هناك دول عديدة فى عصرنا الحاضر استطاعت أن تنهض بسرعة وتخرج من دائرة الفقر والبطالة والجهل إلى دائرة الرخاء والإنتاج، وأعظم مثل نضربه هنا هو الصين وكوريا وماليزيا، وأيضاً الهند، وهى ما يسمونه النمور الأسيوية، وهذه الدول لم تهبط عليها الخيرات فجأة من السماء أو من الأرض كمجعزة البترول، ولم تتلق المعونات والأموال من دول أخرى أكثر غنى ونهضة لتساعدها.. فمن لا يساعد نفسه لا يساعده أحد، والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولكن هذه الدول اتجهت مباشرة إلى أبنائها وشبابها دون غيرهم، وركزت على هذه الطاقات التى كانت مهدرة ومعطلة، وأخذت تقسمهم إلى جماعات حسب طاقاتهم وإمكانياتهم وعلمهم، وابتدأت تعلمهم نوعاً من الحرفة أو العمل الصغير جداً الذى يتناسب مع مستوى كل منهم وظروفه، وفى سنوات قليلة أصبحت لدى هذه الدول طبقة من العمال المهرة، والتخصص فى نوع بسيط من العمل ومن الإنتاج الذى تحتاج إليه السوق، والذى يمكن أن يصنعه فى بيته، أو فى أى ورشة صغيرة فى حيه، وهذا ما يسمى فى عصرنا بالصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، فالسوق المحلية أو العالمية محتاجة إليها بكميات كبيرة وعاجلة للمصانع والشركات، هم يمدون الشاب بالخامات الأولية، ويشترطون عليه إتقان الصنعة ودقة المواصفات حسب الجودة العالمية، وبعض هذه القطع الصغيرة قد يصدر للخارج للدول الصناعية.
فى مصر يوجد لدينا قرابة الثلاثين مليون شاب فى سن العمل والإنتاج، والكثير منهم عاطلون بلا عمل، والكثير منهم من خريجى أو طلبة الجامعات النظرية والمعاهد، والاقتراح الذى نقدمه هنا هو إنشاء قناة تليفزيونية متخصصة للتعليم الفنى العملى، والذى يقدم للشباب أنواعاً من الحرف والصناعات الصغيرة التى يمكن أن يتدربوا عليها ويتقنوها ويمارسوها عملياً.
فالتليفزيون اليوم يمثل أعظم وأسهل وأنجح مدرسة ويمكن أن يصل إلى جميع أنحاء القطر المصرى وإلى أقصى الريف والصعيد والتعليم فيه مجانى، وفى أوقات فراغ الناس.
أما المعلمون وأصحاب التخصص فهم بكثرة فى مصر، ويمكن الاستعانة بمتخصصين أجانب وأصحاب الهوايات المثمرة والناجحة، فيعلمون الشباب أنواعاً مختلفة من الحرف والصناعات البسيطة التى يمكن أن تكون مورد رزق كريم لهم.. دعونا نبدأ والله معنا.
باحث ومفكر إسلامى
Ahmad.Fangry@yahoo.com