قد لا يدرك الكثير منا أن ما نقع فيه الآن من فتنة طائفية مرجعه ثقافة سوء ظن بعضنا ببعض، فالله سبحانه وتعالى ينادى بحسن الظن به أولاً، وبرحمته وبعدله وحسن الظن بالآخر.. فقد يتخيل الابن تميز أخيه عنه، وقد يتهم التلميذ مدرسه باضطهاده، ويكون مفهوم الأب أو المدرس مبنياً على أسباب لا يدركها من يعتقد ذلك!.. وقد تتهم الزوجة الزوج بتفضيله أسرته عليها، وقد تغيب عنها ثقافة البر بالوالدين، وقد تفشل علاقات كثيرة مع اختلاف الأديان والثقافات لعدم القدرة على حسن الظن، وإيجاد أعذار تتيح لنا إيجاد مساحة من السماحة والعفو للآخر، فأعقل الناس أعذرهم للناس.. لقد تفشى فى مجتمعنا مرض نفسى يتعلق بسوء الظن بالآخر، يصل إلى حد الإيمان بنظرية المؤامرة حتى أصبح هذا الشعور ينتقل بالعدوى وبالتوارث بيننا، مما أدى إلى هذه الدرجة من الاحتقان الطائفى، ويخلق نشئاً عليل النفس يلقى بأخطائه على شماعة الظلم والمؤامرة التى تحيط به فى حياته!.. فلا يستطيع الاندماج والتحاب مع من حوله، ويلقى باللوم عليهم دائماً، ليدرأ عن نفسه قلة إنتاجه وعدم تفوقه وتميزه، بل يدفعه إلى التعامل بعنف!..
ما نعانيه الآن من فتنة طائفية هو صورة من رسوخ ثقافة المؤامرة عند كل طرف منا، ومنشؤها سوء الظن ببعضنا، وهو ما يوجب على المؤسسات التعليمية والدينية توضيح رؤية جديدة للتعامل مبنية على حسن الظن بالآخر، والتعامل بشفافية وسماحة من شأنها تأكيد الروابط والصلات بين الناس على أساس حسن الظن بالآخر لا سوء الظن به.
nashwa-aboeleneen@hotmail.com