جوانب غير مطروقة فى شخصية الأنبا شنودة

الأربعاء 21-03-2012 08:00

«غريباً عشت فى الدنيا نزيلاً مثل آبائى.. غريباً فى أساليبى وأفكارى وأهوائى.. غريباً لم أجد سمعاً أفرغ فيه آرائى.. يحار الناس فى ألفى ولا يدرون ما بائى.. يموج القوم فى مرح وفى صخب وضوضاء.. وأقبع ههنا وحدى بقلبى الوادع النائى.. غريباً لم أجد بيتاً ولا ركناً لإيوائى.. تركت مفاتن الدنيا ولم أحفل بناديها.. ورحت أجر ترحالى بعيداً عن ملاهيها.. خلى القلب لا أهفو لشىء من أمانيها.. نزيه السمع لا أصغى لضوضاء أهاليها.. أطوف ههنا وحدى سعيداً فى بواديها.. بقيثارى ومزمازى وألحان أغانيها.. وساعات مقدسة خلوت بخالقى فيها.. أسير كأننى شبح يموج لمقلة الرائى.. غريباً عشت فى الدنيا نزيلاً مثل آبائى.. كسبت العمر لا جاه يشاغلنى ولا مال.. ولا بيت يعطلنى ولا صحب ولا آل..

أقول لكل شيطان يريد الآن إغرائى.. حذار إننى أحيا غريباً مثل آبائى»، كتب هذه الأبيات الرائعة عام 1946 الشاعر نظير جيد روفائيل، الذى أصبح فيما بعد قداسة البابا شنودة الثالث «1971-2012»، وقال عنها إنها لم تكتمل بعد! حفظ قداسته عشرة آلاف بيت من الشعر العربى وهو لم يزل فى السنة الثانوية الرابعة، وكتب أولى قصائده عام 1939 عن طفولته بعنوان «أكان حقاً لى أم فماتت؟»!

 هذا جانب غير مطروق من جوانب عدة لشخصية من أغنى الشخصيات التى عرفتها مصر فى تاريخها الحديث وأكثرها تأثيراً، إلمام البابا الراحل باللغة العربية وتمكنه منها غير خاف، وعذوبة شعره وسهولته وموسيقاه وبلاغته بادية، وفى ذلك هو يطاول كثيراً من شعراء اليوم، حقاً فقدت مصر رجلاً لن يفتقده أقباطها وحدهم، ترك فى الدنيا دوياً كأنما تداول سمع المرء أنامله العشر.

yehiatarraf@hotmail.com