نستمر فى قراءة ما كتبه الصحفى الكبير محمد التابعى عام 1954 تحت عنوان «الضحايا.. والمساكين» متناولاً جلسات محاكمة «محمود عبداللطيف» الذى أطلق الرصاص على جمال عبدالناصر فى المنشية: «أكبر صدمة أصابت الجانى محمود عبداللطيف حينما رأى مثله الأعلى يتهاوى أمام عينيه!! زعماؤه.. زعماء قيادة الإخوان الذين طاعتهم من طاعة الله كما علموه ولقنوه!.. رآهم يتخاذلون ويجبنون ويكذبون ويحنثون فى أيمانهم بالله العظيم.. وكل منهم يحاول أن ينجو بجلده ويرمى التهمة على صاحبه وأخيه!.. سمع بأذنيه- فى ذهول وهو يكاد يكذب أذنيه- أن فعلته التى أقدم عليها جريمة وخيانة فى حق الوطن!.. وأنها جريمة بشعة نكراء لا يقرها دين الإسلام ولا يرضى عنها المسلمون!.. سمع هذا بأذنيه وممن؟..
من الذين حرضوه وأعطوه المسدس، وأفهموه أن هذه هى أوامر قيادة الإخوان التى طاعتها من طاعة الله والرسول، وكان «محمود» يعتقد إلى يوم ارتكاب الجريمة أن هؤلاء جميعاً أقرب منه إلى الله!.. وأن المرشد العام الإمام من أولياء الله بل لعله يلى مباشرة طبقة الأنبياء والمرسلين.. ثم سمع فى ساحة المحكمة ما سمع!!، ورأى المثل العليا تتهاوى أمام عينيه، وأدرك كيف خدعوه وضللوه، وتخلوا عنه الآن!! شباب الإخوان جميعهم ضحايا.. فليس الضحايا وحدهم هم الذين أريقت دماؤهم ظلماً وعدواناً.. بل هناك كذلك الضحايا الذين امتلأت نفوسهم سماً صبه فيها زعماء الإخوان ممزوجاً بآيات الكتاب الكريم!.. النفوس التى ضللت وخدعت، وقيل لها اقتلى وانسفى ودمرى فى سبيل الله، لكى تحكم الجماعة وتقيم حكومة تشرف عليها!».. ولا تعليق!!