أهم وظائف الإعلام هو نشر الأخبار الصادقة، وتحليلات وآراء المتخصصين بشأنها، ونقل المعارف والمعلومات الصحيحة، بغرض التثقيف وتكوين الرأى العام، علاوة على مراقبة المجتمع بكل هيئاته ومؤسساته من أجل حماية المجتمع وتصحيح مساراته! إلى جانب ذلك كله هناك أدوار ثانوية يقوم بها الإعلام فى مجال الخدمة العامة، منها الترويج للسلع التجارية عن طريق الإعلان عنها وفقاً لقواعد أخلاقية، لا تضع مصلحة المنتج فوق مصلحة المستهلك، مهما كانت الدواعى أو الأسباب!
لا يستطيع أحد الادعاء بأن الإعلام المصرى كان خلال النصف الثانى من القرن العشرين مثالياً فى أداء وظائفه، أو يؤدى دوره على أكمل وجه، ولكن ينبغى أن نعترف له بأنه كان محافظاً على قيمه وقيمته ومكانته، على الرغم من تواجد بعض العناصر، التى تنتمى له، تفتقر إلى الكفاءة وتفتقد الموهبة، لكن الأغلبية من أصحاب الكفاءة والموهبة والخبرة المهنية كانت لها الغلبة على مدى عقود! فى بدايات القرن الواحد والعشرين اختلف الأمر،
فمع الغياب المتوالى لكثير من الشخصيات الإعلامية المتميزة بسبب السن أو سنة الحياة، توافد على الساحة الإعلامية وحل محلهم من هم دونهم بكثير، ساعد على تواجدهم واستمرارهم مناخ مادى وتجارى أحاط بالإعلام، تماشياً مع توجهات حكومية، وسياسات عظمت من قيمة العائد المادى كناتج للعمل، وأغفلت عوائد أخرى إيجابية ينبغى أن تعود على المجتمع، كنواتج للعمل أيا كان نوعه أو مجاله، خاصة ما يتعلق بالمحافظة على القيم النبيلة فى المجتمع أو يساهم فى التنمية..
كان ذلك بداية لسقوط «الإعلام» فى مصيدة «الإعلان»، وأصبح الإعلان هو الذى يرسم سياسات الإعلام ويحدد مواقفه ويوجه الإعلاميين ويملى عليهم ما يكتبونه فى الصحف، أو يقولونه عبر الشاشات!! لقد قرأنا الكثير وسمعنا وشاهدنا كيف ترك كثير من الإعلاميين الوظيفة الإعلامية وهرولوا خلف الوظيفة الإعلانية.. يهدرون من أجلها كل القيم، ويسعون من خلالها لتعظيم عوائدها المادية، حتى لو كان ثمن ذلك هو إسقاط الدولة!!