كان يوم الأربعاء 14 أغسطس يوماً شديد الوطأة على نفسى.. استيقظت على صوت الميكروفونات تناشد معتصمى رابعة العدوية الانصراف، ثم بدأت أصوات الطلقات تتعالى.. وقفت فى شرفة منزلى لأتابع وأصور، ومع وصول الغاز لنا هرولت داخلاً مغلقاً جميع النوافذ.. استمر تبادل إطلاق الأعيرة النارية إلى ما بعد صلاة العصر.. كان الصوت أحياناً شديداً يصم الآذان ويرجف القلوب.. عند أذان العصر إذا بمجموعة تحمل قتيلاً مكفناً، تحمله داخل حصيرة، والكفن ممتلئ بالدماء، وأرادوا تركه بالمسجد الصغير القابع تحت منزلى!! ورفضنا فانصرفوا به.. بعدها إذا بعدة مئات من الإخوان يهرولون قادمين من اتجاه شارع مكرم عبيد وخلفهم قوات الشرطة، وسقط رجل قتيلاً تحت شرفتى، وظل قرابة الساعة لم يقترب منه أحد!
وشاهدت مجموعة من شباب المنطقة تحاصر اثنين مسلحين من الإخوان، اختبآ فى عمارات أول مايو، وحضر ضابط ومجموعة جنود، وألقوا القبض عليهما، ثم فوجئت بحارس العقار يخبرنى بأن بالمسجد مجموعة من النساء والشباب مختبئين، وقد أغلقوا باب المسجد عليهم ويريدون المبيت حتى الصباح!! اتصلت بشرطة النجدة وأخذوا البيانات ولم يحضر أحد! أقنعنا من بالمسجد أنه متبق ساعة على قرار حظر التجوال، والأفضل أن ينصرفوا ولن يمسهم أحد بسوء، فانصرفوا وأغلقنا المسجد تماماً!! طوال اليوم لم ينقطع رنين الهاتف.. المتصلون أقارب وأصدقاء وقراء أفاضل من هنا وهناك.. من بين الاتصالات ما تلقيته من ابن شقيقتى بعد السابعة مساء.. سألته: أين أنت؟ فأجاب فى مسجد رابعة العدوية!! وماذا عن حظر التجوال؟.. أجاب: غير مطبق الآن على من يقطنون قرب المسجد، ثم إننا مع شباب المنطقة نساعد رجال الشرطة فى جمع الجثث وإزالة آثار فض الاعتصام!! والسؤال هل انتهى الأمر؟. للحديث بقية.