آلو..!!..رُخْصُ الحياة

الثلاثاء 10-09-2013 09:54

لم تهن حياة الناس على الناس كما تهون عليهم فى هذه الأيام، ونحن نصبح ذات يوم فإذا الهول يتكشف لنا كأشنع ما يكون الهول، وإذا بعض المصريين يمكرون ببعض، وإذا الموت يريد أن يتسلط على مصر، كما يتسلط على كثير غيرها من أقطار الأرض، وإذا كل واحد منا كان آمناً أمن الغفلة الغافلة!.. إنا كنا غافلين حقاً، خدعنا ما عرفناه عن وطننا، هذا الوادع الهادئ الكريم الذى لا يحب العنف ولا يألفه! ولم لا؟ ألم نشهد منذ عامين اثنين ثورة يشبّها الجيش وفى يده من وسائل البأس والبطش ما يغرى بإزهاق النفوس وسفك الدماء، ولكنه يملك نفسه ويملك يده فلا يزهق نفساً، ولا يسفك دماً، وإذا ثورتنا فذة بين الثورات!!.. ولكننا نصبح ذات يوم فنكتشف أن فريقاً منا كانوا يهيئون الموت والهول والنكر لإخوانهم فى الوطن، ولإخوانهم فى الدين، ولإخوانهم فى الحياة التى يقدسها الدين..

ما هذه الأسلحة، وما هذه الذخيرة التى تدخر فى بيوت الأحياء، وفى قبور الموتى؟ ما هذا المكر الذى يمكن، وما هذه الخطط التى تدبر، وما هذا الكيد الذى يكاد؟ لم كل هذا الشر، ولم كل هذا النكر، ولم رخصت حياة المصريين على المصريين؟!.. يقال إن حياة المصريين إنما رخصت على المصريين بأمر الإسلام الذى لم يحرم شيئاً كما حرم القتل، ولم يأمر بشىء كما أمر بالتعاون على البر والتقوى، ولم ينه عن شىء كما نهى عن التعاون على الإثم والعدوان، ولم يرغب فى شىء كما يرغب فى العدل والإحسان والبر، ولم ينفر من شىء كما نفر من الفحشاء والمنكر والبغى..

 هيهات، إن الإسلام لا يأمر بادخار الموت للمسلمين، وإنما يعصم دماء المسلمين متى شهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويرى قتل النفس البريئة من أكبر الإثم وأبشع الجرم.. جاء ما حدث من أولئك الذين قال فيهم رسولنا إنهم يقرأون القرآن لا يتجاوز تراقيهم، والذين كان أيسر شىء عليهم أن يستبيحوا دماء المسلمين مهما تكن منازلهم فى الإسلام، وأن يتحرجوا فيما عدا ذلك تحرج الحمقى لا تحرج الذين يتدبرون ويتفكرون ويعرفون ما يأتون وما يدعون!!

كل ما سبق هو مقتطفات مما كتب عميد الأدب العربى د. طه حسين تحت عنوان «رُخْصُ الحياة» عقب محاولة الإخوان اغتيال عبدالناصر عام 1954، مرت عقود ولم يتغيروا.. إلى متى؟!