سيتمزق السودان وتنسلخ قطعة منه إذا انفصل الجنوب عن الشمال، ومع هذا التمزق سيتمزق قلب كل مصرى، فالسودان هو الامتداد الأمنى والحياتى لمصر، وكنا قديما نتغنى بأحلى نشيد وهو «السودان لمصر ومصر للسودان».. أزمة الجنوب هى فى الأساس أزمة اقتصادية، تستطيع الاستثمارات والمساعدات والتعاون العربى حلها بجزء يسير من مئات التريليونات الدولارية المكدسة والمدخرة فى بنوك أمريكا وأوروبا، وبذلك سيحل الرخاء للجنوب، ويشعر السودانيون الجنوبيون بالحس العربى تجاههم، وترجمته إلى التصويت ضد انفصال جنوب السودان، ويبقى السودان شأن كل دول العالم محتفظا بوحدة أراضيه وامتزاج شعبه، حتى لا يكون الانفصال الجنوبى بداية لانفصال عربى وشرقى وشمالى، وتنتشر عدوى الانفصال إلى معظم الدول الأفريقية، وتصبح أفريقيا غابة تحكم بالسلاح والإرهاب وحرب العصابات!!
إننى أسأل قادة العالم الذين فرضوا الاستفتاء المشبوه فى الجنوب، هل يرضون بانسلاخ ولاية أمريكية من باقى الولايات الواحدة والخمسين عن أمريكا الأم.. أو ينفصل شرق بريطانيا (ويلز) وشماله (إسكتلندا) عن بريطانيا الأم.. أو تنقسم سويسرا وبلجيكا وهولندا كل منها إلى دولتين وفقا للغة السائدة فى كل جزء، فتصبح سويسرا دولتين إحداهما دولة تتكلم اللغة الألمانية وأخرى يتكلم شعبها اللغة السويسرية وهكذا؟!
إن انفصال جنوب السودان لا يقل أثراً عن الهيمنة الإسرائيلية الفاجرة على الأراضى العربية المحتلة سنة 67 بل لا يقل عن نكسة 1948.. الدول العربية عامة والبترولية خاصة مطالبة بالعمل الجاد لتأجيل استفتاء السودان، ثم ضخ استثمارات جيدة للجنوب تجعل شعبه يقول لا للانفصال.