طائر فى الميدان يرصد الأحداث وينشرها فى بيان.. يردد الكلم فى شجن فيشدو بأعذب الألحان.. فى يوم طار متقدا خمصا يحوم ليجمع الأوطان.. فعاد إلىّ سعيدا هانئاً بطنا بغير أوان.. فقلت له أيا طائراً أدام الله جناحيك للطيران.. ما الخبر؟ أوجدت غلالا مفتوحة الأكنان!؟.. فطاح برأسه طربا وقال كفاك هوان.. فطعم الخير ما أشهاه بغير ذل وامتهان.. أيا طائرا مالى أرى لسانك فصيحا طلقا.. فبح إلىّ بسرك مادمت منطلقا أراك مدان.. فقال صاح قم وامرح واطرح جلة الأحزان.. فقد عدت إليك بأخبار يقينا من الميدان.. فشدى طائرى يغنى ويردد أروع الألحان.. وأنا هائم وبصرى يدور فى كل مكان.. قال وأنا طائر فوق التحرير وجدت ميدان.. مليئاً بالناس والإحساس يقول طوفان.. دنوت لأعرف ما يحدث وأملى بيان.. فوجدت فتاة يحرقها لهيب الشمس والطغيان.. تميل بعنف ما تخشى رصاص جبان.. تردد لحن أمنية تعيش بها حرة مدى الأزمان.. تقول وصخب القهر يملأ وجنتيها.. أيا طاغيا تنحى عن ساعدينا فقد كلّ من العصيان..
وجدت فتى رافعا شعار البر والإحسان.. يقول لمصر أموت مرات وتحيا كرامة الإنسان.. وجدت عجوزاً قد وقفت على الأقدام.. تجر سنين العمر فى علم وفى وشم على عصيان.. تقول وقد شابت مشاعرها من الحرمان.. أضعت العمر فى بحث عن الجدران.. وجدت صبيا يافعا غضا بكل حماس.. يردد قائلا: ارحل فأنا قائد الأركان.. يقول الطائر العائد بفرحته من الميدان.. وجدت جموع الناس أصنافا وألوان.. وجدت الناسك العابد يصلى ويرفع الأذان.. وجدت الكل يحرسهم إذا ما سجدوا إلى الرحمن..
وجدت الثائر الغاضب ينادى إلى الغليان.. وجدت الطيب الساكن يشاركهم العصيان.. وجدت الناس قد جمعوا خيوط الشمس.. فحاكوا بها لأنفسهم ثياب النور والنيران.. أضاءوا الدنيا بحلتهم من الميدان.. فصار الظلم منحصراً فى كل مكان.. وداعى الحق قد نادى على العربان: ألا يا صاح قم، وأقبل على التغيير والفوران.. من الميدان قد انطلقت دعوة الإصلاح.. كأن هشيما من الأحطاب أضمره فتيل نيران!