‏«عمومية طارئة» في مجلس الدولة غداً لإحباط قرار «الحسينى» بتعيين القاضيات ‏

كتب: طارق أمين الثلاثاء 23-02-2010 20:39

تصاعدت الأحداث داخل مجلس الدولة، عقب صدور قـرار من المستشار «محمد‎ ‎الحسينى»، رئيس المجلس، بالموافقة على تعيين المرأة قاضية، حيث بدأت‏‎ ‎مساء ‏أمس حملة موسعة بين مستشارى المجلس من أجل الدعوة لعقد جمعية عمومية‎ ‎طارئة للمستشارين، تقرر عقدها غدا، بوصفها أعلى سلطة قضائية داخل المجلس، ‏للتصدى‎ ‎لما اعتبروه «مخططاً خارجياً» لتعيين قاضيات بالمجلس لأول مرة فى ‏تاريخه، كما أعلن‎ ‎مجلس إدارة نادى قضاة مجلس الدولة، رفضه التام تعيين المرأة ‏قاضية داخل المجلس‎ ‎كما أعلن المجلس برئاسة المستشار «يحيى راغب دكرورى»، ‏أنه في حالة انعقاد‏‎ ‎مستمر لحين انتهاء تلك الأزمة، ووقف قرار «تعيين القاضيات»‏‎.‎

كان المستشار «الحسينى» قد أصدر قرارا برقم 92 لسنة 2010، مساء أمس‎ ‎الأول ‏عقب اجتماع مغلق للمجلس الخاص استمر 4 ساعات، بالاستمرار فى استكمال ‏إجراءات‎ ‎تعيين خريجات 2008و2009، بما يعنى الموافقة على تعيين المرأة قاضية ‏بمجلس الدولة‎ ‎لأول مرة فى تاريخه، مستندا إلى قرار سابق للمجلس الخاص ‏بالموافقة بالإجماع على‎ ‎تعيينهن، وهو ما تسبب فى تفجر أزمة حادة وانقسام كبير فى ‏مواقف القضاة بين أقلية‎ ‎مؤيدة لـ «قرار الحسينى»، ترى فيه نقلة مستحقة والتزاما ‏بمبدأ المساواة بين الرجل‎ ‎والمرأة فى العمل، وأغلبية معارضة تعتبر «القرار» ‏مخالفاً للدستور والأعراف‎ ‎القضائية، وخطوة تشكل تحديا لتعاليم الدين وتقاليد ‏المجتمع الإسلامى واستجابة‎ ‎للضغوط الخارجية‎.‎

ويحاول قطاع كبـير من قضاة مجلس الدولة حاليا تنظيم حملة مضادة «بشكل‎ ‎قانونى» تقطع الطريق أمام تنفيذ قرار «الحسينى» الذى وصفوه بـ «القرار المنفرد»‏‎ ‎و«المخالف» لرأى الجمعية العمومية للمستشارين يوم 15 فبراير الجارى، كما أنه ‏يتجاهل‎ ‎قرار المجلس الخاص الأخير، الذى رفض بالأغلبية ( 4 ضد 3) تعيين ‏المرأة فى القضاء،‎ ‎وأعرب عدد من المستشارين لـ «المصرى اليوم» عن صدمتهم ‏من قرار المستشار «محمد‎ ‎الحسينى»، الذى يعد سابقة قضائية، حيث خالف أعلى ‏سلطتين داخل المجلس، وهما الجمعية‎ ‎العمومية للمستشارين التى تضم فى عضويتها ‏كل من يشغل منصب نائب رئيس مجلس الدولة أو‎ ‎وكيل للمجلس، بالإضافة إلى ‏منصب مستشار، وهؤلاء عددهم يقترب من الـ 700 عضو، جميعهم‏‎ ‎أمضوا فى ‏العمل القضائى 15 سنة على الأقل، أما السلطة الثانية، فهو المجلس الخاص‎ ‎أعلى ‏سلطة إدارية بمجلس الدولة، والذى رفض بالأغلبية بعد اجتماع مغلق استمر نحو 4‏‎ ‎ساعات، تعيين قاضيات، وأبدى القضاة الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم، اندهاشهم ‏مما‎ ‎يسوقه «الحسينى» عن أن إجماع المجلس الخاص فى اجتماع سابق على تعيين ‏المرأة، ينسخ‎ ‎أو ( يلغى) رفض المجلس بالأغلبية مؤخرا، حيث اعتبروا أن ذلك مبدأ ‏مستحدث فى علم‎ ‎القانون، ويخالف كل الأعراف القضائية‎.‎

