على طرفى نقيض

الجمعة 24-06-2011 08:00

وكأنه مكتوب علينا أن نظل دائماً فى تناقض واختلاف، إما لمحاولة الهروب من الماضى، وإما لإظهار أكبر قدر من التواضع، وإما للتقرب للميدان وكسب وده وعدم الدخول فى غضبة ميدانية، قد تؤدى إلى سخط لا يرغبه المسؤول، وكل هذا لا يخدم الصالح العام، ولا يحقق مصلحة الوطن، فالوطن فى مرحلة تحتاج للعمل الجاد والمخلص طوال اليوم، دون أى وقت مستقطع فى أمور فرعية أو هامشية، فبناء الأوطان أكبر من أى شىء مما ذكر!!

 فالمتابع للبرامج التليفزيونية بعد الثورة يلاحظ هدراً منظماً يتم لوقت متأخر جداً، يصل للثانية صباحاً، فمتى سينام هذا المسؤول السهران حتى مطلع الفجر، إلى أن يعود لمنزله من أكتوبر بعد ساعة على الأقل، ومتى سيستيقظ لمباشرة مهام عمله، وما تأثير تلك الحوارات التى تمت والمداخلات التى سمعها سواء قدحاً أو مدحاً، ما تأثير ذلك كله على حسن أدائه؟!

فقد شاهدنا وسمعنا عدداً غير قليل من السادة الوزراء الحاليين على فضائيات متعددة، نهاراً وليلاً، وقد يتردد المسؤول على أكثر من قناة فى اليوم الواحد، فهل التواصل مع المواطنين لا يتم إلا عن طريق الإعلام، الذى يهدر الوقت ويؤثر على أداء المسؤولين، ومن ثم يعوق أداء الوزارات!!

فلم لا نبحث عن وسيلة أخرى تحقق التواصل المطلوب، ولو بلقاء شهرى مع المواطنين، يتم نقله على الهواء، حتى تشهده قاعدة عريضة من الشعب؟

أو حتى عن طريق موقع على الإنترنت، أو غير ذلك، وبالتالى يوفر الوزير أو المسؤول وقته لأداء المهام الثقال التى تحتاج لكل دقيقة؟

 فلا يوجد مبرر واحد لأن يسهر وزير ما فى قناة فضائية أو أكثر للواحدة صباحاً، ويترك وزارته ومكتبه وجميع مرؤوسيه خارج نطاق الخدمة، فهاتفه مغلق بالقطع، ناهيك عن وقت الانتظار قبل الهواء، ومسافة السير من وإلى الاستديو، ناهيك عن الحوارات الصحفية اليومية وما تستغرقه من وقت..

كان الوزير فى العهد السابق يظل لعشرين عاماً فى موقعه، وقد لا يظهر مرة فى التليفزيون، ومنهم من أبى أن يمثل حتى أمام البرلمان للرد على استجواب أو غير ذلك، ومنهم من قضى فترة «استوزاره»، وخرج ولا يعرف شكله إلا قليل، وليت ذلك كله كان لأجل مصلحة البلد!!

فهل أراد مسؤولو ما بعد الثورة أن يثبتوا أنهم على نقيض المسؤولين السابقين، فأغرقوا المشاهدين برؤياهم ليل نهار على حساب مسؤولياتهم الوزارية؟ بالقطع كلا الاتجاهين على طرفى نقيض، وكلاهما لا يصب فى مصلحة الوطن، والمصلحة تقتضى تقليل الظهور!

 

قنا - عمارات البحر