ظهر اليوم الأحد سائق المقاولون العرب المتهم بقتل 6 أشخاص وإصابة 6 آخرين للمرة الأولى أمام الرأى العام. يرتدى نفس الملابس التى ارتكب بها الجريمة ومثل بها معاينته التصويرية. نفس القميص الأزرق والبنطلون الرصاصى الذى ظهر فى الصور التى وزعتها له وزارة الداخلية بعد الحادث. بدى منهكا.. يدير وجهه إلى جدار قفص الاتهام هربا من عدسات المصورين الصحفيين وكاميرات التليفزيون.. لم ينطق بكلمة واحدة طوال الجلسة إلا عندما سأله القاضى عن جريمته.. تحدث للمرة الأولى أمام الرأى العام.. قال جملتين فقط "مش فاكر حاجة.. ومعملتش حاجة".
دفاعه طلب إحالته إلى مستشفى الأمراض العقلية والعصبية.. والتأجيل للاطلاع وقررت المحكمة ايداع المتهم مستشفى الأمراض النفسية بالعباسية وطلبت إعداد تقرير عن حالته وعن مدى مسؤوليته عن افعاله وقررت التأجيل لجلسة 21 سبتمبر المقبل.
قاعة محكمة جنايات الجيزة بدار القضاء العالي اكتظت بالصحفيين فى انتظار القضية التى شغلت الرأى العام ووصول سائق المقاولون العرب «محمود طه أحمد سويلم»، صاحب الـ54 عاما، المتهم بقتل 6 وإصابة 6 آخرين من العاملين والموظفين بشركة المقاولون العرب، الجميع ينتظر أن يرى ملامح هذا الشخص الذى فتح سلاحاً آلياً وصوبه تجاه زملائه وارتكب الجريمة لأن بعضهم استهزأ به وآخرين نصبوا عليه – على حد قوله – فى واقعة التنقيب عن الآثار.
بعد دقائق دخل المتهم يجر فى قدميه، وأودعه الحرس قفص الاتهام، وبمجرد أن دخل أدار وجهه عن الحضور، وجلس على الأرض يخفى وجهه بكفى يديه، دموعه سقطت على ملابسه بعدما تزاحم المصورون لالتقاط صور له. وهو ما دفع المصورين إلى الابتعاد عنه لحين ابتداء الجلسة، نظر المتهم خلسة بين الحضور فى القاعة، لمح فقط بينهم شقيقه يجلس بعيدا، يشير إليه بيده يشد من أزره.
بدأت الجلسة بقراءة أمين سر المحكمة قرار الإحالة، قال إنه فى يوم 6 يوليو 2010 ارتكب المتهم جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد بأن قتل 6 من موظفى شركة المقاولون العرب وأصاب 6 آخرين. حيث حاز وأعد سلاحاً آلياً وأخفاه تحت كرسى الأتوبيس وارتكب الجريمة.
بعدها طلبت النيابة توقيع العقوبة المقررة طبقا للقانون، وقالت إن القضية تضمنت اعترافات المتهم، وأرفقت بها التقارير الفنية الخاصة بتشريح جثث الضحايا والكشف الطبى على المصابين وتقرير المعمل الجنائى الذى أثبت أن المقذوفات المستخرجة من أجساد الضحايا والمصابين تتطابق مع الطلقات الحية التى عثر عليها فى مسرح الجريمة، وأنها خرجت من السلاح المضبوط نفسه.
كانت النيابة قد استمعت لأقوال ٢٧ شاهداً من بينهم المصابون والناجون وبعض شهود العيان والعاملين فى الشركة، وكلفت النيابة لجنة من الآثار لمعاينة منزل المتهم فى عرب غنيم بحلوان ومنازل بعض جيرانه، وأثبتت المعاينة صحة أقوال المتهم بأن المنطقة بها «هوس» البحث عن الآثار، رغم أنها لا توجد بها آثار، وطلب النائب العام من محكمة الاستئناف تحديد جلسة عاجلة لبدء محاكمته.
