رسالة إلى أولى الأمر

الجمعة 24-02-2012 21:00

لا شك أن أحد الأسباب الرئيسية التى عجلت بزوال النظام البائد وسارعت بفنائه، أنه أسقط الشعب من جميع معادلاته وحساباته، على مر ثلاثة عقود مضت!

نهب فيها ثرواته، وبدد ممتلكاته، وزيف إرادته، وقمع حريته، وأهدر كرامته، ودفن طموحاته وأحلامه، وفرض عليه سطوته، وذلك بتسخير جميع إمكانيات الدولة ومؤسساتها للحفاظ على بقائه وبسط نفوذه، وعلى رأسها المؤسسات الإعلامية والصحفية «الرسمية» التى كانت بوقاً للنظام، مهمتها الأساسية إبراز الإنجازات المزعومة والمشاريع المشؤومة، والتهليل والتسبيح بحمد النظام ورئيسه الهمام، فضلاً عن تمهيد الطريق للمشروع الأكبر، ألا وهو «توريث» مصر، من ساكن القصر، إلى ملهم العصر!

ولا يخفى على أحد ذلك الدور الخطير والحقير الذى لعبته بعض الأجهزة الأمنية، فى رسوخ واستمرار هذا النظام البائد، جاثماً على صدور البلاد والعباد، معتمداً على أشخاص ليس من بينهم رجل صالح، ولا عقل راجح، ولا فكر ناجح! متوهماً بأنه قد أحكم قبضته على هذا الشعب، وأن كل شىء بات تحت السيطرة الكاملة، شاهراً سيفه فى وجه معارضيه من أصحاب الرأى السديد، والفكر الرشيد، قائلا: «وسيفى يداوى رأس كل من يشكو الصداع»، متجاهلاً بغبائه المعهود، وفكره المسدود «حقيقة مهمة للغاية»، ألا وهى أن الشعوب إذا مرضت لا تموت، وإذا غفلت استفاقت، وإذا قهرت وقمعت فارت وثارت محطمة الأغلال، ولم تهب صعود الجبال!

وهذا ما حدث بالفعل إثر اندلاع ثورة 25 يناير المجيدة، فكانت أهم إنجازاتها ومكتسباتها تلك الرسالة الواضحة، وذلك الإنذار شديد اللهجة، إلى كل من يحاول أن يزيف إرادة هذا الشعب مرة أخرى، أو يعبث بمقدراته، ويقف أمام طموحاته، بأنه من الآن فصاعدا أصبح يشكل «رقماً صعباً»، بل شديد الصعوبة فى أى معادلة من المعادلات، والأهم من هذا كله أنه أصبح فاعلاً وليس مفعولاً به، ولن يرضى عن هذا بديلاً مهما كانت كلفة الثمن وطول الزمن!

فقد انتهى الشعب من رسم معالم طريقه، وحدد أهدافه بكل وضوح وجلاء، ولم يعد هناك خيار أمام من بيده القرار سوى اتخاذ جميع الإجراءات، واختيار أنسب الآليات، لتحقيق تلك الأهداف دون التفاف أو استخفاف.. وإلا!!