يحاول اليسار الإسرائيلي، الذي يواجه موقفًا صعبًا في انتخابات الكنيست التي تجري الثلاثاء، إلى استمالة أصوات «فلسطينيي 48»، في مواجهة اليمين الإسرائيلي بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي تشير كافة استطلاعات الرأي إلى تقدمه في الانتخابات.
غير أن «فلسطينيي 48» يبدون عزوفًا عن المشاركة في الانتخابات هذه المرة، بسبب يأسهم من إحداث تغيير جذري في نتيجتها، وهو ما حدا بصحيفة «هاآرتس» الأسبوع الماضي إلى كتابة افتتاحيتها باللغة العربية، لأول مرة في تاريخها، تدعوهم فيها للمشاركة في الانتخابات.
وفيما يسعى اليسار الإسرائيلي لحصد أصوات الفلسطينيين ويلوّح بالخطر الذي يمثله انتخاب اليمين، فإن هناك قوائم عربية تسعى بدورها لجذب أصوات «فلسطينيي 48»، وهي أحزاب التجمع الوطني الديمقراطي، والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والقائمة العربية الموحدة، التي تضم الحزب الديمقراطي العربي، والحركة الإسلامية في إسرائيل.
ويشكل عزوف عرب الداخل عن المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية هذه المرة، حسبما تشير عدة استطلاعات للرأي، تضاؤلاً في فرص تمثيل الأحزاب العربية في الكنيست التاسع عشر لإسرائيل.
ويعيش في إسرائيل 1.3 مليون مواطن عربي فلسطيني، يشكلون حوالي 20% من السكان، وهم ينحدرون من 160 ألف فلسطيني بقوا في أرضهم بعد إعلان قيام إسرائيل على أرض فلسطين، عام 1948. ورغم حملهم الجنسية الإسرائيلية بموجب القانون الإسرائيلي، إلا إنهم يعانون من تمييز واضح، لكونهم فلسطينيين، وخاصة في فرص العمل والسكن.
ويعيش أكثر من نصف «فلسطينيي 48»، تحت خط الفقر بينما تبلغ نسبة من يعيشون تحت خط الفقر في إسرائيل بوجه عام 20% وفقًا للأرقام الرسمية. فيما تصل نسبة البطالة بينهم حوالي 30%. وتعاني السلطات المحلية العربية في إسرائيل من فقر شديد يؤثر على الخدمات التي تقدمها مثل الصحة والإسكان، الذي تفرض عليه إسرائيل قيودًا إذا ما كان يتعلق بفلسطينيي 48.
الجبهة الديمقراطية
وتشكلت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة قبل الانتخابات الكنيست التي تم إجرائها عام 1977، بمبادرة من حزب القائمة الشيوعية الموحدة «راكاح»، من عناصر عربية من «فلسطينيي 48»، ويهود عرب يساريون مناهضون للصهيونية، إلا أن غالبية أعضاء وقيادات الجبهة من «فلسطينيي 48»، وحصلت الجبهة في انتخابات الكنيست الماضية على أربعة مقاعد في الكنيست، ويترأس كتلتها البرلمانية، النائب محمد بركة، وتشير استطلاعات الرأي إلى حفاظها على قوتها في الانتخابات المقبلة.
وتطالب الجبهة في برنامجها بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، بجانب إسرائيل، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين طبقًا لقرارات الأمم المتحدة.
التجمع الوطني الديمقراطي
وفي عام 1995، أسس الدكتور عزمي بشارة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، ليكون أحد الأحزاب العربية الممثلة لعرب 48، ويتخذ الحزب خطًا قوميًا عربيًا ناصريًا. ويؤكد التجمع على ضرورة الحفاظ على الهوية القومية للمجتمع العربي داخل إسرائيل، ويدعو التجمع أن تكون إسرائيل دولة لكل مواطنيها، والاعتراف بالغبن التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني، والاعتراف بالفلسطينيين في إسرائيل كأقلية قومية لها حقوق جماعية ومساواة مدنية كاملة.
يؤمن التجمع بأن الكنيست منصة هامة للنضال من أجل «فلسطينيي 48»، ويعتمد في ذلك على إحراج المؤسسة الإسرائيلية، التي ترى فيهم أعداء حتى لو منحتهم هويات إسرائيلية.
وتعرض التجمع، الذي حصل على 3 مقاعد في الانتخابات الماضية، لحملة ملاحقة منذ تأسيسه تقريبًا له كحزب ولأعضائه، حيث تمت ملاحقة الدكتور عزمي بشارة، ونفيه خارج إسرائيل اختياريًا، لاتهامه في قضية أمنية، يُقال إنها تقديم معلومات حساسة لحزب الله أثناء الحرب. أيضًا قُدمت طلبات عدة قبل ذلك لشطب التجمع من انتخابات الكنيست، وأيضًا بعض نوابه مثل النائبة حنين زعبي.
القائمة العربية الموحدة
وتخوض انتخابات الكنيست قائمة عربية أخرى عبارة عن ائتلاف لعدة حركات وأحزاب عربية، هي الحركة الإسلامية، والحركة العربية للتغيير، والحزب الديمقراطي العربي. وحصلت القائمة في انتخابات الكنيست الماضية على 4 مقاعد، وتشير استطلاعات الرأي إلى حفاظها على قوتها في الانتخابات التي تجري، الثلاثاء.
وتأسست الحركة الإسلامية في إسرائيل عام 1973، على يد الشيخ عبد الله نمر، وشاركت الحركة في عام 1989 في انتخابات المجالس المحلية، وحصلت على رئاسة 6 مجالس، من بينها بلدية أم الفحم، وشهدت الحركة انشقاقًا عام 1996، على خلفية الموقف من المشاركة في انتخابات الكنيست، حيث انقسمت إلى الجناح الشمالي بقيادة رائد صلاح، يتخذ موقف المقاطعة، وآخر جنوبي بقيادة عضو الكنيست إبراهيم صرصور، يتخذ موقف المشاركة.
وتأسس الحزب الديمقراطي العربي عام 1988، بمبادرة من عضو الكنيست عبد الوهاب دراوشة، الذي استقال من حزب العمل، احتجاجًا على سياسة الحكومة القمعية أثناء الانتفاضة، وطرح الحزب نفسه حزبًا عربيًا فلسطيني الهوية والأهداف، ويطالب الحزب بإقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة وعاصمتها القدس الشرقية، وحل لقضية اللاجئين وفقًا للشرعية الدولية.
وفي عام 1996، تم تأسيس الحركة العربية للتغيير، بمبادرة الدكتور أحمد الطيبي، المستشار السابق للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وعضو الكنيست فيما بعد، وهو ما تسبب في أزمة داخلية في إسرائيل بسبب ما قالوا إنه «ولاء مزدوج» لمؤسس الحركة.