منذ زمن ليس بالبعيد كان الحج جهاداً ومشقة حقيقيين!! كان الحجيج يبدأون تحركهم من هنا للأراضى المقدسة قبل موعد الحج بحوالى شهرين، يمتطون الخيول والإبل، ويعبرون الصحارى، ويتعرضون لمخاطر عديدة.. ثم ظهر القطار فتطورت الأمور قليلاً، ثم كانت السيارات وسيلة أدت لاختصار زمن رحلة الحج، ثم استخدمت الطائرات، وأصبح هناك الآن من يسافر ويؤدى مناسك الحج ويعود فى خمسة أيام على الأكثر!!
وعندما أكرم الله سبحانه الأخوة السعوديين بفيض غير محدود من الأموال، لم يبخلوا، بارك الله فيهم، فى توسعة الحرمين الشريفين، وفى تطوير أماكن الشعائر بمنى وعرفات وخلافه.. أذكر عندما حججت للمرة الأولى عام 1399هـ - 1979م لم أشاهد بعرفات أشجاراً نستظل بها.. دورات المياه قليلة، بدائية.. وكانت المخيمات بمنى بدائية، ودورات المياه بلا صرف صحى سليم... إلخ!!
أما الإفاضة من عرفات فتستغرق ساعات لا حدود لها!! وفى 1416هـ - 1996م حججت للمرة الثانية.. فإذا بمخيمات منى مصنعة من مواد مقاومة للاختراق، نظيفة، المياه المثلجة فى كل مكان، ودورات المياه فاخرة!!.. وفى عرفات شعرت وكأننى فى فندق مميز، منتهى الراحة!! أما الإفاضة من عرفات فكانت رحلة قاسية! ظللنا فى الأتوبيس من بعد غروب شمس يوم عرفة إلى ظهر اليوم التالى.. مأساة.. فماذا حدث!!