إذا «الشعر» يوما أراد الحياة

كتب: إسلام حامد الأربعاء 23-01-2013 22:53

الشعر وقود الثورات، والغناء نارها. حقيقة لا مفر منها، فالشعارات التى يرددها الثوار «شعر»، وطريقة هتافهم بها «غناء». يظهر عادة دور الشعر، خاصة الغنائى، عندما يهبط ترمومتر الثوار وتضعف عزيمتهم فى لحظات الوقوف على شفا الهزيمة، وقتها تنطلق حناجرهم لتغنى كل الكلمات التى تشحن بطارية عزيمتهم لاستكمال المشوار، وبعد انتصارهم، يدخلون التاريخ بصفتهم رجالاً غيروا الواقع السيئ، وتدخل الشعارات والأغنيات والأشعار مجلد وجدان الوطن.

ظل النظام الحاكم طوال 30 عاما صاحب دكان الإبداع، فمن لم تمنحه وزارة الثقافة ختمها، يعيش طريد الفردوس فى شوارع وسط البلد، ومن لم تتبناه دور النشر الخاصة، يظل يقرأ أشعاره لأصدقائه، ثم يضعها آمنة فى درج مكتبة تأتنس بالتجاهل. وظل الكبير كبيراً بأمر وسائل الإعلام، التى تنتظر منه قصيدة جديدة لتنشرها أو تذيعها، وظل المجهول مجهولا حتى لو كان من عنقود أمل دنقل أو فؤاد حداد وصلاح جاهين، كانت مصر توقف إبداعها، وكأن الشعر هجرها ونصب خيمتة فى أرض الكبار فقط.

كسرت الثورة كردون التجاهل حول المواهب الشابة شارك معظمهم فى أحداثها، فخرجوا من كل شارع وحارة ومقهى، ولأول مرة، استضافتهم الفضائيات، ونشرت الصحف أشعارهم التى كانت درعا احتموا بها من رصاصات النظام المخلوع، وأصبح فى مصر أمسيات شعرية كاملة العدد، بل بتذكرة دخول، حفظ الشباب الشعر، وأسماء أصحابه، وحفظت «موبايلاتهم» رنات لبيت من الشعر أو أكثر بصوت صاحبه، والأهم، خرجت أغنيات عن الثورة بكلمات الشعراء الجدد.

فاز هشام الجخ بالنصيب الأكبر من الشهرة، ووصل للتصفيات النهائية فى مسابقة أمير الشعراء، وطبعت أشعاره على أسطوانات تباع بجوار الكتب والصحف. وحفظ الشباب أشعار مصطفى إبراهيم بقصيدته «فلان الفلانى»، ورامى يحيى بأغنية «حر»، ومايكل عادل بأغنيات فرقة «حالة»، وخليل عزالدين بأغنية «سرقوا الدستور»، وأمين حداد بأغنيات «اسكندريللا» رغم كبر سنه، ونصر الدين ناجى الذى فاز بشهرتين: الأولى أنه مؤلف أغنية «إزاى» التى أذيعت فى بداية الثورة بصوت محمد منير، والثانية إعلان «عشان لازم نكون مع بعض» الذى حفظه المصريون، بل ظهر شاعرا عمره 12 عاماً اسمه عبدالله عباس، وآخر فى نفس عمره اسمه عمر عيد بلبع، كما فتحت دور النشر أبوابها لطباعة دواوين للشعراء الشباب، وظهرت سلاسل عن شعر الثورة.

هى الثورة تمنح الحياة للخيال، وتمسح الواقع المعقد ليعود إلى فطرته وإنسانيته، ومازالت الثورة مستمرة، ومازال الشعر يتدفق حتى لو كان ينز إحباطا، لكنه دائما باعث التفاؤل فى صدور الثائرين والحالمين بوطن مثالى.