يمر اليوم عامان على انطلاق شرارة الثورة، تختلف نظرة الجميع لإسقاط النظام عن نظرة أهالى الشهداء كثيرا، فالإحباط يخيم عليهم أكثر، يرى البعض منهم أن تضحيات الشهداء «لم تفلح»، والبعض ملَّ من «تعامل الحكومة مع قضية الشهداء بالمال فقط»، على الرغم من أنهم لم يضحوا بحياتهم من أجل المال، لكنهم أدركوا جميعا أن «القصاص فوق، ولا وجود له على الأرض»، واكتفوا باحتساب أبنائهم شهداء عند الله، فتغاضوا عن معاملة الدولة التى وعدتهم بتعميد أبنائهم فى نُصب تذكارية، وتسمية الشوارع بأسمائهم، ولم يقلل من إحباطهم سوى بعض الشباب الذى يهاتفونهم من كل مكان داخل مصر وخارجها، ليحتفوا بهم ويؤكدوا لهم أن الثورة مستمرة، ويبقى مطلبهم الأساسى هو القصاص من القتلة. «المصرى اليوم» نقلت بعد عامين نبض أهالى الشهداء ولسان حالهم، فى ذكرى رحيل أبنائهم.. نقلت كلام أسر الشهداء الذين نُشرت صورهم فقط قبل عامين بالجريدة. عامان على «الورد اللى فتَّح فى جناين مصر»
الشهيد كريم عبدالسلام بنونة
الشهيد إسلام محمد عبدالقادر بكير
خمس رصاصات حية استقرت فى ظهر الشاب إسلام محمد عبدالقادر بكير، أسفرت عن استشهاده يوم جمعة الغضب، عقب حصوله على ليسانس الآداب (قسم الحضارات الأوروبية) عام 2010، صفحته الرسمية لم يتوقف نشاطها حتى الآن بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، كتب صديقه فيها منذ أيام «دم إسلام بصمة فى كيان مصر، شهيد جمعة الغضب حقه لسه ماجاش»، ووضع صور إسلام فى خلفية الصفحة وكتب عليها «دم الشهيد ينادى، سأعود.. لأنزل ميدانى» داعيا للمشاركة فى تظاهرات 25 يناير 2013. عندما تمر ذكرى «إسلام» على والده يشعر وكأنه فى عيد «أشعر بالحرية»، هكذا يصف والد إسلام، الأستاذ محمد عبدالقادر بكير، شعوره فى ذكرى رحيل ابنه، مؤكدا أنهم عقب وفاة إسلام لم يربحوا غير كرامتهم وكرامة الوطن، «حتى لو كان المقابل دم شهدائنا جميعا، فمصر لا يكفيها دماؤنا جميعا»، لكن فى الوقت نفسه يرى اليوم أن الوقت قد حان لاستكمال المسيرة والسعى لتحقيق حلم ومطالب الشهداء وليس حق الشهداء فقط. واعتبر والد إسلام أن حق الشهداء فى تحقيق أحلامهم التى طالبوا بها قبل استشهادهم لمصر.. «ملايين الدنيا مش هتعوضنى عن إسلام، الفلوس اللى أخدتها من الدولة اشتريت بيها أرض وبنيت جامع لإسلام ولإخواته الشهداء... لا ينقصنا فقط سوى تكريم محترم من الدولة لأهالى الشهداء كل عام يليق بما قدمه الشهداء من تضحيات لتكون مصر فى وضع أفضل وتسترد كرامتها».الشهيد سيف الله مصطفى الصاوى
لم يفكر الشهيد سيف الله مصطفى الصاوى فى المشاركة فى تظاهرات جمعة الغضب بحسب والده، الحماس وحده دفعه هو وصديقه للمشاركة حين رأى متظاهرين أمام قسم مدينة نصر يرددون هتافات ضد الداخلية، فوقف عند ميدان الساعة الذى كان يبعد أمتاراً قليلة عن القسم حين بدأت الشرطة تطلق الرصاص والقنابل المسيلة للدموع، ما دفع «سيف» للاستعداد للجرى كمن حوله من المتظاهرين، أعطى ظهره للقسم دون حذر، فأصابته رصاصة بمؤخرة رأسه، سقط على إثرها الطفل الذى لم يبلغ عامه السادس عشر عند