انتهت النيابة من تحقيقاتها فى ٤٨ ساعة فقط استمعت فيها لاعترافات تفصيلية من المتهم بارتكابه الجريمة وأنه تحصل على السلاح منذ عامين، واشتراه من أمين شرطة بـ٧ آلاف جنيه وأنه وضعه أسفل مقعده فى الأتوبيس وأخرجه قبل ٣٠٠ متر وسأل عن القتيل عبدالفتاح عبدالفتاح سالم ثم أطلق النار بعشوائية على باقى الضحايا، وقال المتهم فى التحقيقات إنه قرر التخلص من ٣ فقط من زملائه لأنهم شاركوا جيرانه فى البحث عن الآثار أسفل منزله فى حلوان وأن منزله سينهار.
وأضاف أن زملاءه لم يتوقفوا عن السخرية والاستهزاء به طوال الفترة الأخيرة، وأنه قرر التخلص منهم ثأراً لكرامته. وشرح المتهم فى تحقيقات النيابة أن جيرانه فى منطقة عرب غنيم فى حلوان كانوا ينقبون عن الآثار أسفل منازلهم، وأنه حرر محضراً ضدهم ولم يتحرك أحد أو يتوقف الجيران عن أعمال التنقيب.
وشكلت النيابة لجنة من هيئة الآثار وكلفتها بالانتقال إلى منزل المتهم ومنازل جيرانه للتأكد من صحة الأقوال التى رددها فى التحقيقات، عن تورط جيرانه فى الحفر أسفل منزله والبحث عن آثار.
وأجمع المصابون على أن المتهم أوقف الأتوبيس فجأة وأخرج سلاحه الآلى وسأل عن القتيل «عبدالفتاح» وأطلق النار بعشوائية على الجميع، وأضافوا أن البعض منهم قفز من نوافذ الأتوبيس، هربا من الموت وقالوا إن محمود طه رجل محترم وتربطهم علاقة طيبة به ولم تصدر منه تصرفات غريبة من قبل. وتلقت النيابة تقريراً من مدير المركز الطبى بالمقاولون العرب الدكتور «حاتم حسين»، أكد فيه أن المتهم منذ تعيينه فى الشركة عام ٨٦ وهو يخضع لكشف طبى دورى، وأنه لا يعانى من أمراض نفسية أو عصبية نهائياً وأنه سليم تماماً وخال من أى أمراض معدية وأنه عرض على لجنة طبية فى نوفمبر الماضى وهو الأمر الذى تتبعه الشركة منذ سنوات طويلة.
وسألت المحكمة المتهم هل ارتكبت جريمة القتل فرد من داخل القفص «مش فاكر حاجة».. فسألته مرة ثانية.. وهل حزت سلاحاً آلياً.. فرد "مش فاكر حاجة ومعملتش حاجة".. وطلب دفاع المتهم أمام المحكمة إحالة موكله إلى مستشفى الأمراض العصبية والعقلية لتحديد مدى سلامة قواه العقلية أثناء تنفيذ الجريمة. وقال المحامى محمود خضراوى: "المتهم أصيب بلوسة عقلية أثناء ارتكاب الجريمة وسبق أن طلبت ذلك من النيابة خلال جلسات التحقيق ولم تستجب على الرغم من أن القانون يسمح بذلك». كما طلب الدفاع التأجيل للاطلاع على القضية، وقال «التحقيقات والإحالة تمت بسرعة لدرجة أننا لم نتمكن من الاطلاع على أوراق القضية". فاستجابت لهم المحكمة وقررت التأجيل للاطلاع. وتبين للمحكمة عدم حضور محامين عن المدعين بالحقوق المدنية. عقدت الجلسة برئاسة المستشار إيميل حبشى. داخل القاعة أبدى عدد من أقارب الضحايا غضبهم من طلبات الدفاع بشأن الإحالة إلى المستشفى. وتساءلوا: «يعنى كان مجنون لما ارتكب الجريمة؟».
فيما لم يحضر سوى شقيق المتهم، ورفض الحديث مع وسائل الإعلام.
وخلال ترحيل المتهم من القاعة إلى حجز المحكمة لحين اتخاذ قرار المحكمة التقت «المصرى اليوم» بالمتهم.. رفض الحديث معنا.. وقال "سبونى فى حالى.. أنا رحت فى داهية وخلاص.. عاوزين منى إيه"، سألناه: هل بسبب الاستهزاء أو الآثار أو أى كان ترتكب جريمة بشعة.. فرد "محدش عارف حاجة.. ولا حد حاسس بحاجة".