عادت القضية الفلسطينية بقوة مع بوادر اندلاع «انتفاضة ثالثة»، على خلفية موجة الاحتجاجات التي اجتاحت الضفة الغربية وقطاع غزة بعد وفاة الأسير عرفات جرادات، بسبب التعذيب أثناء التحقيق معه فى سجن «مجدو» الإسرائيلي، وأصبحت المعطيات التي تشهدها الساحة الفلسطينية تشكل بيئة خصبة لاندلاع انتفاضة جديدة قد تحمل اسم «انتفاضة الأسرى».
وفيما تتهم فصائل فلسطينية إسرائيل بتعذيب جرادات حتى الموت، قالت سلطات الاحتلال إنه توفى «نتيجة نوبة قلبية»، إلا أن الجانبين أجمعا على أن وفاة جرادات ربما تصبح عنوان المرحلة المقبلة، بعدما أعادت للشارع الفلسطينى المواجهات بشكل أثار مخاوف لدى القيادة الإسرائيلية، خاصة فى ظل تهديد الفصائل الفلسطينية بالرد على وفاة جرادات.
وقد أضرب نحو 4 آلاف أسير في السجون الإسرائيلية عن الطعام حداداً على وفاة جرادات، كما دعا أسرى حركة فتح الفلسطينيين إلى مواصلة التصعيد.
ودعا المحلل الإسرائيلى تسفى برئيل، رئيس جهاز الأمن العام يورام كوهين إلى العمل بجد للإفراج عن أكبر عدد من السجناء الأمنيين والمعتقلين الإداريين لمحاولة إخماد ما يبدو أنه «انتفاضة ثالثة».
وبحسب وزارة شؤون الأسرى الفلسطينية، يوجد 4660 أسيرا وأسيرة فى 17 سجنا ومعسكرا إسرائيليا، بينهم 3822 أسيرا من الضفة الغربية المحتلة، و449 من غزة، و152 من القدس، و206 من إسرائيل، و31 أسيرا من العرب اعتقلتهم إسرائيل بتهمة «محاولة تنفيذهم عمليات ضدها عبر الحدود».
وبينما توقع محللون ومسؤولون فلسطينيون أن تكون المواجهات التى تشهدها مدن الضفة الغربية مقدمة لاندلاع انتفاضة ثالثة شعبية سلمية وليست مسلحة، وأنها ستكون أقل حدة من الانتفاضتين السابقتين، أجمع المحللون الإسرائيليون على أن من شأن استئناف الاتصالات السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين والعودة إلى المفاوضات، منع اندلاع هذه الانتفاضة.
وكشف المحلل العسكرى ألكس فيشمان، فى صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن تحذير الجيش الإسرائيلى منذ عدة شهور من تدهور الوضع فى الضفة بشكل مقلق. ورأى فيشمان أن الحكومة الإسرائيلية ستبحث عن «اختراعات» لإرضاء الفلسطينيين وتهدئة الوضع عشية زيارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وأن إسرائيل تجهز «سلة أوباما» التى تشمل إطلاق سراح عدد قليل من الأسرى الفلسطينيين وتنفيذ بعض التسهيلات وتحويل أموال للسلطة الفلسطينية.
وأعاد المشهد الفلسطينى الحالى إلى الأذهان مشاهد الانتفاضة الفلسطينية الأولى التى اندلعت عام 1987، حينما دهست شاحنة إسرائيلية سيارة فلسطينية يستقلها عمال فلسطينيون وقد سُميت «انتفاضة الحِجارة». كما تذكر بالانتفاضة الثانية والتى عُرفت بـ«انتفاضة الأقصى» التى كان سببها الرئيسى زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق أريل شارون للحرم القدسى الشريف.