«من أي رفح أنت؟».. فيلم تسجيلي فلسطيني جديد يناقش قضية تقسيم منطقة رفح إلى شطرين، فلسطيني ومصري، وما نجم عن ذلك من مآسٍ إنسانية واجتماعية، حيث يروي الفيلم الذي أخرجه الفلسطيني محمد الصوّاف، قصة مدينة رفح قبل تقسيمها في بدايات القرن الماضي إبّان الاحتلال البريطاني لمصر والحكم العثماني لفلسطين.
ويشير مخرج الفيلم محمد الصواف، في تصريحات لوكالة أنباء «الأناضول» التركية، إلى أن الفيلم يتناول مشكلة رفح منذ بداياتها، التي تمثلت بإجبار بريطانيا للدولة العثمانية على القبول بترسيم حدود إدارية تقسم مدينة رفح إلى قسمين، ضمن اتفاقية تم توقيعها عام 1906 بين الجانبين، لكنّ الاتفاقية ضمنت لأهالي المدينة الاحتفاظ بحقهم في حرية التواصل، وفي مصادر المياه والزراعة والرعي، كما ظلت الاتفاقية المذكورة على ورق الخرائط فقط، ولم تمس فعليًا حياة سكان المدينة، حتى جاءت اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، حيث تم تحويل الحدود الإدارية إلى حدود سياسية مرسومة بأسلاك شائكة.
وفيما بعد، تطورت الأسلاك الشائكة لتصبح جدرانًا قسّمت الأرض والإنسان، وخلّفت معاناة إنسانية واجتماعية واقتصادية، حسبما يشير الفيلم، الذي تبثه قناة الجزيرة، مساء الجمعة.
وأشار «الصواف» إلى وجود الكثير من العراقيل واجهتهم خلال إنتاج الفيلم، أهمها حاجة فريق العمل للتنقل بين شطري رفح في مصر وفلسطين رغم خطورة الوضع الأمني في رفح المصرية في تلك الفترة.
وعالج المخرج قضية تقسيم المدينة عبر مجموعة من قصص لرفحيين عايشوا تقسيم المدينة منذ بداياتها، متطرقًا إلى الخلفيات الاجتماعية والإنسانية والقانونية والسياسية للقضية.
وأوضح أن صعوبات أمنية كثيرة واجهته خلال التصوير على جانبي المنطقة، من بينها تعرض فريق التصوير في رفح الفلسطينية إلى الاحتجاز أكثر من مرة ومصادرة شرائح الكاميرات.
ويستعرض الفيلم الصعوبات التي يواجهها سكان المنطقة في التواصل بين العائلات الواحدة، التي وجدت نفسها مقسمة بين مدينتين، عارضًا قصصًا تحاكي طرق الاتصال عبر الأسلاك وتبادل الحديث ومناقشة القضايا المشتركة.
وفي هذا السياق، يعرض الفيلم حفل زفاف شاب من رفح المصرية وفتاة من رفح الفلسطينية عُقد في مدينة رفح الفلسطينية، بمشاركة أقارب العريس من رفح المصرية.
وأوضح «الصواف» أن الفيلم تطرق إلى قضية مستقبل المدينة، حيث أعاد طرح اتفاقية عام 1906 بين بريطانيا والدولة العثمانية، كونها تمنح أهالي المنطقة على الجانبين حرية التنقل والتجارة والاستفادة من الأرض والماء دون قيود، لافتًا إلى أن الرجوع إلى اتفاقية 1906 يمكن أن يشكّل الأرضية القانونية التي يمكن من خلالها إقامة منطقة تجارة حرة بين قطاع غزة ومصر.
ويختم الفيلم مشاهده الأخيرة على مقاطع من أغنية فلسطينية شهيرة بعنوان «يا رايح صوب بلادي»، على صور مؤثرة للقاء أهالي مدينة رفح بشطريها عبر الأسلاك الشائكة، يفصل بينهم جنود الجيش المصري وكلاب الحراسة.