فراقه للحياة يوم 1 فبراير 2011. بحزن يشاهد والده المهندس مصطفى كيف نسى الناس استشهاد ولده، عدا قلة قليلة من الناس التى عرفته عن طريق صورته الشهيرة التى انتشرت على الشبكات الاجتماعية بعد الثورة، «حتى الحكومة التى تدّعى التدين لم تفعل شيئاً له وللشهداء جميعا، أقل ما يقال أننا لم نمتلك وثيقة رسمية من الدولة تفيد بأسماء الشهداء الذين ضحوا فى سبيلها، بعيدا عن غياب القصاص، قبل الطعن على حكم مبارك». يضايق والده كثيرا عدم محاكمة أحد الضباط الذين قتلوا «سيف»، رغم أن أحد أصدقائه الذين رافقوه قبل استشهاده أدلى بمواصفات الضابط الذى قتله، بحسب والده. لفت والده إلى حال أغلب أهالى الشهداء الذين لم يعوَّضوا بقدر ما فعله الشهداء: «سيف لم يبلغ عامه الـ16 وكان مسؤولاً منى، لكنَّ هناك كثير من الشهداء كان لديهم أولاد وزوجة وآباؤهم كبار فى السن، ويحق لهم الدية التى فرضها الإسلام، والتى تقدر بمائة بعير»، فهم ـ من وجهة نظر والد سيف ـ فى أشد الحاجه لتلك المبالغ، على الأقل لضمان مستقبل أولادهم الذين لم يروهم: «إذا كان هناك ما يسمى بالحكومة الإسلامية التى تحكم بما لا يخالف شرع الله». ويضيف: «أردت أن أفعل شيئا له ولعدد من الشهداء فانتويت إقامة نصب تذكارى تخليدا لذكراه، خشية ذهاب روحه فى طى النسيان، هاتفت النائب مصطفى النجار وطلبت منه الموافقة فقط على إقامة النصب مكان ميدان الساعة ووعدته بتحمل التكلفة وعدم تكلفة الدولة مليما واحدا، لكن دون فائدة».الشهيد محمد محروس
دموع أمه الثكلى وحزنها لم يجعلاها تستطيع الحديث إلا بعبارات قليلة كلما تتذكر، خاصة حين تحكى أن الشهيد محمد محروس كان يعمل بدبى وعاد منذ أن توفى والده ولم يسافر ثانية لكى يساعدها ويظل بجانبها، خاصة بعد أن تركت عملها كمدرسة رياضيات بعدما وصلت إلى سن المعاش. لم يعوضها شىء إلا أنه عند الله، اكتفت بالسعى وراء مطلب القصاص، وتأكدت فى يقين شبه مؤكد من أن «القصاص هييجى من فوق، الأرض ما فيهاش عدل، أهم حاجة إنه عند ربنا هو وباقى أولادنا، كلهم دماؤهم ذهبت هدراً، والمحكمة برأت الضباط رغم أننا قدمنا جميع الأدلة التى تثبت قيامهم بإزهاق أرواح أجدع شباب فى مصر». منذ استشهاد محمد محروس لم تبخل الأم بتقديم أى دليل للقصاص من قتلته: «كل شىء قدمناه للنيابة راح، قدمنا فيديوهات وصوراً من أمام قسم الدرب الأحمر»، أحضروا عدداً من المصابين استجوبهم القاضى لساعات طويلة، وتعرفوا على الضباط الذين صوبوا الرصاص عليهم، لكن الضباط أحضروا أوراقاً تفيد بوجودهم فى المديرية يوم الأحداث. وتختم حديثها: «أنا حزينة على مصر، منذ استشهاد محمد لا أستطيع النزول للشارع، أقضى احتياجاتى الخاصة بصعوبة، منذ أن تركت المدرسة التى كنت أعمل بها مدرسة رياضيات فى مدرسة الخليفة».الشهيد أحمد بسيونى
