لماذا المسيح ومحمد؟

الأربعاء 12-01-2011 08:00

هذا ليس سؤالاً لك أيها القارئ العزيز، وإنما هو عنوان كتاب للدكتور «شريف وهبى»، كتاب تأخذنا سطوره الهادئة المريحة للمسيحى والمسلم، لنقرأه من أول صفحة حتى آخر صفحة، فقد استطاع المؤلف برشاقة قلمه واستنارة فكره أن يخبرنا الكثير عن رُسل الله وعظمة عطائهم وتضحياتهم، فيعرض نماذج من أخلاق المسيح ومحمد، يبين فيها نقاء هذين الرسولين وسماحتهما وعظم خلقهما مع الإنسان وأنهما لم يأتيا لفرض مشيئتهما على الأرض، وإنما جاءا ليبذلا السلام للعالم، وإنهما احترما الحياة فى كل حى، فى الإنسان والحيوان والطير، ويدعونا هذا الكتاب للوحدة الوطنية من أقدس أبوابها، وهما النبيان الكريمان محمد والمسيح وليحرج كل من يسول له شيطانه أو نفسه أن يبث الفرقة فى جسد الوطن، فمن كان يحب المسيح حقًا فهذا هديه فليتبعه، ومن كان يحب محمد حقًا، فهذا سبيله فليتخذه سبيلاً.

لقد أراد د. شريف وهبى أن يوصل رسالة مهمة إلى المسلمين والمسيحيين، فالإسلام والمسيحية ديانتان سماويتان فحواهما واحدة فى الأساس، ألا وهى إصلاح النفس البشرية، وتقديم ما هو أفضل للإنسان لكى يستطيع أن يحيا برقى وسمو من خلال التعاملات الإنسانية البسيطة التى تضفى على الحياة روح الحب والود والتآلف بين البشر.

ولقد استوقفنى عند قرءاتى الكتاب عنوان «بين الدين والطائفية» منوهًا بأن كل الأديان تأمر بالرفق، وتحث على الحب وتنهى عن الخصام وتمقت القسوة والأذى، فحسبك من المسيحية قول المسيح عليه السلام «أحبوا أعداءكم، باركوا لأعينكم».

أما الإسلام فلا تكاد تحصى آيات القرآن فى الحب والصفح والرحمة وعمل الخير للناس ولا تكاد تحصى الأحاديث النبوية التى تحث على ذلك، وترغّب فيه.

وهكذا تتعاون دياناتنا على نشر الوئام بين الناس، وترغيبهم فى العيش معًا إخوة متحابين، لا يعتدى بعضهم على بعض، ولا يسفك بعضهم دم بعض، ولا يحول اختلاف دياناتهم دون اطمئنانهم جميعًاعلى حرياتهم وأموالهم وأعرافهم وكفاءاتهم.

ولسنا نرى فى التاريخ أروع من موقف شيخ الإسلام ابن تيمية حين جاء إلى أمير التتار يطلب إليه إطلاق سراح الأسرى، فأجابه الأمير التتارى بإطلاق سراح أسرى المسلمين وحدهم دون المسيحيين واليهود، فأبى شيخ الإسلام وقال: لابد من إطلاق سراح هؤلاء أيضًا، فإنهم أهل ذمتنا، لهم ذمة الله ورسوله، فأطلق الأمير سراحهم جميعًا.

فهذه هى روح الدين فى حقيقته الإلهية الخالدة، ويوم ينقلب الدين لمفهوم ضيق يتميز بالحقد والعداء ويبعث على النزاع والشحناء وينتهى إلى الفتن وسفك الدماء.. يومئذ يكون الدين قد تحول إلى طائفية ذميمة، تنذر بشر العواقب وأوخم النتائج.

وفى النهاية نرى أن القرآن ينص على أن اختلاف الديانات والحكم بينها فيما تختلف فيه، يجب أن يوكل أمره إلى الله وحده، والله وحده هو الذى يحكم يوم القيامة بين الناس، فيما كانوا فيه يختلفون.

«ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين» (هود:118)