الأوانى المستطرقة.. والحد الأدنى للكرامة

الجمعة 19-11-2010 01:00

لم يعد غريباً على الشعب المصرى أن يفاجئ بمثل تصريح السيد وزير التنمية الاقتصادية بحد أدنى للأجور 400 سحتوت مصرى وليس 400 دولار فى زمن ارتفع فيه سعر الطماطم على حين غرة من الناس إلى تلك الأرقام الفلكية، بعد أن كان يلقى بها المغنيون أصحاب الأصوات النشاذ فى حفلات الأفراح والليالى الملاح!.. ولكن الأكثر غرابة حقاً فى التصريح الثانى للسيد الوزير أنه سيلجأ لاستقدام عماله من بنجلاديش تقبل العمل بأقل من الـ400 سحتوت هل لا يعرف سيادته أن أقل أجر لعامل بنجالى فى مصر يقدر بـ1000 جنيه بخلاف مصاريف الإقامة والسكن وتذاكر الطيران والتأمين الصحى وخلافه.. كما أن أجر «عمال النظافة» أو «التى بوى» فى دول الخليج لا يقل عن 300- 500 ريال..

 وأزيدك من الشعر بيتاً وأنت سيد العارفين أن دولة الكويت قد احتفلت فى العام الماضى بجلاء آخر عامل بنجالى عن أراضيها وكسرت من ورائه قلة، كما أوقفت المملكة السعودية إصدار أى تأشيرات جديدة من هذه العمالة.. كل ذلك لما سببته هذه الجنسية من العمالة من أضرار جسيمة فى تلك المجتمعات العربية المحافظة سواء من السرقة والاتجار بالمخدرات وخلافه!.. إن الحل الأكيد فى تحسين أحوال الناس المعيشية والسلوكية لم يكن أبداً بتحديد الحد الأدنى للأجور بقدر ما يكمن فى تحديد الحد الأقصى للأجور!..

أجل إنها نظرية الأوانى المستطرقة وكيف أن «المليان يكب على الفاضى» فلو تم ذلك سوف يرتفع الحد الأدنى أتوماتيكياً، ولأزيلت كل الفوارق الطبقية الشاسعة بين الأغنياء والفقراء، تلك الفوارق التى خلقت الأحقاد والضغائن بين الناس ونشرت الجريمة وغرائب أشكالها، وأدت فى النهاية إلى انهيار الطبقة المتوسطة، ولكن من يملك القدرة المطلقة على اتخاذ هذا الإجراء الذى لا يرضى عنه علية القوم فى مصر!.. الحياة بكرامة هى جل ما يحتاجه ليس فقط الفقراء الذين تدعى أنك قد أحصيتهم وعددتهم عداً، ولكن أيضاً المجتمع المصرى المعذب وصدق البارودى الشاعر بآلام المعذبين من منفاه:

لكل دمع جرى من مقلة سبب

وكيف يملك دمع العين مكتئب

msaidelnaggar@yahoo.com