«الصحة النفسية»: سائق «المقاولون» مسؤوليته عن جريمته «جزئياً»

كتب: أحمد شلبي, فاروق الدسوقي الثلاثاء 23-11-2010 19:54


شهدت محكمة جنايات الجيزة مفاجأة، الثلاثاء، أثناء محاكمة سائق المقاولون العرب المتهم بقتل 6 من العاملين بالشركة وإصابة 6 آخرين بالرصاص. تسلمت المحكمة تقرير الصحة النفسية الخاص بالمتهم، وأثبت أن الجانى يعانى من مرض «الهذيان الاضطهادى»، الذى يعرف طبياً باسم «البارانويا»، وأن أعراض هذا المرض هى سبب قتله المجنى عليه الأول وقد يكون من توابع المرض قتله باقى الضحايا، وأكد التقرير فى جزء آخر منه أن المتهم مسؤول مسؤولية جزئية عن ارتكابه الجريمة.

داخل قاعة محكمة جنايات الجيزة بدار القضاء العالى، دارت أحداث الجلسة الثالثة لمحاكمة سائق المقاولون العرب «محمود طه أحمد سويلم»، صاحب الـ٥٤ عاماً، المتهم بقتل6 وإصابة 6 آخرين من العاملين والموظفين بشركة المقاولون العرب، وهى الجلسة التى كان ينتظرها الجميع ليروا ملامح هذا الشخص الذى فتح سلاحاً آلياً وصوبه تجاه زملائه وارتكب الجريمة، لأن بعضهم استهزأ به وآخرين نصبوا عليه - على حد قوله - فى واقعة التنقيب عن الآثار، بالإضافة إلى معرفة ما أسفر عنه تقرير الصحة النفسية، وما إذا كان المتهم مسؤولا عن جريمته من عدمه.

دخل المتهم يجر فى قدميه، وأودعه الحرس قفص الاتهام، وبمجرد أن دخل أدار وجهه عن الحضور، وجلس على الأرض يخفى وجهه بكفيه، دموعه سقطت على ملابسه.. نظر المتهم خلسة بين الحضور فى القاعة، فلمح فقط بينهم شقيقه يجلس بعيداً، يشير إليه بيده، يشد من أزره.

بدأت الجلسة بقراءة أمين سر المحكمة قرار الإحالة، وقال إنه فى يوم 6 يوليو 2010 ارتكب المتهم جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد بأن قتل ٦ من موظفى شركة المقاولون العرب وأصاب ٦ آخرين، حيث حاز وأعد سلاحاً آلياً وأخفاه تحت كرسى الأتوبيس وارتكب الجريمة.

بعدها طلبت النيابة توقيع العقوبة المقررة طبقا للقانون، وقالت إن القضية تضمنت اعترافات المتهم، وأرفقت بها التقارير الفنية الخاصة بتشريح جثث الضحايا والكشف الطبى على المصابين وتقرير المعمل الجنائى الذى أثبت أن المقذوفات المستخرجة من أجساد الضحايا والمصابين تتطابق مع الطلقات الحية التى عثر عليها فى مسرح الجريمة، وأنها خرجت من السلاح المضبوط نفسه.

وسألت المحكمة المتهم للمرة الثانية: هل ارتكبت جريمة القتل؟ فرد من داخل القفص: «مش فاكر حاجة».. فسألته: وهل حزت سلاحاً آلياً؟.. فرد: «مش فاكر حاجة وماعملتش حاجة».

بعدها أفاد ممثل النيابة الحاضر فى المحكمة بأنه تسلم تقرير الصحة النفسية الخاص بالمتهم، الذى أعدته لجنة من الأطباء بمستشفى الأمراض العصبية والعقلية بناء على طلب من هيئة المحكمة فى الجلسة الماضية. وتسلمت المحكمة التقرير، وفتحه رئيس المحكمة، وأثبت فى محضر الجلسة أن التقرير جاء فى 7 صفحات، وتضمن التقرير أن المتهم يعانى من مرض «الهذيان الاضطهادى»، وأن أعراض المرض هى سبب قتل المجنى عليه الأول، وربما يكون المرض من توابعه ارتكاب المتهم جريمة قتل باقى المتهمين. وأضاف التقرير أن المتهم كان ولايزال فى حالة من الوعى والإدراك والقدرة على التمييز قبل وأثناء وبعد تنفيذ الجريمة.

وأوضح التقرير الطبى أن المتهم كان يتعمد التظاهر ببعض الأمراض داخل المستشفى من أجل التحايل على لجنة الفحص الطبى. وقررت اللجنة أن المتهم مسؤول مسؤولية جزئية عن فعل الجريمة وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 71 لسنة 2009 بشأن رعاية المريض النفسى، التى تنص على أن «يظل مسؤولا جنائيا الشخص الذى يعانى وقت الجريمة من اضطراب نفسى أو عقلى أدى إلى انتقاص من إرادته أو اختياره».

وقال الدكتور شوقى عامر، أستاذ الطب النفسى، لـ«المصرى اليوم»، إن هذا المرض يجعل الإنسان غير مدرك لخطورة ما يفعله، وأنه لا يفكر فى نتائج الفعل إلا بعد أيام من ارتكابه. وأشار مصدر قضائى إلى أن هذا التقرير ربما يكون أحد أبرز أسباب إعفاء المتهم أو تخفيف العقوبة عليه، ويرجع الحكم الأخير إلى هيئة المحكمة.

وطلبت النيابة من هيئة المحكمة الاطلاع على التقرير، كما طلب الدفاع أجلاً للاطلاع على التقرير الطبى والاستعداد للمرافعة.

خارج القاعة أبدى عدد من أقارب الضحايا غضبهم من طلبات الدفاع بشأن الإحالة إلى المستشفى. وتساءلوا: «يعنى كان مجنون لما ارتكب الجريمة؟.. ولابد من القصاص»، فيما لم يحضر سوى شقيق المتهم، ورفض الحديث مع وسائل الإعلام.

وخلال ترحيل المتهم من القاعة إلى حجز المحكمة لحين اتخاذ قرار المحكمة التقته «المصرى اليوم».. وقال: «لا أعرف ما الذى حدث.. أنا لم أرتكب أى جريمة.. أنا راجل غلبان».