انطلقت شرارة ثورة التغيير من تونس، وما لبثت أن انتقلت سريعا إلى مصر وتداعت من بعدها سريعا قطع الدومينو الأخرى فى اليمن وليبيا والجزائر والبحرين والمغرب والبقية تأتى، والمثير للدهشة فى هذه الأحداث أن ردود فعل النظم العربية تشابهت إلى حد كبير مما يؤكد وجود طبائع مشتركة لهذه النظم يمكن أن نطلق عليها طبائع الاستبداد.
1- (الانفصال عن الواقع): فالنظم الاستبدادية لا تعتقد أنها كذلك ولا تعترف باستبدادها فهى تعيش فى واقع من صنعها، ويتأكد هذا الواقع المزيف من خلال منافقة المحيطين بالنظام والمستفيدين منه، وبالتالى يحدث - تدريجيا - انفصال النظام عن واقع المجتمع ومتطلباته، ولا يقبل أو يتقبل أى إشارات تأتى من المجتمع، تتعارض مع الواقع المزيف الذى صنعه ويفضل أن يعيش فيه.
2- (تعظيم الذات والإنجازات): فالنظم الاستبدادية وبسبب انفصالها عن الواقع واعتمادها فيما تستقبله من معلومات على مجموعة المؤيدين والمستفيدين من النظام، فإن هذه النظم تعظم من ذاتها ومن تقدير قدراتها وصفاتها (حكمة الرئيس مبارك، وقيادة العقيد القذافى) وكذلك فإن هذه النظم لا تكاد ترى إلا ما تعتقد أنه إنجازات وتعظم من شأنها ولا تمل من تكرارها.
3- (تشويه الآخر): تعمد النظم الاستبدادية إلى تشويه المعارضين والمخالفين فى الرأى، فهم قلة مندسة، عملاء يسعون لتحقيق أجندات خارجية، أو هم قلة من المخدرين المهلوسين!!
4- (الاحتكار): النظم الاستبدادية ولطول استبدادها بالسلطة لا تحتكر السلطة فقط، وإنما تحتكر أيضا وسائل القمع الجماهيرى، فضلا عن ادعائها احتكار الحكمة والصواب والقدرة على تسيير الأمور.
5- (الترهيب): لكى تفرض النظم الاستبدادية نفسها على دولها فإنها تلجأ إلى سلاح الترهيب وإشاعة الخوف من البديل، فإما الاستبداد أو الفوضى والحرب الأهلية، وهنا تستخدم فزاعات مثل فزاعة الإرهاب وفزاعة الإسلاميين.
6- أخيرا فإن النظم الاستبدادية لا تتعلم من دروس التاريخ فهى ترى أنها صانعة التاريخ، ولذلك لم يكن غريباً أن يصرح قادة النظام المصرى فى بداية أحداث الثورة بأن مصر ليست تونس، وهو نفس ما ردده النظام الليبى بأن ليبيا ليست تونس أو مصر، وغدا سيردد النظام المغربى أنه ليس تونس أو مصر أو ليبيا أو اليمن أو الجزائر!!
باحث فى الشؤون السياسية