ويراهن القضاة المناوئون لتعيين المرأة على الجمعية العمومية‎ ‎للمستشارين فى وقف ‏القرار، وأكـد المستشار «يحيى راغب دكرورى» رئيس نادى مجلس الدولة،‎ ‎أن ‏الجمعية العمومية هى السلطة الأعلى وهى المرجعية الأخيرة فى جميع القرارات‎ ‎المهمة والشؤون العليا لمجلس الدولة، فهى التى تختار رئيس المجلس نفسه، وهى ‏التى‎ ‎توافق على ترقيات نواب الرئيس والوكلاء والمستشارين، وغيرها من الأمور ‏المهمة‎.‎

وأشار «دكرورى»، الذى يشغل أيضا نائب رئيس مجلس الدولة، إلى أن تعيين‎ ‎المرأة «قاضية» يخالف الشرع، كما يخالف الدستور، وتساءل: «كيف نترك إجماع ‏الفقهاء‎ ‎بعدم جواز تولى المرأة القضاء، ونأخذ برأي الحنفية الذين أجازوا لها ذلك في ‏غير‎ ‎الحدود والقصاص؟‎.‎

وأضاف «دكرورى» أن تولى المرأة القضاء يضعنا فى مسائل شائكة مثل‎ ‎الخلوة ‏غير الشرعية داخل غرف المداولة، كما يتناقض مع مبادئ المساواة والمواطنة‎ ‎بالنظر إلى الحقوق الدستورية التى تحصل عليها المرأة، ومنها إجازات الوضع ‏ورعاية‎ ‎الطفل وغيرها، والتى لا يتمتع بها القضاة الرجال‎.‎

وأكد أن وجود قاضية على المنصة وهى حامل، سيؤثر على هيبة القضاء‎ ‎ومظهر ‏القضاة عند الناس، كما أن وضعها لطفلها قد يؤثر على سير الدعاوى القضائية‎ ‎التى ‏تنظرها‎.‎

فى المقابل، يراهن القضاة المؤيدون لتعيين المرأة فى القضاء، على قوة‎ ‎ومكانة ‏‏«الحسينى» داخل المجلس، فى حسم تلك الأزمة، ومن ناحية أخرى‏‎ ‎على تطور ‏وتغير المجتمع وهو ما سيؤدى إلى تعيين المرأة قاضية فى نهاية المطاف أسوة‎ ‎بما ‏حدث فى القضاء العادى عام 2007، كما يرى هذا التيار أنه لا يوجد فى الدستور أو‎ ‎القانون أو الشريعة الإسلامية ما يمنع تولى المرأة منصب القضاء، بل ويؤكدون أن ‏ما‎ ‎يحدث داخل المجلس من رفض تعيين المرأة فى القضاء هو تعد على الحقوق ‏الدستورية‎ ‎العامة والمواثيق الدولية فضلا عن الاختصاصات القانونية للمجلس ‏الخاص، وإهدار‎ ‎للمراكز القانونية للمتقدمات اللاتى تنطبق عليهن الشروط وتقررت ‏صلاحيتهن للعمل‎ ‎القضائى، ويذهب هذا التيار إلى أن شرط الذكورة لتولى القضاء ‏غير صحيح، لأن المرأة‎ ‎يجوز أن تكون مفتية، وكذلك يجوز أن تكون قاضية، وأدلة ‏هذا الرأى أن الأصل فى‎ ‎الأشياء الإباحة، كما أن الخلوة غير الشرعية والحمل ‏والولادة كل هذه الأمور مردود‎ ‎عليها ولا تنال من المرأة أو هيبة القضاء، وأكدوا أن ‏القول بعدم قبول المجتمع لهذا‎ ‎الوضع الجديد أمر مردود عليه بأن المجتمع تقبّل من ‏قبل تولى المرأة مناصب رفيعة عدة‎ ‎كالوزيرة والسفيرة