رجاء.. لا تُجهضوا الثورة

الجمعة 20-05-2011 08:00

فى المرة الأولى عند دخولى للمتحف المصرى بميدان التحرير، إذا بى أقف طويلاً عند أحد التماثيل الخشبية مكتوب عليه «تمثال خشبى لشيخ البلد»، وإذا بالتمثال رجل «قزم» مكحل العينين، يمسك بإحدى يديه عصاً خشبية من فرع شجر، بينما وجهه المستدير تملؤه ابتسامة غاية فى الوضوح والشفافية، وحينها أدركت نوعاً من عظمة القدماء المصريين بُناة الأهرام الشامخات، وهى واقفة كل تلك السنين تتحدى الزمان بعظمتها وكبريائها، أدركت أن الله أقام دولتهم لأنهم أعلوا من قيمة الإنسان حتى وإن كان «قزماً»، بدلاً من أن يستخدموه كاراكتر لإضحاك الناس، أما بعد ثورة 25 يناير التى ألهمت شعوب العالم معنى جديداً للحرية، يتم ضبط ما يقارب 2400 مخالفة مرورية فى محافظة القاهرة فى يوم واحد!!


 فهل هذا يليق بشعب أصبح محط أنظار كل دول العالم؟!


إن الثورة القادمة يجب أن تكون بداخل كل مصرى، ثورة لجلد الذات.. ثورة على ذلك الإرث الثقيل الذى زرعه ووطنه بداخلنا نظام مبارك الفاسد، الذى أفسد نفوس الناس قبل أن يُفسد الأرض والزرع والماء والهواء، حتى أصبح الاعتداء على المال العام والممتلكات العامة وحق الطريق من إحدى بدائيات ثقافة الإنسان المصرى..


 إن الفرق ما بين المواطن الذى يكسر إشارة مرور فى زمن الرئيس الفاسد، والمواطن الذى يكسر إشارة مرور بعد ثورة شباب الغضب، هو نفس الفارق ما بين مصريى اليوم ومصريى دولة الفراعنة بناة الأهرامات، حيث بلغ هناك احترام القانون منتهاه حتى وإن كان القائم عليه رجل من الأقزام!!


إن الثورات وحدها قد لا تجلب مزيداً من الاستثمارات وزيادة الناتج القومى، بقدر ما تجلبه الميزة الفردية للشعوب المتحضرة والدول التى يُحترم فيها القانون والنظام!.. والسؤال الآن: «إن لم نحترم إشارة المرور اليوم فمتى؟».




msaidelnaggar@yahoo.com