طالبت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، الاثنين، الرئاسة المصرية ووزير العدل بتعديل قانون التظاهر، موضحة في بيانها أن مشروع القانون الذي تقدمه الحكومة يفرض «قيودا شديدة على الحق في التجمع السلمي ويزيد من عنف الشرطة».
وحللت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان في خطاب أرسلته للسلطات المصرية أوجه القصور في مشروع قانون التظاهر، طبقا لالتزامات مصر بحقوق الإنسان والمعايير الدولية القانونية، وطالبت الحكومة المصرية بتعديل مشروع القانون بعد أن تم إرساله إلى مجلس الشورى، القائم بالتشريع مؤقتًا، يوم 17 فبراير الماضي.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومان رايتس ووتش»، إن «هذا القانون بصياغته الحالية سيقيد حقا أساسيا من حقوق الإنسان، ويحد من قدرة المصريين على مواصلة المطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية»، مضيفة أن «من حق الحكومات أن تنظم المظاهرات، لا أن تحظرها لأسباب مفتعلة أو أن تقصيها عن مرأى ومسمع أي مبنى حكومي».
وأوضحت أن «أفضل ضمانة لاحترام القوانين الجديدة التي يمررها المجلس التشريعي المصري هي ضمان احترام تلك القوانين الكامل للحقوق الموضوعة على المحك، ولا يمكن معالجة دائرة العنف المفزعة التي شهدتها مصر مؤخراً إلا من خلال إصلاح الشرطة والمحاسبة، وليس بمنح الشرطة وغيرها من سلطات الدولة المزيد من الصلاحيات لتقييد المظاهرات أو استخدام القوة ضد المتظاهرين».
ولفت الخطاب إلى أن أوجه القصور الرئيسية في مشروع القانون هي العبارات «المبهمة» في المادة 4 التي تحظر المظاهرات المؤدية إلى تعطيل «مصالح المواطنين»، أو «حركة المرور»، أو «الاعتداء على حرية العمل».
وأضافت «هيومان رايتس ووتش» أن المشكلة الأكبر هي أن أي مخالفة للمادة 4 تسمح للشرطة بتفريق المظاهرة بالقوة، معتبرة أن هذا يرقى إلى مرتبة «العقاب الجماعي للمتظاهرين، لأن اعتداء متظاهر واحد على رجل شرطة سيكون سببًا كافيًا لقيام الشرطة بتفريق المظاهرة كلها، حتى لو كانت الأغلبية العظمى للمتظاهرين سلمية».
وتحظر المادة 9 من مشروع القانون على المتظاهرين الاقتراب حتى 200 متر من المباني الحكومية أو التشريعية أو القضائية، إضافة إلى مقار الحكم المحلي، وهو ما اعتبرته «هيومان رايتس ووتش» إبعادا للمتظاهرين عن مرأى ومسمع أي مسؤول تقريبًا في مصر، ووصفته بأنه شرط «مبالغ فيه ويمثل قيدًا جوهريًا على حق المواطنين في إيصال رسالة للمسؤولين عن طريق التجمع السلمي».
ويسرد مشروع القانون في المادة 13 قائمة بجرائم سبق تجريمها كاملة في قانون العقوبات، مثل التعدي على الممتلكات العامة أو الخاصة، ويفرض عقوبة إضافية هي الحبس لمدة لا تقل عن أسبوع، وغرامة «باهظة» تتراوح بين 20 و50 ألف جنيه مصري، على أي مخالفة لأحكام المادة 13، التي تحظر أيضا على المتظاهرين ارتداء الأقنعة أو تغطية وجوههم، مما يعد تمييزاً واضحاً ضد المصريات اللواتي ترتدين النقاب.
وأشارت المنظمة إلى ما قاله وزير العدل، أحمد مكي، عن هذا في إحدى المقابلات التليفزيونية، عندما أجاب الوزير بأن من ترتدي النقاب عليها أن «تلزم بيتها».
وتابعت المنظمة أن المادة 5 من مشروع القانون تشترط أن يقدم المتظاهرون إخطاراً مكتوباً قبل المظاهرة بثلاثة أيام، بينما تنص المادة 8 على ضرورة لجوء وزارة الداخلية إلى قاض لإلغاء مظاهرة، لكن المادة لا تشترط أن يصدر القاضي حكمه في موعد مناسب ضمن مهلة الأيام الثلاثة، وهو ما من شأنه إثارة غموض حول الوضع القانوني للمظاهرة، كما يخفق القانون في توفير استثناء للمظاهرات الأصغر حجماً والتي لا تسبب أي ارتباك، ولا للمظاهرات العفوية العاجلة استجابة للأخبار.
وقالت «هيومان رايتس ووتش» إن القانون يخفق أيضاً في وضع حدود واضحة لكيفية استخدام الشرطة للقوة في تفريق المظاهرات، من حيث الأسلوب المستخدم أو شروط التصعيد في رد الشرطة، فبدلاً من النص على إلزام واضح للشرطة يتفق مع المعايير الدولية باستخدام القوة فقط إذا أثبتت الوسائل غير العنيفة عدم فعاليتها و«ممارسة ضبط النفس في هذا الاستخدام والتصرف بالتناسب مع جسامة المخالفة»، تكتفي المادة 15 باقتراح أن «يراعى بقدر الإمكان» اتخاذ الشرطة لإجراءات تبدأ بالإنذار وتتدرج حتى مدافع المياه والغاز المسيل للدموع.
وأشارت إلى أن مشروع القانون يقصر حق التظاهر على المصريين فقط، إذ ورد في المادة 2 أن «للمواطنين حق الدعوة إلى المظاهرات وتنظيمها والانضمام لها»، وهو نص «تمييزي»، حيث يوفر القانون الدولي هذا الحق لأي شخص على تراب أي بلد.
ولفتت المنظمة أن وزير العدل دعا المنظمات غير الحكومية بما فيها «هيومان رايتس ووتش» ومنظمة «العفو الدولية» ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، علاوة على مكتب الأمم المتحدة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، إلى التعليق على مشروع القانون في 5 فبراير الماضي. وفي 10 فبراير، أرسلت «هيومان رايتس ووتش» خطاباً إلى وزير العدل يبرز مواضع قصور مشروع القانون عن تلبية متطلبات القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويقدم توصيات بالمراجعة.وقبلت وزارة العدل ثلاثا من هذه التوصيات، ومنها رفع العقوبات الجنائية عن الإخفاق في الحصول على تصريح بالتظاهر، لكنها أبقت على معظم النصوص الإشكالية وقدمت المسودة إلى مجلس الوزراء، ووافق مجلس الوزراء على المسودة النهائية في 12 فبراير ثم رفعها في 17 فبراير إلى مجلس الشورى.