درويش باع أرضه

الأربعاء 29-12-2010 08:00

لا أنسى فرحتى العارمة «بقرار الرئيس مبارك» منح كل المتقدمين لمشروع «ابنى بيتك» قطعة أرض، لم أكن أملك مصاريف البناء، لم أشك لحظة فى إعانة الله لأمثالى، وها هى زوجتى تدفع لى بحليها البسيط ليكون مقدما لإحدى شركات البناء، على أن أقوم بتقسيط الباقى مستعينا بالدعم، كنت أسابق الزمن لاستخراج تراخيص البناء. أسرعت فى البناء مع زملائى كى لا نتأخر عن المهلة المحددة للبناء، وحتى لا تسحب منا الأرض، كنت أعمل حدادا ونجارا، أحمل الخرسانات حتى تشققت يداى، تحملت الحر الشديد والعطش، وابتزاز العرب ونصب المقاولين، نام بعضنا فى الجبل يحرس خاماته من السرقة!!


كنا نسمع وعود المسؤولين بقرب انتهاء المرافق والخدمات، فتخفف عنا هذه التصريحات ما نحن فيه، فنبيع ما نملك لاستكمال حلمنا الذى بدأناه، لم نكن نتخيل أن تصريحات المسؤولين من قبيل الوهم والخداع كيف وهذا المشروع هو «برنامج الرئيس مبارك» قالوا: إن موعدكم آخر ديسمبر، وها هو ديسمبر قد انقضى ومعه الوعود، فلا مياه ولا صرف ولا طرق ولا خدمات ولا شىء، تأخرت أياما فى تسليم المرحلة الثالثة، فحرمونى من دعمها، رغم أننى قدمت لهم محضرا يفيد بتعرضى للنصب فلم يشفع لى ذلك!! وقالوا إنها اللوائح والقوانين، لوائحهم تحاسبنا أشد الحساب، ولكن لا أحد يحاسبهم!!


والآن لم أعد أطيق الذهاب إلى منزلى القابع فى الصحراء، وقد تعرضت حلوقه الخشبية للسرقة، ولا أملك ثمن بوابة حديد تحميه من اللصوص، أبكى بشدة كلما دخلت على موقع «ابنى بيتك» لأجد زملائى، وهم يعرضون بيوتهم للبيع بعد أن تراكمت عليهم الديون، كنت أقاوم فكرتهم السوداء فى البيع، حتى خارت قواى وتبددت أحلامى، بسبب كذب المسؤولين المتواصل، وتأكيدهم أخيرا أن الأمر فى يد الوزارة، التى توقفت عن الدفع لشركات المقاولات لاستكمال المرافق، لا أستطيع أن أتخيل نفسى وأنا أعرض أحلامى للبيع، ولا أدرى ما الذى سوف أقوله لأطفالى بعد ذلك؟!


مهندس- الهرم


egy_adarwish@hotmail.com