مصر فى سبتمبر سنة 2011 مازالت تبكى فقيدها الذى تركها ملبيا نداء بارئه فى مساء 28 سبتمبر 1970، وقد شيعته بدموع فاقت أمواج الأنهار!.. رحل فى عمر الشباب، وهو من كان ملء الصدور، يعدو ويعدو لأجل تحقيق الحلم البعيد، وقد ساقته الأقدار ليكفكف دمع مصر بعدما عاشت حقبا تحت نير الاستعمار!.. أتحدث عن جمال عبدالناصر فى ذكرى رحيله الحادية والأربعين وقد فارقنا -جسداً- ومازلنا نبحث عنه فى كل ثرى مصر بقلوب ترتجف حزنا على رحيل الحلم، وأتمنى أن يولد من يكمله وصولاً بمصر نحو النهار!.. المجد لله فى عليائه، ومن المحال أن نختصر الدنيا فى أشخاص، فالكل فى النهاية إلى زوال ويبقى الواحد القهار!..
هى الذكرى التى تؤرقنا وقد عاش جمال عبدالناصر لأجل بلاده ورحل كمداً، وقد أريد له ألا يكمل المسيرة بالحلم المصرى وسط عالم لا مكان فيه إلا لقوى الشر المهيمنة على صنع القرار!.. لم يكتنز أموالا ووهب حياته لأجل وطن لاقى كثيرا من الأهوال، وفى النهاية حصد الحب والمجد، وقد ترك لأبنائه ومحبيه سيرة عطرة لن تفارق، ومضى زمان ليتولى أمر مصر حاكم فاجر، كان ينتهب الهواء، ليسقطه شعبه وجار محو ما تركه من بوار!..
تربص به المتربصون لتسقط سيناء ذات صباح حزين ويجاهد الرجل لأجل عودتها مجددا وتحقق المراد بعد رحيله على يد جند مصر الأبرار.. فى طريق كفاحه يسقط أبناء فلسطين قتلى فى شوارع عمان فيما يعرف بمذابح أيلول الأسود، ليهم لنجدتهم فى قمة الوداع الأخيرة بالقاهرة ليموت بعد انتهائها ليضحى سبتمبر بالفعل أيلولاً أسود على العرب وقد فقدوا من أمهم نحو (تحقيق) حلمهم وها هم بعده فى فرقة وانهيار!.. على خطى عبدالناصر نجح المصريون فى 25 يناير سنة 2011 أن يعيدوا كتاب تاريخهم بمداد من فخار، وقد زأروا فى وجه حاكم طاغية ليرحل حزينا مقهوراً بعدما خان العهد وقاد مصر إلى سوء المسار!..
فى ذكرى رحيل جمال عبدالناصر مصر تبحث عن غدها، وتتوق إلى رجل يقودها نحو محو آثار عهد الفجار!.. ويبقى طول الانتظار مؤرقا ودوما يلوح فى الخاطر النداء الحزين (إنت فين يا جمال) ترحماً على رجل أتت به الأقدار ليرحل قبل واحد وأربعين عاماً، وها هى مصر تبحث عنه مجددا لأجل سرعة حصد الثمار!!
مستشار قانونى - بنها