كشفت صحيفة «ليبراسيون» اليومية الفرنسية كواليس وأهداف ودوافع العملية التي تشنها القوات الفرنسية منذ، الجمعة الماضي، في مالي ضد الجماعات الإسلامية المسلحة.
وذكرت الصحيفة فى تحليلها للتدخل العسكري في مالي أنه منذ الانقلاب ضد رئيس مالي السابق، أمادو توماني توري، في مارس 2012، والاستيلاء على شمال مالي من قبل الجماعات الجهادية والإرهابيين، حاولت باريس دون جدوى تعبئة المجتمع الدولي لصالح التدخل العسكري بقيادة البلدان الأفريقية في المنطقة، وذلك بدعم من الغرب.
وأضافت أن ما يدفع باريس لذلك هو استهداف عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ومنذ عدة سنوات للمصالح والرعايا الفرنسيين في منطقة الساحل الافريقي، كما تخشى فرنسا من تحول هذه الأرض الصحراوية الشاسعة إلى ملاذ للتنظيم وحلفائه قد يستخدم في إعداد هجمات معادية لفرنسا في غرب أفريقيا، ولكن أيضا داخل الأراضي الفرنسية.
وأوضحت الصحيفة في تحليلها أن الوجود الفرنسي في المنطقة «إرث الماضي الاستعماري، فعدة آلاف من الرعايا الفرنسيين يعيشون بها كما أن هناك ثماني رهائن فرنسيين مختطفين منذ عام 2010 في منطقة الساحل، وذلك بخلاف المصالح الاقتصادية الكبيرة في غرب أفريقيا»، مشيرة إلى أن أهم تلك المصالح الاقتصادية يتمثل في استخراج اليورانيوم من النيجر، والذي تديره شركة «أريفا» الفرنسية والذي يزود به أكثر من ثلث محطات الطاقة النووية لشركة «أو دي إف» للكهرباء في فرنسا.
وأضافت «ليبراسيون» اليسارية أنه وفي منتصف الأسبوع الماضي عندما شنت الجماعات الإسلامية هجومًا كبيرًا على وسط مالي، مما هدد بدخولها إلى العاصمة باماكو، أعطى الإليزيه أوامره للجيش الفرنسي بالتدخل لمنع وصول الجهاديين والجماعات الإسلامية إلى باماكو وذلك بعد أن حصلت الرئاسة الفرنسية على الضوء الأخضر من الرئيس المالي، تراوري ديونكوندا، بالنيابة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن القوات الفرنسية استخدمت في بداية العمليات مروحيات القوات الخاصة الفرنسية المتمركزة في المنطقة الأفريقية وكذلك الطائرات «ميراج» المتمركزة في القاعدة الجوية الفرنسية بتشاد، وبالفعل نجحت باريس في وقف زحف الجماعات الاسلامية باتجاه جنوب مالي.
وأضافت أنه في بادئ الأمر، أرسلت فرنسا عدة مئات من الجنود الفرنسيين من ساحل العاج وتشاد إلى باماكو ظاهريًا لحماية الرعايا الفرنسيين، ولكن في الواقع قاموا بحماية الرئيس المالي المهدد دائما بالانقلاب من جانب الكابتن السابق سانوجو.
ولفتت «ليبراسيون» إلى أنه منذ، الأحد، دخلت العملية العسكرية الفرنسية في مالي مرحلة جديدة، حيث بدأت باريس في السعي لتدمير قواعد للإسلاميين، حيث قصفت الطائرات مواقع للجهاديين بالقرب من جاو بالشمال وأغارت أيضا على معقل آخر لهم في كيدال.
وبالنسبة لوسائل تمويل تلك العملية، أشارت الصحيفة إلى أنه ومنذ بداية العملية، استخدمت باريس إلى حد كبير قواتها وعتادها المتواجد بشكل مسبق في القارة الأفريقية، حيث لجأت في بادئ الأمر إلى المروحيات التابعة للقوات الخاصة ومقرها في بوركينا فاسو، والتي تدخلت في كونا بوسط مالي، الجمعة الماضي، للمساعدة في صد زحف الإسلاميين وفي نفس الوقت استخدمت الطائرات «ميراج»، وعددها في العادة خمس طائرات متمركزة في تشاد.
أما، الأحد، فاستخدمت أربع مقاتلات «رافال» انضمت إلى القتال لتعزيز القدرات الجوية وإلحاق الخسائر الفادحة.
وأضافت «ليبراسيون» أن فرنسا لا تعتزم الاستمرار في الصف الأول للجبهة في مالي، خاصة بعدما أعلنت عدة بلدان أفريقية (توجو وساحل العاج وبنين)، منذ اندلاع العملية العسكرية الفرنسية، إرسال كتائبها قريبًا إلى مالي «ولكن هذا الأمر سوف يستغرق عدة أسابيع».
وقالت إن مسألة تمويل الحملة العسكرية لم تحدد بعد «وقد يعقد مؤتمر للمانحين في أوائل فبراير القادم»، ولكن في غضون ذلك من المرجح أن تنشر باريس وحدات على طول الخط لمنع أي محاولة أخرى لتسلل الجماعات الإسلامية إلى الجنوب.