«الوضع لم يتغير، نحن لا ننتظر مكافأة مادية، لكننا نريد اهتماما من الدولة، حتى نشعر بقيمة التضحية من أجلها»، بيأس شديد كانت تتساقط الكلمات من حديثها لتعلن عن حجم المعاناة التى تلاقيها نادية زوجة الشهيد أحمد بسيونى، وهى تؤكد: «لو كان أحمد عارف إنه هيموت عشان تيجى فئة معينة وتنفرد بالحكم، وتعمل فينا كده ماكانش نزل من البيت أصلا». تكمل زوجته: «لو كان أحمد يعلم أن من بعد التضحيات التى قدمها سيلاقى الذين بعده ما لاقاه ويُقتل من يُقتل ويُنكَّل به من يُنكَّل به فى المظاهرات ويقال عنه بلطجى لما ضحى بحياته، فحياته ذهبت بلا قيمة»، توضح نادية أن السبب الرئيسى وراء نزول «أحمد» للمشاركة فى الثورة هو الهتاف الأول «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، لكن الآن تريد الحكومة منع المظاهرات واستخدام الأسلحة ضد المتظاهرين كلما أمكن، متسائلة: أين الحرية التى ضحى أحمد بحياته من أجلها؟! تكمل زوجته مأساتها: «لم تتحقق وعود رئيس الجمهورية، الرئيس لا يرى غير التمكين، وتناسى المحاكمة ومحاسبة قتلة الشهداء، بالإضافة إلى عدم تحقيق العدالة الاجتماعية».الشهيد حسين طه
بإيمان شديد يرى والد الشهيد حسين طه أن المكسب الوحيد من استشهاد ابنه هو احتسابه من الشهداء عند الله، غير ذلك فقد خسر كل شىء، لكنه لا يريد غير القصاص العادل، ذلك هو الشىء الوحيد الذى يتعشم فيه الحاج طه. أكثر ما يفتخر به الآن، وأعظم ما حدث بعد وفاة «حسين» منحه درجة الليسانس الفخرية من كلية الحقوق جامعة الإسكندرية، وتمت تسمية أحد مدرجات الكلية باسمه، كما تم تغيير المدرسة الثانوية من مدرسة محمد حسنى مبارك، إلى مدرسة الشهيد حسين طه، لكن كل هذا يبقى فى كفة أمام كفة القصاص العادل. يحكى والد الشهيد لقاءه وعدد من أهالى الشهداء مع رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى قبل انتخابات الإعادة مباشرة، حيث تعهد أمامهم بأن يكون «ولى الدم» لكن للأسف الشديد لم يحدث شىء جديد، بل ربما مسلسل البراءة مستمر، وهو ما يؤدى إلى استمرار عدم الاستقرار مثلما حدث منذ أيام هنا فى الإسكندرية، حين تنحى القاضى الذى رفض اطلاع المحكمة على الأدلة الجديدة التى انتهت لها لجنة تقصى الحقائق، «هو كان صعبان عليه يدى الناس براءة؟.. نحن لنا الله».الشهيد محمد عبدالمنعم حسين
لم يكن لى غير محمد بعدما بلغت من العمر 72 عاما، كان محمد هو السند الذى أتكئ عليه خاصة بعد زواج أخيه الأكبر، هكذا كان محمد لوالده الحاج عبدالمنعم حسين. «استشهد محمد وعوضتنى الدولة عنه بمائة ألف جنيه، 30 ألفاً حصلنا عليها بعد وفاته و70 ألفاً بقرار من مجلس الشعب، وذهبت إلى الحج، ويعلم الله أن الفلوس لا تعوض عن شىء، ومهما بلغت الأموال فالاحتياجات أكثر، لدىَّ 6 بنات، لكننا الحمد الله لا نريد الأمول وفى غنى من السؤال عنها». لم يكن ينتظر والد الشهيد محمد غير الوعود التى وعدتهم الحكومة بها من تسمية الشوارع بأسماء الشهداء، وإقامة معارض لهم، وإحياء ذكراهم بنصب تذكارى، إضافة إلى بطاقات العلاج المجانى للأهالى، لكن لم يحدث من ذلك أى شىء: «سئمنا من الإهمال الحكومى، وأدركنا أن دماء أبنائنا أهدرت، لا قصاص تم ولا احترام من الدولة لتضحيات الشهداء، وزاد على ذلك اتهامنا بالبحث عن الشهرة والأموال.. حتى مؤخرا أحضرت لجنة تقصى الحقائق أدلة جديدة، وما يثبت تورط الداخلية فى القتل، وأعطوها للنائب العام، الذى وضعها فى الأدراج وقال إن المحاكمة لن تعاد إلا بظهور أدلة جديدة».شهداء أهم أحداث الثورة
