تراودنى فى شهر أكتوبر من كل عام فكرة من هم وأين هم، أبناء هذا الجيل من المصريين العاديين والمجندين لأداء الواجب الوطنى، الساعين دون تهرب أو تبرم، لاستعادة كرامة الوطن المهدرة، والمراقة على رمال سيناء منذ يونيو 1967.
فقد كان مؤكداً لدى الجميع، أن هذا الواجب المقدس، ليس له نهاية منظورة، سوى استعادة الكرامة والأرض، وعليه كان صرف النظر عن المستقبل أو التخطيط له لكل منهم أمراً حتمياً.
وأدرك هذا الجيل عملياً، وأثناء انخراطه بالتجهيز للمعركة، اتساع الهوة التى باعدت بين القوات المسلحة وحسن استخدام وتفعيل الأسلحة المتوافرة لدينا قبل هزيمة 1967، كما تبين المسافة القائمة والمحسوسة، بين الإمكانات العسكرية والتكنولوجية المصرية وإمكانات العدو، وتعجب من تبجح دعاية النظام، فى دعابة مؤسفة، بقدرته على إلقاء إسرائيل فى البحر قبل يوليو 1967، ولعلنا لم نبرأ بعد من مرض المبالغة.
وكما نطالع الآن ويومياً عن حديث الإنجازات!! المهم أن المعركة قد انتهت بمحادثات الكيلو 101 الشهيرة، والتى عارضها الكثيرون من جيل أكتوبر، كونها تمت بواسطة العسكريين من كل جانب، وعلى الأرض المصرية.. وأدرك جيل أكتوبر أن الصراع لابد أنه سيستمر، ولكن فى ميادين التقدم والإنتاج والأخذ بأسباب القوة.. وبدأ تسريح جيل مقاتلى أكتوبر على دفعات، لينضم مرة أخرى إلى حياته المدنية، ليتفاجأ وهو مازال بغبار رمال سيناء وخط القنال، بمفاجأة أثقل من عيار كل المدافع التى أطلقت عليه، وكان العيار من وزن سياسة «الانفتاح الاقتصادى»، التى تسببت فى تعثر هذا الجيل فى العثور على مسكنه وتكوين أسرته وبناء حياته!!
وأحكم حصار جيل أكتوبر برجال أعمال أغلبهم فاسدون ومفسدون ارتهنوا ثروات الوطن من ناحية، ومن الأخرى تواترت أجيال القادة، أهل الثقة وأحباب النظام، على كل المناحى، فى العام والخاص، ومن الحكم المحلى إلى القرى السياحية، ومن التربية والتعليم إلى الفن والموسيقى، وترخصت قواعد الانتقاء والكفاءة، حتى وصل إلى مجالس التشريع من تهرب من التجنيد، ومن لا يتجنس بجنسية الوطن.
وتم تجميد القيادات من أحباب النظام فى أماكنهم لا يبرحونها، كما تم استحضار قيادات وسيطة، لا تعرف عن أكتوبر إلا الضربة الجوية ومن خلال الفيديو، ولتحجب عن جيل أكتوبر مواضع ترقيه فى كل المجالات، ولتصاب أجهزة الدولة ومؤسساتها بالأمراض العضال، وليخسر جيل أكتوبر وبشكل صارخ، صراع البقاء فى الوطن، وصراع التقدم مع العدو.
وبمضى 38 عاماً على المعركة، فإن كل جيل أكتوبر الحقيقى، فى طريقه للتقاعد، أو تقاعد فعلاً، ولسان حاله يقول «حسبنا الله ونعم الوكيل».
مهندس
ahmdobaid@gmail.com