سيدة مصر الأولى بحق

الثلاثاء 29-03-2011 08:00

حلت ذكرى رحيلها فى الخامس والعشرين من مارس وقد تركت سيرة عطرة بعد رحيلها عن الدنيا فى سنة 1990.. أتحدث عن السيدة «تحية محمد كاظم» ابنة تاجر السجاد ذى الأصل الإيرانى التى تزوجت من ضابط مصرى سنة 1944 وقد ساقته الأقدار فيما بعد ليقود ثورة 23 يوليو 1952 وليكون بعدها الرئيس جمال عبدالناصر..

 عاشت السيدة تحية كاظم حياتها فى هدوء متفرغة لزوجها وتربية أولادها الخمسة منى وهدى وخالد وعبدالحميد وعبدالحكيم.. ظلت طوال حياتها تحمل «اسم ابيها» مبتعدة عن المسمى الأمريكى «السيدة الأولى» الذى تحمل بموجبه حرم الرئيس اسم زوجها!!..

 وقد انتقل هذا المسمى لمصر فى العهدين الأخيرين وله مساوئ كثيرة!!..

 المثير هو أن المرحومة «تحية كاظم» كانت تدون مذكراتها «بانتظام» واحتفظت أسرتها بتلك المذكرات بخزينة أحد «البنوك»، لتخرج للنور مؤخراً فى كتاب رائع. أهم ما ورد بهذه المذكرات هو لحظة الوادع، لحظة أن لقى رفيق عمرها ربه وصعدت روحه لبارئها، وقد قبلت جبينه وخرجت من غرفته لترتدى ملابس الحداد السوداء بعد أن قالت «للحضور»:

«لقد عشت ثمانية عشر عاما لم تهزنى رئاسة الجمهورية ولا زوجة رئيس الجمهورية، ولن أطلب منكم أى شىء بعدها، فقط أريد أن يجهز لى مكان بجوار الرئيس لأكون بجانبه.. كل ما أرجوه أن أرقد بجواره!!»

 وفى آخر سطور بمذكرات السيدة تحية كاظم كتبت «الآن أعيش فى المرحلة الثالثة من حياتى حزينة أبكيه، وقد زاد حزنى حسرة، وسأظل أبكيه حتى أرقد بجانبه فى جامع جمال عبدالناصر بمنشية البكرى، وقد جهز لى المكان كما طلبت».. وآخر ما كتبت «أنه جمال عبدالناصر الذى عاش عظيما وهو فى رحاب الله عظيم. تاريخه وحده هو الشاهد»..

 تلك كانت لمحات من سيرة سيدة عظيمة تركت سيرة عطرة فى حياتها وبعد مماتها وقد عاشت طوال عمرها وفية لسيرة جمال عبدالناصر، وقد أدت رسالتها بعده فى تربية أولاده والحنو على أحفاده، إلى أن لقيت ربها راضية مرضية فى 25 مارس سنة 1990، وقد تحققت أمنيتها بأن دفنت بجواره.. على هامش السيرة فإن الحديث لابد أن يتطرق إلى حتمية عدم تكرار نموذج «السيدة الأولى»، وكانت نتائجه كارثية بعد عهد الرئيس جمال عبدالناصر، سيما فى عهد «مبارك» وقد أدت «زوجته» أدواراً لم يكن لها القيام بها، وقد كانت تسبق الوزراء وتعينهم، وتتدخل فى صنع القرار، وكانت من ضمن مسببات سقوط دولة الظلم البائدة للأبد!! رحم الله السيدة «تحية كاظم» ويبقى دائماً من سيرتها حسن الأثر.

 المحامى- بنها