ما إن دق جرس الحضور، وانتظم الجميع فى سرور، حتى تعالت الأصوات، وكأنها صرخات، لتنادى: يا سيدى أنا أريد فصلى، ونحن نريد وكلنا منتظرون، والبعض مضطرون، فارتبك الجو منذ الدقيقة الأولى، ولم يعد أحد يجلس مكانه، أو يسمع صوت إخوانه، وانتظر الجميع أن يستتب الأمر، والانضباط يمر، والمشاكل تنعدم!!.. وبُح صوت الرجل المحترم، وهو ينادى الواقفين: اجلس مكانك، لا تتكلم إلا بإذن، استمع لزميلك، لا تتدخل فى إبداء الغير لرأيه.. وكان الجميع فى حالة عطش للظهور، فالأهل والأحباب نصبوا الجلسة، وفتحوا التلفاز ليشاهدوا صاحبهم المغوار، كيف يتخذ القرار!!
وكيف يصول ويجول، وهو يرفع يده أو يحذر بإصبعه، أو يعلن مطالبه عن طريق لافتة، وتلوح فى الأفق صورة ماض غابر حيث يجلس شيخ الجلسة على المنضدة، ويدق يده بالمطرقة!! والجميع كأنهم خشب مسندة، فتتخذ القرارات واللوائح والتعليمات والمنشورات، والجميع ملتزمون الصمت، ومن هنا أخذ المحترم قراره، ألا يسمح بدخول التلفاز حتى يجلس كل عضو مكانه، فلا يلوح ولا يشير ولا يخرج من مكانه، وأن يلتزم الجميع بالدور فى الكلام، فلا كلام إلا بطلب، وأن تتضمن المداخلة بالغ الحرص والأدب، وأن يتحسسوا اختيار الكلمات فى كل المناسبات، فشأنهم خطير، ومشاكلنا ما لها من نظير، ولا سامح الله من تركوا لنا كل غث وعويل!!
موجه سابق بالتربية والتعليم- الإسكندرية