شبعنا «مليونيات» وسئمناها.. تجرعنا وطنيات وعنتريات.. أغطشنا نهارنا وسودنا سماءنا! فهل أفقنا وانتفضنا من تواهاتنا وضياعنا، وانتبهنا لمصدر وجودنا.. (نيلنا)؟.. لقد جربنا وعركنا كل تجمع سياسى وإنقاذى، وما وصلنا لشىء سوى نسيان بلدنا، وتعرينا أمام العالم، سمعة وتاريخا وكيانا!..
تهنا بين جبهات تمرد وتجرد ولم تعد مصر كما يظن البعض لا فجر الحضارة ولا ضمير الإنسانية ولا محررة أفريقيا، ولا «هبة النيل»!.. تكالبنا على أنفسنا فتكالب علينا الآخرون، حتى جيراننا أشقاؤنا من شربنا معهم من مصدر واحد ونيل واحد، دول حوض النيل، فإذا كانت مصر هبة النيل فها هو النيل يوشك أن يضيع منا، شريان الحياة ومصدرها أوشك أن يضمحل!.. ودونه لا كانت مصر ولا كان المصريون، ولا بشر ولا زرع، ولا ضرع لا قدر الله.. «روحنا» تنزع منا ونحن نتعافر ونتشاجر ونتعارك. فهلا أفقنا وانتبهنا لما يحاك لنا، ويحاك «بنيلنا» مصدر حياتنا!.. تعالوا نصحو وننهض وننحى جانباً تمرد وتجرد، فنتمرد على غفوتنا وننشط صحوتنا وننعش إفاقتنا، فيعود لنا عقلنا وفكرنا وانتباهنا!.. ولا كان تمرد ولا 30 يونيو، ولا كان تجرد ولا 21 يونيو، إن لم يكن كل همنا وشغلنا هو «النيل» واهب الحياة ومنشئ مصر أمنا جميعاً.
مصر «هبة النيل» تحتاج منا اليوم تضافراً قوياً، وتماسكاً عفياً، والتفرغ لبنائها والسعى بكل ما أوتينا من قوة وعزم، وروح وطاقة «نيلنا» هو كل قلب ينبض وكل عرق ينفض فلا كنا ولا كانت مصر إذ لم يكن «نيلنا» شامخاً أبياً مستمراً دائم العطاء مأمول الرخاء.
هيا بنا نعمل الفكر ونرشد العقل، فنشكل «لجنة وطنية عليا» لتدير الأزمة.. لجنة مختارة تضم أبرز متخصصينا وخبرائنا، وأبرز مفكرينا وحكمائنا، لها كل السلطات والاختصاصات والصلاحيات ذات مهام واضحة تدرس وتدير الأزمة، والتفاهم مع الأشقاء لضمان حقوقنا ومصالحنا على أسس علمية واقعية وموضوعية مستقرة ودائمة مع التأكيد على الروابط والعلاقات المصلحية المشتركة بيننا وبين أفريقيا التى تعيش أمل الصحوة ودول حوض النيل خاصة، وأولها إثيوبيا الجار فى المنبع والمصير.
فمصر أولاً، والنيل أولاً وثانياً، وكل منا بمختلف توجهاته وانتماءاته عشنا على أرضها وشربنا من نيلها وتنسمنا هواءها، وأكلنا زرعها، ورضعنا ضرعها ونيلها فلا أقل من أن نذود عنها ونموت إخلاصاً لها و«لنيلنا».
د. ممتاز- الجيزة