حارة النصارى

السبت 25-12-2010 08:00

ليس هذا الكتاب عملاً روائياً كما يبدو من عنوانه، لكنه يصدر فى سياق الأعمال الفكرية، ما إن تبدأ فى الاطلاع إلا وتزداد رغبة وإصراراً على إتمام قراءته حتى الغلاف الأخير.

يتناول الكتاب- رغم صغر حجمه- قضايا شائكة، ويجيب عن تساؤلات عديدة، ويكشف عن واقع ملتبس فى علاقات اجتماعية ضاربة جذورها فى أعماق المجتمع المصرى، خاصة علاقة المسلم بالمسيحى التى استقرت مئات السنين، وتعانى اليوم مداً وجزراً،

 وتأتى أهمية الكتاب لأنه بقلم قبطى مسيحى يعتز بانتمائه لمصر، ويحمل وجهة نظر جديرة بالاحترام، إنه الصديق الكاتب «شمعى سعد» الذى يهمس فى رقة المحب، وعتاب العاشق بأن المطلوب أن نتغير، وأن نفهم بوعى ونعرف بوضوح أن الأقباط هم كل سكان مصر على اختلاف طوائفهم وعقائدهم ودياناتهم، وأن الوطن الذى احتوانا منذ آلاف السنين هو القادر- أيضاً أن يسعنا ويجمعنا على محبته آلاف أخرى من السنين، بشرط أن ينضج وعينا وندرك أن شواغلنا وهمومنا وطموحاتنا ومصيرنا مشتركة.

إنها دعوة مخلصة لقبول الآخر، ومعرفته عن قرب، والتخلى عن الأفكار المغلوطة والأحكام المسبقة، خاصة أننا تحت سقف واحد، ونتقاسم سوياً لقمة العيش، ومعاملاتنا اليومية المغلفة بالود والمحبة تقرب المسافات، وتزيل الحواجز، وتمحو الفوارق، إذ لا فرق بين مسلم ومسيحى إلا العقيدة وهى حالة إيمانية خالصة لله وحده.. إن أهم ملامح الكتاب جادة التناول عبر ملابسات سوء الفهم وتعرية سلبيات كثيرة لدى الغالبية والمتطرفين هنا وهناك

لقد أعجبنى حرص الكاتب تجنب الولوج فى التفاصيل العقائدية ومفرداتها المثيرة للجدل والخلاف، وألقى الضوء الكاشف على القواسم المشتركة التى تجمع أبناء الوطن الواحد، ولشد ما ألمنى توجسه النبيل أن ينكمش النصارى ذات يوم ويصبح كل ما لهم فى هذا الوطن مجرد «حارة»!! وهو- فى اعتقادى- أمر مستبعد، لأننا شركاء وتوجهاتنا وآمالنا وآلامنا واحدة.

 

رئيس نادى الأدب بأدكو