25- 28 يناير 2011:
انطلقت بعد صلاة الجمعة تظاهرات شعبية فى عدد من المدن، مطالبة بتعديلات بإسقاط النظام ورافضة سياسة القمع والرعب التى اتخذتها الشرطة ضد المتظاهرين، وأطلق الأمن القنابل المسيلة للدموع والمياه والرصاص المطاطى والحى على المتظاهرين، لمنعهم من الوصول إلى الميدان، وفى النهاية اضطرت قوات الأمن إلى الانسحاب، ونزلت قوات الجيش مكانها. الضحايا: 365 قتيلا 2فبراير 2011 موقعة الجمل:
صباح يوم الخطاب الثانى لمبارك قامت مجموعة من الأشخاص على متن الخيول والجمال، حاملين العصى والأسلحة البيضاء والهراوات، بالدخول إلى ميدان التحرير والاعتداء على المتظاهرين، واتهم فى الوقوف وراء موقعة الجمل أعضاء من الحزب الوطنى. الضحايا: سقط 11 قتيلاً من المتظاهرين و2000 جريح على الأقل.9 أكتوبر 2011 أحداث ماسبيرو:
انطلقت تظاهرة من شبرا باتجاه مبنى «ماسبيرو» ضمن فعاليات يوم الغضب القبطى، ردًا على قيام سكان من قرية المريناب بمحافظة أسوان بهدم كنيسة قالوا إنها غير مرخصة، وتحولت إلى مواجهات بين المتظاهرين وقوات من الشرطة العسكرية والأمن المركزى. الضحايا: أدت الأحداث إلى مقتل حوالى 24 أغلبهم من الأقباط.19 نوفمبر 2011 أحداث محمد محمود:
وقعت اشتباكات فى ميدان التحرير وشارع محمد محمود، عقب مظاهرة أطلق عليها «جمعة المطلب الواحد» ترجع إلى إعلان حازم صلاح أبوإسماعيل وبعض الحركات السياسية دعوتهم للتظاهر فى التحرير، مطالبين بسرعة نقل السلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى حكومة مدنية منتخبة. الضحايا: أدت الأحداث إلى مصرع 41 متظاهراً وآلاف المصابين.16 ديسمبر 2011 أحداث مجلس الوزراء:
بدأت الأحداث مع فجر يوم 16 ديسمبر 2011، عندما تم اختطاف أحد المعتصمين أمام مجلس الوزراء، للتنديد بتعيين الدكتور كمال الجنزورى، رئيسا للوزراء، من قبل القوات العسكرية المتمركزة داخل مجلس الوزراء لتأمينه والاعتداء عليه بالضرب المبرح، ثم إطلاق سراحه، مما أدى إلى تأجيج الغضب. الضحايا: لقى أكثر من 12 قتيلاً مصرعهم وأصيب 800 من المتظاهرين.1 فبراير 2012 أحداث مجزرة بورسعيد:
بعد إعلان حكم مباراة الدورى التى أقيمت بين فريقى الأهلى والمصرى البورسعيدى فوز النادى المصرى قام مشجعو نادى المصرى بالاعتداء على جماهير الأهلى. وعزا بعضهم الهجوم إلى لافتة رفعت فى مدرجات مشجعى الأهلى وعليها عبارة «بلد البالة مجابتش رجالة»، والتى عدها مشجعو المصرى إهانة لمدينتهم. الضحايا: لقى أكثر من 73 شخصاً مصرعهم وأصيب المئات. 2مايو 2012 أحداث العباسية:
أعمال عنف جرت فى منطقة العباسية فى محيط وزارة الدفاع فجرت اشتباكات بين معتصمين و«مسلحين مجهولين»، كانوا معتصمين بالقرب من مقر وزارة الدفاع، للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين، وإلغاء مادة تحصن لجنة انتخابات الرئاسة من الطعن، ومجندين بالقوات المسلحة. الضحايا: لقى أكثر من 11 قتيلًا مصرعهم وأصيب العشرات.