا السلع أرخص، وبالتالى تذهب رخيصة لمن يستوردها، وفى ذلك مصلحة لأمريكا لأنه يحافظ على الاستقرار فى دول مهمة لها مثل مصر.
■ مصر ستقترض 3 أمثال حصتها من صندوق النقد، وهناك مشاكل، واليونان اقترضت عشرة أمثال حصتها.. ما تفسيرك؟
- كل شىء يخضع للتفاوض فى العالم الجديد، ومصر تستطيع أن تضغط على أمريكا، باستغلالها لمكانتها الإقليمية لتأخذ ما تريد، وهناك دور سياسى فى عمليات الصندوق يمكن ملاحظته، وفى النهاية الصندوق يعطى لمصر، ومصر تستورد من أمريكا، إضافة إلى أن أمريكا معنية ببناء استقرار فى شمال أفريقيا.